ثياب العيد للحسنين عليهما السلام
219 ـ مدينة المعاجز: أبو عبدالله المفيد النيسابوري في أماليه: قال: قال الرضا (عليه السلام)، عرى الحسن والحسين وقد أدركهما العيد، فقالا لاُمّهما فاطمة: يا أمّاه قد تزيّن صبيان المدينة إلاّ نحن، فما لك لا تزينيننا بشيء من الثياب، فها نحن عرايا كماترين.
فقالت لهما: يا قرّة عينيّ أنّ ثيابكما عند الخياط، فإذا خاطهما وأتاني بهما زينّتكما بها يوم العيد ـ تريد بذلك تطييب قلوبهما ـ فلمّا كان ليلة العيد اعادا القول على امّهما وقالا: يا امّاه الليلة ليلة العيد.
فبكت فاطمة رحمة لهما وقالت: يا قرّتا عيني طيبا نفسا إذا أتاني الخياط زيّنتكما إن شاء الله تعالى.
قال: فلمّا مضى وهن(1) من الليل وكان ليلة العيد إذ قرع الباب قارع.
فقالت فاطمة: من هذا؟ فناداها: يا بنت رسول الله افتحي الباب أنا الخيّاط قد جئت بثياب الحسن والحسين فقامت فاطمة، ففتحت الباب، فإذا هو رجل لم ترَ أهيب منه شيمة وأطيب منه رائحة، فناولها منديلا مشدوداً، ثمّ انصرف لشأنه.
فدخلت فاطمة وفتحت المنديل، فإذا فيه قميصان ودرّاعتان وسروالان ورداءان وعمامتان وخفان، فسرّت فاطمة بذلك سروراً عظيماً.
فلمّا استيقظ الحسنان البستهما وزيّنتهما بأحسن زينة، فدخل النبيّ (صلى الله عليه وآله) عليهما يوم العيد وهما مزّينان، فقبلّهما، وهنأهما بالعيد، وحملهما على كتفيه ومشى بهما إلى امّهما ثمّ قال: يا فاطمة رأيت الخياط الّذي أعطاك الثياب؟ هل
____________
1 ـ وهن من الليل: وقت من اوله.
قالت: لا والله لست اعرفه ولست أعلم أن لي ثياباً عند الخياط والله ورسوله أعلم بذلك.
فقال: يا فاطمة ليس هو خياط وإنّما هو رضوان خازن الجنان والثياب من الجنّة أخبرني بذلك جبرائيل عن ربّ العالمين(1).
220 ـ بحار الانوار: روي في المراسيل أنّ الحسن والحسين عليهما السلام كان عليهما
____________
1 ـ مدينة المعاجز: 199 و226، وقد روى أيضاً الثقات الأخيار في: 199 أنّ الحسن والحسين دخلا يوم عيد إلى حجر جدّهما رسول الله، فقالا: يا جدّنا اليوم يوم العيد وقد تزيّن اولاد العرب بالوان اللباس ولبسوا جديد الثياب، وليس لنا ثوب جديد وقد توجهنا لجنابك لنا خذ عيديتنا منك ولا نريد سوى ثياب نلبسها. فتأمّل النبيّ وبكى ولم يكن عنده في البيت ثياب تليق بهما ولا رأى أن يمنعهما فيكسر خاطرهما، فتوجه إلى الأحدية وعرض الحال إلى الحضرة الصمدية وقال: إلهي اجبر قلبهما وقلب اُمهما. فنزل جبرائيل من السماء في تلك الحال ومعه حلّتان بيضاوان من حلل الجنّة، فسّر النبيّ (صلى الله عليه وآله) بذلك وقال لهما: يا سيّدي شباب أهل الجنّة، ها كما أثوابكما خاطهما لكما خياط القدرة على قدر طولكما اتتكما مخيطة من عالم الغيب، فلما رايا الخلع بيضا، قالا: يا رسول الله كيف هذا وجميع صبيان العرب لا بسون ألوان الثياب. فاطرق النبيّ ساعة يفكر في أمرهما، فقال جبرائيل: يا محمّد طب نفسا وقرّ عينا أن صانع صبغة الله يقضي لهما هذا الأمر ويفرح قلبهما بأيّ لون شاء، فأمر يا محمّد باحضار الطشت والإبريق، فأحضره. فقال جبرائيل: يا رسول الله أنا اصب على هذا الخلع وأنت تفركهما بيدك، فتصبغ بأيّ لون شاء، فوضع النبيّ (صلى الله عليه وآله) حلّة الحسن في الطشت، فأخذ جبرائيل يصب الماء ثمّ أقبل النبيّ على الحسن وقال: يا قرّة عيني بأيّ لون تريد حلّتك؟ فقال اُريدها خضراء، فحركها النبيّ بيده في ذلك الماء، فأخذت بقدرة الله لونا اخضر، فائقاً كالزبرجد الأخضر، فأخرجها النبيّ (صلى الله عليه وآله) وأعطاها الحسن، فلبسها. ثمّ وضع حلّة الحسين في الطشت ـ وكان له من العمر خمس سنين ـ وقال له: يا قرّة عيني أي لون تريد حلّتك؟ فقال الحسين: يا جدّاه اريد ان تكون حمراء، ففركها النبيّ (صلى الله عليه وآله) بيده في ذلك الماء، فصار لونها أحمراً قانيا كالياقوت الأحمر. فلبسها الحسين. فسرّ النبيّ بذلك وتوجّه الحسن والحسين إلى اُمّهما فرحين مسرورين، فبكى جبرائيل لما شاهد تلك الحال. فقال النبيّ: يا أخي جبرائيل في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي وتحزن؟!، فبالله عليك لما اخبرتني لم حزنت؟ فقال جبرئيل: إعلم يا رسول الله إنّ الله اختار لابنيك على اختلاف اللون، فلا بد للحسن أن يسقوه السمّ ويحضر لون جسده من عظم السم، ولا بدّ للحسين أن يقتلوه ويذبحوه ويخضب بدنه من دمه، فبكى النبيّ (صلى الله عليه وآله) وزاد حزنه لذلك.
فقالت: يخاط لكما إن شاء الله.
فلما أن جاء العيد جاء جبرئيل بقميصين من حلل الجنّة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): ما هذا يا أخي جبرئيل؟ فأخبره بقول الحسن والحسين لفاطمة، وبقول فاطمة: يخاط لكما إن شاء الله.
ثمّ قال جبرئيل: قال الله تعالى لما سمع قولها: لا نستحسن إن تكذّب فاطمة بقولها: يخاط كما إن شاء الله(1).
جوار الحسنين عليهما السلام
221 ـ مناقب ابن شهرآشوب: قال في حديثه عن فتح مكّة: قال أبان وحدّثني عيسى بن عبدالله القمي، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: لما انتهى الخبر ألى أبي سفيان وهو بالشام بما صنعت قريش بخزاعة أقبل حتّى دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: يا محمّد احقن دم قومك واجر(2) بين قريش وزدنا في المدّة قال: اغدرتم يا أبا سفيان؟ قال: لا. قال: فنحن على ما كنّا عليه، (فساق الحديث إلى أن قال:) ثمّ خرج، فدخل على فاطمة (عليها السلام)، فقال: يا بنت سيّد العرب تجيرين بين قريش وتزيدين في المدّة فتكونين اكرم سيّدة في الناس.
قالت: جواري في جوار رسول الله.
قال: فتأمرين ابنيك ان يجيرا بين الناس؟
____________
1 ـ بحار الأنوار 43:75 والعوالم 11:91.
2 ـ الجوار هو أن ينقذ الانسان احداً من القتل باعطائه الامان.
222 ـ روى الشيخ المفيد في الإرشاد: عند ذكره لما جرى بين الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) وإبي سفيان فقال في حديثه: فالتفت أبو سفيان، إلى فاطمة (عليها السلام)، فقال لها: يا بنت محمّد (صلى الله عليه وآله) هل لك أن تأمري ابنيك ان يجيرا بين الناس، فيكونا سيّدا العرب إلى آخر الدهر. فقال: ما بلغ ابناي(2) ان يجيرا بين الناس، وما يجير أحد على رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فتحيّر أبو سفيان واسقط في يديه(3)(4).
الحكم بين الحسنين عليهما السلام
223 ـ قال المجلسي في البحار: وروي في المراسيل: أنّ الحسن والحسين كانا يكتبان، فقال الحسن للحسين: خطّي أحسن من خطّك.
وقال الحسين: لا، بل خطّى احسن من خطّك.
فقالا لفاطمة: احكمي بيننا؟ فكرهت فاطمة أن تؤذي احدهما، فقالت لهما: سلا أباكما، فسألاه فكره أن يؤذي احدهما، فقال: سلا جدكما رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقال (صلى الله عليه وآله): لا أحكم بينكما حتّى أسأل جبرئيل، فلما جاء جبرئيل قال: لا أحكم بينهما ولكن اسرافيل يحكم بينهما، فقال اسرافيل: لا أحكم بينهما ولكن أسأل الله أن يحكم بينهما، فسأل الله ذلك، فقال تعالى: لا أحكم بينهما ولكن اُمّهما فاطمة تحكم بينهما.
____________
1 ـ المناقب 1:177 وعنه بحار الأنوار 21:126.
2 ـ كذا في نسخة ـ كما في هامش البحار ـ وفي المتن: ما بلغ بنيّاي.
3 ـ اسقط في يديه، عبارة تعني: ندم وتحيّر.
4 ـ ارشاد المفيد: 66 ـ 68.
عوذة الحسين (عليه السلام)
224 ـ مستدرك الوسائل: عن القطب الراوندي في لبّ الألباب: قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): اعتلّ الحسين (عليه السلام)، فأحتملته فاطمة (عليها السلام)، فأتت النبيّ (صلى الله عليه وآله).
فقالت: يا رسول الله ادع الله لإبنك أن يشفيه، إنّ الله هو الّذي وهبه لك وهو قادر على أن يشفيه.
فهبط جبرئيل (عليه السلام)، فقال: يا محمّد إنّ الله تعالى جدّه لم ينزل عليك سورة من القرآن إلاّ فيها فاء وكلّ فاء من آفة ما خلا الحمد، فإنّه ليس فيها فاء، فادع بقدح من ماء، فأقرء عليه الحمد اربعين مرّة، ثمّ صبّ عليه، فإنّ الله يشفيه، ففعل ذلك، فعوفي باذن الله(2).
ما روته عليهما السلام في إمامة الأئمّة (عليهم السلام) وعددهم
225 ـ كفاية الأثر: عن عليّ بن الحسن عن محمّد، عن أبيه عن عليّ بن قابوس القمّي بقم، عن محمّد بن الحسن عن يونس بن ظبيان عن جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ (عليهم السلام)، قال: قالت لي اُمّي فاطمة عليهما السلام: لمّا ولدتك دخل إليّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فناولتك ايّاه
____________
1 ـ بحار الأنوار 43:309.
2 ـ مستدرك الوسائل 1:300.
قلت: وقد مضى حديثاً فيه تعويز الحسين فيما سبق.
226 ـ كفاية الأثر: عن محمّد بن عبدالله بن المطلب، عن عبيد الله بن الحسين النصيبي، عن أبي العيناء، عن يعقوب بن محمّد بن عليّ بن عبدالمهيمن، عن عباس بن سهل الساعدي، عن أبيه، قال: سألت فاطمة صلوات الله عليها عن الأئمّة (عليهم السلام)، فقالت:
سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: الائمّة بعدي عدد نقباء بني اسرائيل(2).
227 ـ كفاية الأثر: الحسين بن عليّ، عن هارون بن موسى، عن محمّد اسماعيل الفزاري، عن عبدالله بن صالح ـ كاتب الليث ـ، عن رشد بن سعد عن الحسن بن يوسف الأنصاري، عن سهل بن سعد الأنصاري، قال: سألت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الائمّة؟
فقالت: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول لعليّ (عليه السلام): يا عليّ أنت الإمام والخليفة بعدي، وأنت اولى بالمؤمنين من انفسهم، فإذا مضيت، فالحسن اولى بالمؤمنين من انفسهم، فإذا مضى الحسن، فالحسين اولى بالمؤمنين من انفسهم، فإذا مضى الحسين، فابنه عليّ اولى بالمؤمنين من أنفسهم، فإذا مضى عليّ، فابنه محمّد اولى المؤمنين من انفسهم، فإذا مضى محمّد، فابنه جعفر اولى بالمؤمنين من انفسهم، فإذا
____________
1 ـ كفاية الأثر:196، وعنه بحار الأنوار 36:352، وعوالم العلوم ح11:199، ونقل معناه في:351 عن البحار، وفي العوالم 15:3 و195.
2 ـ كفاية الأثر: 197، وعنه بحار الأنوار 36:353، وعوالم العلوم 15 ـ القسم الثالث ـ: 197.
228 ـ الإختصاص: حدّثنا محمّد معقل، قال: حدّثنا أبي، عن عبدالله بن جعفر الحميري عند قبر الحسين (عليه السلام) في الحائر سنة ثمان وتسعين ومأتين ـ قال: حدّثنا الحسن بن ظريف بن ناصح، عن بكر بن صالح، عن عبدالرحمن بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أبي محمّد لجابر بن عبدالله الأنصاري: إنّ لي إليك حاجة، فمتى يخفّ عليك ان أخلو بك، فاسألك عنها؟
قال له جابر: في أيّ وقت شئت يا سيّدي.
فخلا بأبي في بعض الأيام، فقال له: يا جابر أخبرني عن اللّوح الّذي رأيته في يدي امّي فاطمة صلوات الله عليها، وما اخبرتك امّي إنّه مكتوب في اللّوح؟
فقال جابر: اشهد بالله إنّي دخلت على فاطمة اُمّك صلوات الله عليها في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فهنّئتها بولادة الحسين (عليه السلام)، فرأيت في يدها لوحاً أخضر، فظننت إنّه من زمّرد، ورأيت فيه كتاباً أبيض شبيه نور الشمس، فقلت لها: بأبي أنت واُمّي ما هذا اللوح؟
____________
1 ـ كفاية الأثر: 26، وعنه بحار الأنوار 36:351 وناسخ التواريخ احوالات الامام الحسين (عليه السلام) 1:116، وإثبات الهداة 2:551: وغاية المرام: 60.
قال جابر: فأعطتنيه اُمّك، فقرأته واستنسخته.
فقال أبي (عليه السلام)، فهل لك يا جابر أن تعرضه عليّ؟ قال: نعم.
فمشى معه أبي حتّى أتى منزل جابر، فأخرج أبي من كمّه صحيفة رقّ، فقال: يا جابر انظر في كتابك لا قرأ أنا عليك، فنظر في نسخته، فقرأه عليه أبي، فما خالف حرف حرفاً.
فقال جابر: اُشهد بالله انّي كذا رأيته في اللّوح مكتوباً(1).
قال المؤلّف: قال المجلسي بعد ذكر حديث في هذا المعنى في البحار 36:198 (بيان) وفي رواية الكليني والنعماني والشيخ والطبرسي بعد قوله "من رقّ" زيادة: "فقال" يا جابر انظر في كتابك لأقرأ عليك، فنظر جابر في نسخته، فقرأه أبي، فما خالف حرف حرفاً، فقال جابر "فاشهد بالله... الخ".
وروى مثل ذلك في الإختصاص: 210، وعنه غاية المرام ص40 و160 و181 وفي ص64 زيادة ما يلي، فقال جابر إنّي أشهد بالله إنّي هكذا رأيته في اللوح مكتوباً: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب... الخ(2).
____________
1 ـ الاختصاص: 210.
2 ـ قال المؤلّف: وفي الوسائل 11:490، وإكمال الدين: 178 عن محمّد بن ابراهيم الطالقاني، عن الحسين بن اسماعيل القطان، عن عبدالله بن محمّد، عن محمّد بن عبدالرحمن، عن محمّد بن سعيد، عن العباس بن أبي عمرو، عن صدقة بن أبي موسى، عن أبي نضرة، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن جابر بن عبدالله، عن فاطمة (عليها السلام): إنّه وجد معها صحيفة من درّة فيها أسماء الأئمّة من ولدها، فقراها (إلى أن قال) أبوالقاسم محمد ابن الحسن حجّة الله على خلقه القائم اُمّه جارية اسمها: نرجس.
وروى المجلسي في البحار 36:352، عن كفاية الأثر هذا الحديث بسند آخر عن عليّ بن الحسن، قال: حدّثنا محمّد بن الحسين الكوفي، قال: حدّثنا ميسرة بن عبدالله، قال: حدّثنا أبوبكر عبدالله بن محمّد بن عبدالله القرشي، قال: حدّثنا محمّد بن سعد ـ صاحب الواقدي ـ، قال: حدّثنا محمّد بن عمر الواقدي، عن أبي هارون، عن أبي جعفر محمّد بن عليّ (عليه السلام)، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: دخلت على فاطمة وفي يدها لوح من زمرد أخضر... وذكر الحديث.
قال جابر: اشهد بالله لقد دخلت على فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لاُهنئها بولدها الحسين (عليه السلام)، فإذا بيدها لوح اخضر من زبرجد خضراء فيه كتاب أنور من الشمس وأطيب رائحة من المسك الأذفر، فقلت: ما هذا يا بنت رسول الله؟
فقالت: هذا لوح اهداه الله عزّ وجلّ إلى أبي فيه اسم أبي واسم بعلي واسم الأوصياء بعدي من ولدي فسألتها ان تدفعه إليّ لأنسخه ففعلت.
فقال له فهل لك أن تعارضني بها(1)؟ قال: نعم، فمضى جابر إلى منزله، وأتى بصحيفة من كاغذ، فقال له: انظر في صحيفتك حتّى أقرأها عليك، فكان في صحيفته مكتوباً: بسم الله الرّحمن الرحيم، هذا كتاب من الله العزيز العليم، انزله الروح الأمين إلى محمّد خاتم النبيّين: يا محمّد عظم أسمائي اشكر نعمائي ولا تجحد آلائي ولا ترج سواي ولا تخش غيري، فإنّ من يرج سواي ويخش غيري اعذّبه عذاباً لا اُعذّبه
____________
1 ـ في المصدر: ان تتعارضني بها، والمعارضة ـ هنا ـ:، المقابلة كما يظهر من سياق الحديث.
230 ـ كمال الدين وعيون الأخبار: الطالقاني، عن الحسن بن اسماعيل، عن سعيد بن محمّد بن نصر القطّان، عن عبيد الله محمّد السلمي، عن محمّد بن عبدالرحيم، عن محمّد بن سعيد بن محمّد، عن العباسي بن أبي عمرو، عن صدقة بن أبي موسى، عن أبي نضرة، قال: لمّا احتضر أبو جعفر محمّد بن عليّ الباقر (عليه السلام) عند الوفاة دعا بابنه الصادق (عليه السلام) ليعهد إليه عهداً، فقال له اخوه زيد بن عليّ: لو امتثلت فيّ بمثال الحسن والحسين لرجوت أن لا تكون اتيت منكراً، فقال: يا أبا الحسين إنّ الأمانات ليست بالمثال ولا العهود بالرسوم وإنّما هي اُمور سابقة عن
____________
1 ـ الظاهر وجد سقط هنا والصحيح: يدفن الى جانب شرّ خلق الله.
2 ـ بحار الأنوار 36:202 عن أمالي الشيخ: 182، وانظر كفاية الأثر: ص194، وفي غاية المرام:40 عن الحمويني.
فقال له جابر: نعم يا با جعفر دخلت على مولاتي فاطمة بنت محمّد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأهنئها بمولد الحسين(1) (عليه السلام)، فإذا بيدها صحيفة بيضاء من درّة، فقلت: يا سيّدة النّسوان، ما هذا الصحيفة الّتي أراها معك؟
قالت: فيها أسماء الأئمّة من ولدي.
قلت لها: ناوليني لانظر فيها.
قالت: يا جابر لولا النهي لكنت أفعل لكنّه قد نهى أن يمسّها إلاّ نبيّ او وصيّ نبيّ أو أهل بيت نبيّ، ولكنّه مأذون لك ان تنظر إلى باطنها من ظاهرها.
قال جابر: فقرأت، فإذا: "أبو القاسم محمّد بن عبدالله المصطفى اُمّه آمنة [بنت وهب](2)، أبو الحسن علي بن أبي طالب المرتضى اُمّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، أبو محمّد الحسن بن عليّ البر، ابو عبدالله الحسين بن عليّ التقيّ، اُمّهما فاطمة بنت محمّد، أبو محمّد، اُمّه شهربانويه بنت يزدجرد [ابن شاهنشاه](3) ابو جعفر محمد بن عليّ الباقر، أمّه اُمّ عبدالله بنت الحسن بن عليّ بن أبي طالب، أبو عبدالله جعفر بن محمّد الصادق، اُمّه ام فروة بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر، أبو ابراهيم موسى بن جعفر اُمّه، جارية اسمها حميدة، أبو الحسن علىّ بن موسى الرضا اُمّه جارية واسمها نجمة ابو جعفر محمّد بن علي الزكي، أمّه جارية اسمها خيزران، أبو الحسن، علي بن محمّد الأمين، اُمّه جارية اسمها سوسن، أبو
____________
1 ـ كذا في الأصل، وفي البحار: الحسن (عليه السلام).
2 و3 ـ ما بين المعقوفين غير موجود في البحار وعيون الأخبار.
قال الصدوق(رحمه الله): جاء هذا الحديث هكذا بتسمية القائم (عليه السلام) والّذي أذهب اليه: النهي عن تسميته(1).
231 ـ كمال الدين وعيون الأخبار: أبي وابن الوليد ـ معاً ـ، عن سعد والحميري ـ معاً ـ، عن صالح بن أبي حماد والحسن ظريف معاً ـ، عن بكر بن صالح، وحدّثنا أبي وابن المتوكّل وما جيلويه وأحمد بن عليّ، بن ابراهيم وابن ناتانة والهمداني رضيّ الله عنهم جميعاً، عن عليّ، عن أبيه، عن بكر بن صالح، عن عبدالرحمن بن سالم، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: قال أبي لجابر بن عبدالله الأنصاري: إنّ لي إليك حاجّة، فمتى يخف عليك أن اخلو بك، فأسألك عنها؟
قال له جابر: في أيّ الأوقات شئت، فخلا به أبي (عليه السلام)، فقال له يا جابر أخبرني عن اللوح الّذي رأيته في يدي اُمّي فاطمة بنت رسول الله، وما أخبرتك به اُمّي أن في ذلك اللوح مكتوباً قال جابر: اشهد بالله أني دخلت على اُمّك فاطمة في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) اهنئها بولادة الحسين (عليه السلام)، فرأيت في يدها لوحاً أخضر ظننت إنّه زمرّد ورأيت فيه كتاباً أبيضاً شبه نور الشمس، فقلت لها: بأبي أنت واُمّي يا بنت رسول الله
____________
1 ـ كمال الدين: 178، وعيون الاخبار: 24 و25، بحار الأنوار 36:193 ورواه المجلسي(رحمه الله)عن الإحتجاج ـ أيضاً ـ عن صدقة بن أبي موسى. ورواه البحراني في غاية المرام: 41 و161، وعن الحمويني باسناده إلى أبي جعفر بن بابويه، وكذا رواه بسند آخر في غاية المرام: 64 مع اختلاف يسير عن ابن بابويه في كمال الدين.
فقالت: هذا اللوح اهداه الله عزّ وجلّ إلى رسوله، فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابنيّ وأسماء الأوصياء من ولدي، فأعطانيه أبي ليسّرني بذلك.
قال جابر: فأعطتنيه اُمّك فاطمة، فقرأته واستنسخته.
فقال أبي (عليه السلام): فهل لك يا جابر أن تعرضّه عليّ؟
فقال: نعم، فمشى معه أبي (عليه السلام) حتّى انتهى إلى منزل جابر، فأخرج إلى أبي صحيفة من رقّ قال جابر: فاشهد بالله إنّي هكذا رأيته في اللوح مكتوباً: "بسم الله الرحمن الرّحيم هذا كتاب من الله العزيز الحكيم العليم لمحمّد نوره وسفيره وحجابه ودليله نزل به الروح الأمين من عند ربّ العالمين عظّم يا محمّد أسمائي واشكر نعمائي ولا تجحد آلائي إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا قاصم الجبّارين ومذلّ الظالمين وديّان الدّين، إنّي أنا الله لا إله إلاّ أنا، فمن رجا غير فضلي او خاف غير عدلي عذبته عذاباً لا اُعذّبه أحداً من العالمين، فإيّاي، فاعبد وعليّ إنّي لم أبعث نبيّاً، فأكملت أيامه وانقضت مدّته إلاّ جعلت له وصيّاً، فتوكّل.
إنّي فضلتك على الأنبياء، وفضلت وصيك على الاوصياء، واكرمتك بشبليك بعده، وبسبطيك حسن وحسين، فجعلت حسناً معدن علمي بعد انقضاء مدّة أبيه، وجعلت حسيناً خازن وحيي واكرمته بالشهادة وختمت له بالسعادة، فهو افضل من استشهد وارفع الشهداء درجة، جعلت كلمتي التامّة معه، والحجّة البالغة عنده، بعترته اثيب واعاقب.
اوّلهم: عليّ سيّد العابدين وزين اولياء الماضين.
وابنه شبيه جدّه المحمود محمّد الباقر لعلمي والمعدن لحكمي.
انتجبت بعده موسى وانتجبت بعده فتنة عمياء حندس(1) لانّ خيط فرضي لا ينقطع وحجّتي لا تخفى وإنّ اوليائي لا يشقون، ألاّ ومن جحد واحداً منهم، فقد جحد نعمتي، ومن غيّر آية من كتابي، فقد افترى عليّ.
وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدّة عبدي موسى وحبيي وخيرتي، ان المكذّب بالثامن مكذّب بكلّ اوليائي، وعليّ وليي وناصري، ومن اضع عليه اعباء النبوّة وامنحه بالاضطلاع بها يقتله عفريت مستكبر، يدفن بالمدينة الّتي بناها العبد الصالح إلى جنب شرّ خلقي.
حقّ القول منّي لاُقرنّ عينه بمحمّد ابنه وخليفته من بعده، فهو وارث علمي ومعدن حكمي وموضع سرّي وحجّتي على خلقي، جعلت الجنّة مثواه وشفعته في سبعين الفا من اهل بيته كلّهم قد استوجبوا النار.
واختم بالسعادة لابنه على ولي وناصري والشاهد في خلقي واميني على وحيي.
اخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن.
ثمّ اكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين، عليه كمال موسى، وبهاء عيسى، وصبر أيّوب سيذلّ اوليائي في زمانه ويتهادون رؤوسهم كما تهادى رؤوس الترك والديلم، فيقتلون ويحرقون ويكونوا خائفين مرعوبين وجلين تصبغ الأرض بدمائهم ويفشو الويل والرنين في نسائهم.
____________
1 ـ الفتنة الحندس: أي الظلماء.
قال عبدالرحمن بن سالم: قال ابو بصير: لو لم تسمع في دهرك إلاّ هذا الحديث لكفاك، فصنه إلاّ عن اهله(1).
قال المؤلف: وفي البحار ما يلي: وفي الإحتجاج للطبرسي ص41 و42: عن أبي بصير(مثله).
الاختصاص ص210 ـ 212: عن محمّد بن معقل القرميسيني، عن عبدالله بن جعفر الحميري، عن الحسين بن طريف، عن بكر بن صالح.
وعن كتاب الغيبة للطوسي ص101 ـ 103: جماعة، عن محمّد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن ادريس والحميري معا، عن صالح بن أبي حمّاد، والحسن بن طريف معاً، عن بكر بن صالح، عن عبدالرحمن بن سالم، عن أبي بصير (مثله).
وفي كتاب الغيبة للنعماني ص29 ـ 31: عن موسى بن محمّد القميّ وابي القاسم، عن سعد بن عبدالله، عن بكر بن صالح (مثله)(2).
232 ـ بحار الأنوار: عن ابن شاذويه والفاميّ ـ معاً ـ، عن محمّد الحميري، عن أبيه، عن الفزاري، عن مالك السلوليّ، عن درست، عن عبدالحميد، عن عبدالله ابن القاسم، عن عبدالله بن جبلة، عن أبي السفاتج، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر
____________
1 ـ كمال الدين: 179 و180، وعيون الاخبار: 25 و27، في غاية المرام: 64، وذكره باسانيد اُخرى في: 4 و160 و181، وقال: حديث اللوح متكرر بالاسانيد الكثيرة مشهور بين العلماء مستفيض الرواية وقد ذكره الحمويني وهو أحد أعيان علماء العامة.
2 ـ عن المصادر المذكورة ـ جميعاً ـ بحار الأنوار 36: 195 ـ 198.
قالت: هذه اسماء الأوصياء، اوّلهم، ابن عمّي واحد عشر من ولدي، آخرهم القائم.
قال جابر: فرأيت فيها محمّداً محمّداً محمّداً ـ في ثلاثة مواضع ـ، وعليّاً عليّاً عليّاً عليّاً ـ في اربعة مواضع ـ (1).
قال المؤلّف: وفي غاية المرام ص41: الحمويني باسناده عن أبي جعفر بن بابويه، قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار، قال حدّثنا أبي، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن محبوب، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن جابر، عن جابر بن عبدالله الأنصاري، قال: دخلت على فاطمة (عليها السلام) وبين يديها لوح فيه أسماء الأوصياء، فعددت اثنى عشر آخرهم القائم ثلاثة منهم محمّد واربعة منهم عليّ صلوات الله عليهم(2).
____________
1 ـ بحار الأنوار 36:201، عن كمال الدين: 181، وعيون الأخبار: 28، واعلام الورى: 373 و.374 2 ـ غاية المرام: 41.