التالي

السابق

ظلامات فاطمة الزهراء عليها السلام ـ ط 4

 

 

 

الصفحة 131

فكأنّما زلزلت الأرض تحت هذا الجمع الباغي، من رهبة النّداء. وراحت الزّهراء وهي تستقبل المثوى الطّاهر، تستنجد بهذا الغائب الحاضر: «يا أبت [يا] رسول الله!! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب، وابن أبي قحافة»؟!

فما تركت كلماتها إلاّ قلوباً صدّعها الحزن، وعيوناً جرت دمعاً، ورجالاً ودّوا لو استطاعوا أن يشقّوا مواطئ أقدامهم، ليذهبوا في طوايا الثّرى مُغيّبين!!(1)

 13- رسالة فضل أهل البيت [ (عليهم السلام) ] وحقوقهم لابن تيميّة(2).

قال ـ في معرض حديثه وتعريفه لمصاب شهادة سيّد الشّهداء الإمام الحُسين (عليه السلام) يوم عاشوراء:.. وأنّها مُصيبة عُظمى سيبقى التّاريخ يُردّدها، ومن ذلك أنّ اليوم الذي هو يوم عاشوراء، الذي أكرم الله فيه سبط نبيّه، وأحد سيّديّ شباب أهل الجنّة بالشّهادة على أيدي من قتله من الفجرة الأشقياء، وكان ذلك مُصيبة عظيمة من أعظم المصائب الواقعة في الإسلام. وقد روى الإمام أحمد وغيره، عن فاطمة بنت الحُسين، وقد كانت شهدت مصرع أبيها، عن أبيها الحُسين بن عليّ [ (عليهما السلام)]، عن جدّه رسول الله[ (صلى الله عليه وآله) ] أنّه قال:

ــــــــــــــــــــــــ

(1) المجموعة الكاملة ـ الإمام عليّ بن أبي طالب ـ: 1 / 190.

(2) هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السّلام بن تيمية الحرّاني، ثمّ الدّمشقي، الحنبلي، ولد في 10 ربيع الأوّل ـ وقيل غير ذلك ـ بحرّان سنة 661هـ، وقدم مع والده وأهله إلى دمشق وهو صغير. حدّث بدمشق ومصر والثغر، وحبس بقلعة القاهرة والإسكندرية، وبقلعة دمشق مرّتين، وتوفى بها في 20 ذي القعدة سنة 728، ودفن بمقابر الصّوفيّة. ترجم له كحالة في مُعجم المؤلفين: 1 / 163 رقم 1216.


الصفحة 132

«ما من رجل يُصاب بمصيبة فيذكر مصيبته وإن قدمت، فيحدث لها إسترجاعاً، إلا أعطاه الله من الأجر مثل أجره يوم اُصيب بها»(1). فقد علم الله أنّ مثل هذه المصيبة العظيمة سيتجدّد ذكرها مع تقادم العهد، فكان من محاسن الإسلام أن روى هذا الحديث صاحب المصيبة والمصاب به أوّلاً، ولا ريب أنّ ذلك إنّما فعله الله كرامة للحُسين [ (عليه السلام) ] ورفعاً لدرجته ومنزلته عند الله...ولم يكن الحسن والحُسين حصل لهما من الإبتلاء ما حصل لجدّهما ولأمّهما وعمّهما، لأنّهما ولدا في عزّ الإسلام، وتربيّا في حُجور المؤمنين، فأتمّ الله نعمته عليهما بالشّهادة...الخبر.(2)

أقول: أستوقفك ـ أخي القاريء ـ لتأمّل هذه الكلمات الّتي دوّنها من لزم الصّمت عن ذكر مظلوميّة فلذّة كبد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وروحه الّتي بين جنبيه، حتّى شاء الله أن يظهر شمس الحقيقة من بين دياجير الظّلمة وغيوم العناد؛ فابن تيميّة وهو العارف بالحديث، والمطّلع على التّاريخ يعترف بمصيبة الإمام الحسن المُجتبى وأخيه سيّد الشّهداء (عليهما السلام) وما جرى عليهما وعلى أهل بيتهما صلوات الله عليهم أجمعين، وأنصارهما رضوان الله عليهم، على أيدي من وصفهم بالفجرة الأشقياء لعنهم الله، من قتل وسلب وظلم، وانتهاك

ــــــــــــــــــــــــ

(1) مسند أحمد: 1 / 429 رقم 1734.

(2) رسالة فضل أهل البيت «عليهم السلام» وحقوقهم: 39 ـ 40. (ط1 ـ دار الثّقافة الإسلاميّة. بيروت). وستقوم مؤسّستنا مؤسّسة بنت الرّسول (صلى الله عليه وآله) بتحقيق هذه الرّسالة إن شاء الله تعالى في أقرب فرصة.


الصفحة 133

لحرمتهم (عليهم السلام) وهجوم وحشي على مناخ ركابهم ومنازلهم، وإضرام النّيران فيها، وضرب وترويع النّساء والأطفال.

وابن تيمية على علم بعدد السّنيّات الّتي عاشتها سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) والتي لم تتجاوز العقدين من الزّمان، وهو مع ذلك يقرّ ويعترف ويصرّح بأنّ مصيبة ولدها الإمام الحُسين (عليه السلام) وهي من أعظم المصائب الواقعة في الإسلام ـ كما يقول ـ تهون أمام مصائب أمّه الزّهراء (عليها السلام) فهو يصرّح من حيث يدري أو لايدري بأنّ سيّدة نساء العالمين (عليها السلام) قد لاقت خلال عمرها الشّريف القصير أمرّ وأعظم من تلك المصائب، من سلب الحُقوق والتّرويع، والهُجوم على الدّار، وإضرام النّيران وما إلى ذلك، فتأمّل واغتنم.

ولعلّ من الجدير أنّ نذكر هُنا ما دوّنه ابن تيميّة في ديباجة هذه الرّسالة من حقائق رائعة لتقف على التّناقض الواضح في شخصيّة هذا الرّجل ومُعتقده، اللهمّ إلا أن يكون قد أخفى حقيقة مُعتقده لأسباب خاصّة، يقول ابن تيميّة:

هذا الكتاب إلى من يصل إليه من الأخوان المؤمنين الذين يتولّون الله ورسوله والذين آمنوا يقيمون الصّلاة ويؤتون الزّكاة وهم راكعون. ومن يتولّ الله ورسوله والذين آمنوا فإنّ حزب الله هم الغالبون. الذين يحبّون الله ورسوله، ومن أحبّه الله ورسوله، ويعرفون من حقّ المتّصلين برسول الله ما شرعه الله ورسوله، فإنّ من محبّة الله وطاعته محبّة رسوله وطاعته، ومن محبّة رسوله وطاعته محبّة من أحبّه الرّسول، وطاعة من أمر الرّسول بطاعته


الصفحة 134

 كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرّسول وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ}(1) انتهى.

فبربّك، قل لي ـ أيّها المُنصف ـ أكان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) من هو أحبّ إليه من أبنته فاطمة (عليها السلام)؟! الذي روى الخاصّ والعامّ بشتّى الأسانيد عنه (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «فاطمة بضعة منّي، وروحي الّتي بين جنبي، من أحبّها فقد أحبّني، ومن أبغضها فقد أبغضني...أحبّ أهلي إليّ فاطمة...أحبّ النّاس إليّ فاطمة...».

 وفي رواية للتّرمذي في سننه، عن عائشة، أنّها قالت:

«كانت إذا دخلت على رسول الله [ (صلى الله عليه وآله) ] رحّب بها، وقام إليها، وقبّل يدها، وأجلسها في مجلسه....».(2)

أقول: فلا أدري والله، أقدّم ابن تيميّة للمقام السّامي لهذه الشّخصيّة الفذّة ما يرضي الله ورسوله، ليكون ممّن ذكرهم في ديباجته، أم إنّ العكس هو الصّواب؟! {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلونَ}(3).

 14- منّهاج السنّة لابن تيميّة.

وغاية ما يقال: إنّه ـ يعني أبا بكر ـ كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال الله الذي يقسمه، وأن يعطيه لمُستحقّه!!(4)

ــــــــــــــــــــــــ

(1) النّساء: 59.

(2) سنن التّرمذي: 5 / 657 رقم 3872.

(3) الزّخرف: 19.

(4) منهاج السنّة: 8 / 291.


الصفحة 135

أقول: وللمُنصف العاقل أن يمعن النّظر في قول ابن تيميّة: كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال الله...فهو مع عناده وعدائه يؤكد على وقوع الهجوم الغادر على البيت الشّريف ـ دار الزّهراء (عليها السلام) ـ ويُرغم على ذكر الحقيقة، ولكن يحاول طمسها بغربال الكذب والتّزييف؛ لكي يطفيء نور الله، ويأبى الله إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون(1). فهل ياترى أنّ دار فاطمة صلوات الله عليها، كان في زمن رسول الله مُستودعاً لجمع الأموال؟! وهل عثر ـ بهجومه على الدّار ـ على مال المُسلمين محجوباً بدار الزّهراء (عليها السلام)؟! فهذا التّبرير من ابن تيمية لفعل أبي بكر يستبطن أموراً منها الكُفر بالله تعالى، والتّشكيك برسوله (صلى الله عليه وآله) وتوجيه الخيانة لفاطمة الزّهراء (عليها السلام).

 15- الإمامة والسّياسة لابن قُتيبة الدّينوري.

وحدّثنا ـ أي الوليد بن مُسلم ـ قال: حدّثنا ابن عفير، عن أبي عون، عن عبد الله بن عبد الرّحمن الأنصاري: إنّ النّبيّ (صلى الله عليه وآله) لمّا قبض... إلى أن قال: وإنّ أبا بكر تفقّد قوماً تخلّفوا عن بيعته عند عليّ كرّم الله وجهه، فبعث إليهم عمر، فجاء، فناداهم وهم في دار عليّ، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب، وقال: والّذي نفس عمر بيده، لتخرجنّ أو لاحرقنّها على من فيها!! فقيل له: يا أبا حفص! إنّ فيها فاطمة؟ فقال: وإن!! فخرجوا فبايعوا إلاّ عليّاً، فإنّه زعم أنّه قال: حلفت أن لا أخرج، ولا أضع ثوبي على عاتقي حتّى

ــــــــــــــــــــــــ

(1) مُقتبس من قوله تعالى من سورة التّوبة: 32.


الصفحة 136

 أجمع القُرآن. فوقفت فاطمة رضي الله عنها على بابها، فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكُم! تركتم رسول الله (صلى الله عليه وآله) جنازة بين أيدينا، وقطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، ولم تردّوا لنا حقّاً! فأتى عمر أبا بكر، فقال له: ألا تأخذ هذا المُتخلّف عنك بالبيعة؟ فقال أبو بكر لقُنفذ، وهو مولى له: إذهب فادع لي عليّاً. قال: فذهب إلى عليّ، فقال له: ماحاجتك؟ فقال: يدعوك خليفة رسول الله. فقال عليّ: لسريع ماكذبتم على رسول الله. فرجع فأبلغ الرّسالة، قال: فبكى أبو بكر طويلاً، فقال عمر الثّانية: لا تمهل هذا المُتخلّف عنك بالبيعة. فقال أبو بكر لقُنفذ: عُدْ إليه، فقُل له: خليفة رسول الله يدعوك لتبايع. فجاءه قُنفذ، فأدّى ما اُمر به، فرفع عليّ صوته، فقال: سبحان الله لقد ادّعى ما ليس له. فرجع قُنفذ، فأبلغ الرّسالة، فبكى أبو بكر طويلاً، ثمّ قام عمر، فمشى معه جماعة، حتّى أتوا باب فاطمة، فدقّوا الباب، فلمّا سمعت أصواتهم، نادت بأعلى صوتها: يا أبت! يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطّاب، وابن أبي قحافة...(1)

16- المُختصر في أخبار البشر لأبي الفداء.

لمّا قبض الله نبيّه، قال عمر بن الخطّاب: من قال إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) مات علوت رأسه بسيفي هذا، وإنّما ارتفع إلى السّماء! فقرأ أبو بكر:{ وَما مُحمّد إلاّ رَسُولٌ قَد خَلَت مِن قَبلِهِ الرّسُلُ أفإن ماتَ أو قُتِلَ انقَلَبتُم عَلى

ــــــــــــــــــــــــ

(1) الإمامة والسّياسة: 1 /30 (منشورات الشّريف الرّضي).


الصفحة 137

أعْقابِكُم}(1). فرجع القوم إلى قوله، وبادروا سقيفة بني ساعدة، فبايع عمر أبا بكر، وانثال النّاس عليه يبايعونه في العشر الأوسط من ربيع، سنة إحدى عشرة، خلا جماعة من بني هاشم، والزّبير، وعتبة بن أبي لهب، وخالد بن سعيد بن العاص، والمُقداد بن عمرو، وسلمان الفارسي، وأبي ذر، وعمّار بن ياسر، والبراء بن عازب، وأبي بن كعب، ومالوا مع عليّ بن أبي طالب. وقال في ذلك عُتبة بن أبي لهب:

ماكنت أحسب أنّ الأمر iiمُنصرف      عن  هاشم ثمّ منهم عن أبي حسن
عـن  أوّل الـنّاس إيماناً وسابقة      وأعـلم  الـنّاس بالقُرآن iiوالسّنن
وآخـر  النّاس عهداً بالنبيّ iiومن      جبريل عون له في الغسل والكفن
مـن  فـيه مافيهم لا يمترون iiبه      وليس  في القوم مافيه من iiالحسن

وكذلك تخلّف عن بيعة أبي بكر أبو سفيان، من بني اُميّة. ثمّ إنّ أبا بكر بعث عمر بن الخطاب إلى عليّ ومن معه، يخرجهم من بيت فاطمة رضي الله عنها، وقال: إنْ أبوا عليك فقاتلهم. فأقبل عمر بشيء من نار على أن يضرم الدّار، فلقيته فاطمة رضي الله عنها، وقالت: إلى أين يا ابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا؟! قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت به الاُمّة!!(2)

 17- أنساب الأشراف للبلاذري.

بإسناده عن سليمان التّيمي، وعن ابن عون: إنّ أبا بكر أرسل إلى عليّ يريـد

ــــــــــــــــــــــــ

(1) آل عمران: 144.

(2) المُختصر في أخبار البشر: 1 / 156.


الصفحة 138

بيعته، فلم يبايع، فجاء عمر ومعه فتيلة، فتلقّته فاطمة على الباب، فقالت فاطمة: يابن الخطاب، أتراك مُحرقاً عليَّ بابي؟! قال: نعم، وذلك أقوى ممّا جاء به أبوك.(1)

 18- تاريخ الاُمم والملوك للطّبري.

حدّثنا ابن حميد، قال: حدّثنا جرير، عن مغيرة، عن زياد بن كليب، قال: أتى عمر بن الخطاب منزل عليّ، وفيه طلحة والزّبير، ورجال من المُهاجرين، فقال: والله، لاحرقنّ عليكم، أو لتخرجُنّ إلى البيعة! فخرج عليه الزّبير مُصلتاً السّيف، فعثر فسقط السّيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه.(2)

19- مُصنّف كتاب المحاسن وأنفاس الجواهر.

مثله(3).

 20- العقد الفريد لابن عبد ربّه.

الذين تخلّفوا عن بيعة أبي بكر: عليّ، والعبّاس، والزّبير، وسعد بن عُبادة. فأمّا عليّ والعبّاس والزّبير، فقعدوا في بيت فاطمة حتّى بعث إليهم أبو بكر عمر بن الخطاب، ليخرجوا من بيت فاطمة، وقال له: إن أبوا فقاتلهم. فأقبل بقبس من نار على أن يضرم عليهم الدّار، فلقيته فاطمة، فقالت: يابن

ــــــــــــــــــــــــ

(1) أنساب الأشراف: 1 / 586 ح1184 (ط.دار المعارف)، عنه البحار: 28 /268(في الهامش) وأورده السيّد المُرتضى في الشّافي، كما سيأتي في كلمته«رحمه الله».

(2) التّاريخ: 3 / 198.

(3) عنه تشييد المطاعن وكشف الظّغائن: 1 / 233.


الصفحة 139

الخطاب! أجئت لتحرق دارنا؟! قال: نعم، أو تدخلوا فيما دخلت فيه الاُمّة... الخبر.(1)

21- الملل والنّحل للشّهرستاني.

عن النّظّام(2)، أنّه قال: وكان عمر يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها!! وما كان في الدّار غير عليّ، وفاطمة، والحسن، والحُسين.(3)

 22- كنز العمّال للمُتّقي الهندي.

عن أسلم أنّه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان عليّ والزّبير يدخلون على فاطمة بنت رسول الله، ويشاورونها ويرتجعون في أمرهم. فلمّ

بلغ عمر بن الخطاب، خرج حتّى دخل على فاطمة، فقال: يابنت رسول الله، والله، مامن الخلق أحد أحبّ إليّ من أبيك، وما من أحد أحبّ إلينا بعد أبيك منك، وأيم الله، ما ذاك بمانعي إن أجتمع هؤلاء النّفر عندك أن آمر بهم أن يحرق عليهم الباب.(4)

23- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.

جاء عمر إلى بيت فاطمة في رجال من الأنصار، ونفر قليل من المُهاجريـن،

ــــــــــــــــــــــــ

(1) العقد الفريد: 5 / 12 (ط ـ مكتبة الرّياض الحديثة).

(2) هو إبراهيم بن سيّار بن هانئ النظّام.

(3) الملل والنّحل: 1 / 56.

(4) كنز العمال: 5 / 651، ومُنتخبه المطبوع بهامش مسند أحمد بن حنبل: 2/174، وأورده أبو بكر الجوهري في السّقيفة وفدك: 38 و50 و51 (مثله)، والنّويري في نهاية الأرب: 19 / 39 نقلاً عن هامش تاريخ الإسلام للحافظ الذّهبي: 14، والسّيوطي في جمع الجوامع، عن تشييد المطاعن وكشف الضّغائن: 1/233.


الصفحة 140

فقال: والذي نفس عمر بيده، لتخرجنّ إلى البيعة، أو لاحرقنّ البيت عليكم.(1)

 24- أعلام النّساء لكحالة.

تفقّد أبو بكر قوماً تخلّفوا عن بيعته عند عليّ بن أبي طالب، كالعبّاس، والزّبير، وسعد بن عبادة، فقعدوا في بيت فاطمة. فبعث أبو بكر عمر بن الخطاب، فجاءهم عمر فناداهم، وهم في دار فاطمة، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب، وقال: والذي نفس عمر بيده، لتخرجنّ أو لاحرقنّها على من فيها!! فقيل له: يا أبا حفص، إنّ فيها فاطمة!! قال: وإن!!!(2)

25- ديوان حافظ إبراهيم.

قال الشّاعر حافظ إبراهيم تحت عنوان: عمر وعليّ:

وقـولـة  لـعليّ قـالها iiعـمر      أكـرم بـسامعها أعـظم iiبملقيها
حـرّقت دارك لا اُبقي عليك iiبها      إن لم تبايع وبنت المُصطفى فيها
ما  كان غير أبي حفص يفوه بها      أمـام  فارس عدنان iiوحاميه(3)

ــــــــــــــــــــــــ

(1) شرح نهج البلاغة: 1 / 134.

(2) أعلام النّساء: 4 / 114.

(3) الدّيوان: 1 / 75 (ط.دار الكُتب المصرية بالقاهرة).

أقول: قال أحمد أمين في هامش الدّيوان المذكور: يشير ـ أي حافظ ـ لهذه الأبيات إلى امتناع عليّ عن البيعة لأبي بكر يوم السّقيفة، وتهديد عمر إيّاه بتحريق بيته إذا استمرّ على امتناعه، وكان فيه زوجة عليّ فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله).

وقال الأميني& في موسوعته الغدير: 8/85:

ثمّ ما عساني أن أقول بعدما يعربد شاعر النّيل اليوم، ويأجّج النّيران الخامدة، ويجدّد تلكم الجنايات المنسيّة (لاها الله لاتنسى مع الأبد) ويعدّها ثناء على السّلف، ويرفع عقيرته بعد مضي قرون على تلكُم المعرّات، ويتبهّج ويتبجّح بقوله في (القصيدة العمريّة) تحت عنوان: عمر وعلي:... وذكر الأبيات.

ماذا أقول بعد ما تحتفل الاُمّة المصريّة في حفلة جامعة، في أوائل سنة 1918 بإنشاد هذه القصيدة العمريّة الّتي تتضمّن ماذكر من الأبيات؟ وتنشرها الجرائد في أرجاء العالم، ويأتي رجال مصر نظراء أحمد أمين، وأحمد الزّين، وإبراهيم الأبياري، وعلي جارم، وعليّ أمين، وخليل مطران، ومصطفى الدّمياطي بك وغيرهم، ويعتنون بنشر ديوان هذا شعره! وبتقدير شاعر هذا شعوره! ويخدشون العواطف في هذه الأزمة، في هذا اليوم العصبصب، ويعكّرون بهذه النّعرات الطّائفيّة صفو السّلام والوئام في جامعة الإسلام، ويشتّتون بها شمل المُسلمين، ويحسبون أنّهم يحسنون صنعاً! وتراهم يجدّدون طبع ديوان الشّاعر وقصيدته العمريّة خاصّة مرّة بعد اُخرى، ويعلّق عليها شارحها الدّمياطي قوله في البيت الثّاني: المُراد أنّ عليّاً لا يعصمه من عمر سكنى بنت المُصطفى في هذه الدّار!!


الصفحة 141

اعتراف أبي بكر بكشفه دار فاطمة (عليها السلام)

دعماً لما تقدّم، وتنويراً لعقول من يتبادر لذهنهم اختلاق تلك الرّوايات وبالتّالي نفيها وبطلانها، نورد ـ من كتب العامّة ـ الاعترافات الصّريحة الّتي تفوّه بها الأوّل، وندمه على تلك الفعلة الشّنيعة، ولات ساعة مندم...

 1- تاريخ الاُمم والملوك للطّبري.

روى بسنده عن عمر بن عبد الرّحمن بن عوف، عن أبيه: إنّه دخل على أبي بكر في مرضه الذي توفّي فيه، فأصابه مُهتمّاً - إلى أن قال -: قال أبو بكر: أجل، إنّي لا آسي على شيء من الدّنيا إلاّ على ثلاث فعلتهنّ، وددت أنّي تركتهنّ ـ إلى أن قال ـ: فوددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة (عليها السلام) عن شيء...(1

ـــــــــــــــــــــــــــ

(1) تاريخ الاُمم والملوك: 2 / 619.


الصفحة 142

2- ميزان الاعتدال للذّهبي.

ذكر عن العُقيلي حديثاً مُسنداً قد اعترف هو بصحّته، عن عبد الرّحمن بن عوف، قال: دخلت على أبي بكر أعوده، فاستوى جالساً، فقلت: أصبحت بحمد الله بارئاً - إلى أن قال -: ما أرى بك بأساً والحمد لله، فلا تأس على الدّنيا - إلى أن قال -: فقال أبو بكر: إنّي لا آسي على شيء إلاّ على ثلاث، وددت أنّي لم أفعلهنّ: وددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة (عليها السلام) وتركته... (1)

 3- كنز العمال.

مثله.(2)

4- لسان الميزان لابن حجر.

قال في ترجمة علوان بن داود البجليّ: ثمّ قال عبد الرّحمن له - أي لأبي بكر - ما أرى بك بأساً والحمد، فلا تأس على الدّنيا، فو الله، إن علمناك إلاّ كنت صالحاً مُصلحاً. فقال: إنّي لا آسي على شيء إلاّ على ثلاث وددت أنّي لم أفعلهنّ: وددت أنّي لم أكشف بيت فاطمة، وتركته وإن اُغلق على الحرب... ووددت أنّي يوم السّقيفة كنت قذفت الأمر في عنق أبي عبيدة أو عمر، فكان أميراً وكنت وزيراً، ووددت أني كنت حيث وجّهت خالد بن الوليد إلى أهل الردّة أقمت بذي القصّة، فإن ظفر المُسلمون ظفروا، وإلاّ كنت بصدد اللقاء أو مدداً...(3)

ــــــــــــــــــــــــ

(1) ميزان الاعتدال: 2 / 215.

(2) كنز العمّال: 5 / 631 (ط. مؤسّسة الرّسالة ـ بيروت).

(3) لسان الميزان: 4 / 219.


الصفحة 143

5- مُروج الذّهب للمسعودي.

ولمّا احتضر، قال: ما آسي على شيء إلاّ على ثلاث فعلتها وددت أنّي تركتها، وثلاث تركتها وددت أنّي فعلتها، وثلاث وددت أنّي سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنها: فأمّا الثّلاث الّتي فعلتها، ووددت أنّي تركتها: أنّي لم أكن فتّشت بيت فاطمة، وذكر في ذلك كلاماً كثيراً...ووددت أنّي يوم سقيفة بني ساعدة قذفت الأمر في عنق أحد الرّجلين، فكان أميراً وكنت وزيراً....(1)

 6- الإمامة والسّياسة لابن قُتيبة.

قال تحت عنوان مرض أبي بكر واستخلافه عمر: ثمّ أنّ أبا بكر عمل سنتين وشهوراً، ثمّ مرض مرضه الذي مات فيه، فدخل عليه اُناس من أصحاب النّبيّ (صلى الله عليه وآله) فيهم عبد الرّحمن بن عوف، فقال له: كيف أصبحت يا خليفة رسول الله، فانّي أرجو أن تكون بارئاً. قال: أترى ذلك. قال: نعم. قال أبو بكر: والله، إنّي لشديد الوجع -إلى أن قال-: قال أبو بكر: أجل، والله ما آسي إلاّ على ثلاث فعلتهنّ ليتني كنت تركتهنّ... إلى أن قال: فليتني تركت بيت عليّ (عليه السلام)...(2)

ــــــــــــــــــــــــ

(1) مُروج الذّهب: 2 / 301.

(2) الإمامة والسّياسة: 1 / 18.

 

 

 

 

التالي

السابق