ابن موسى الرضا عليهما السلام عن معنى قول النبي صلى الله عليه وآله: أنا ابن الذبيحين قال: يعني إسماعيل ابن إبراهيم الخليل عليهما السلام وعبدالله بن عبدالمطلب أما إسماعيل فهو الغلام الحليم الذي بشر الله به إبراهيم " فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ما ذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر (ولم يقل له: يا أبت افعل ما رأيت) ستجدني إن شاء الله من الصابرين " فلما عزم على ذبحه فداه الله بذبح عظيم بكبش أملح(1) يأكل في سواد، ويشرب في سواد، وينظر في سواد، ويمشي في سواد، ويبول ويبعرفي سواد، وكان يرتع قبل ذلك في رياض الجنة أربعين عاما، وما خرج من رحم انثى، وإنما قال الله عزوجل له: كن، فكان ليفدي به إسماعيل فكل ما يذبح بمنى فهو فدية لاسماعيل إلى يوم القيامة فهذا أحد الذبيحين، وأما الآخر فان عبدالمطلب كان تعلق بحلقة باب الكعبة ودعا الله عزوجل أن يرزقه عشرة بنين ونذر لله عزوجل أن يذبح واحدا منهم متى أجاب الله دعوته، فلما بلغوا عشرة [أولاد] قال: قد وفى الله لي فلافين(2) لله عزوجل فأدخل ولده الكعبة وأسهم بينهم فخرج سهم عبدالله أبي رسول الله صلى الله عليه وآله وكان أحب ولده إليه، ثم أجالها ثانية فخرج سهم عبدالله، ثم أجالها ثالثة فخرج سهم عبدالله، فأخذه وحبسه وعزم على ذبحه فاجتمعت قريش ومنعته من ذلك واجتمع نساء عبدالمطلب يبكين ويصحن فقالت له ابنته عاتكة: يا أبتاه اعذر فيما بينك وبين الله عزوجل في قتل ابنك(3): قال: فكيف أعذر يا بنية فإنك مباركة، قالت: اعمد إلى تلك السوائم(4) التي لك في الحرم فاضرب بالقداح على ابنك وعلى الابل وأعط ربك حتى يرضى.
فبعث عبدالمطلب إلى إبله فأحضرها وعزل منها عشرا وضرب السهام
(1) الملحة - بالضم - من الالوان بياض ويخالط سواد، يقال: كبش أملح.
(2) في بعض النسخ " فلاوفين ".
(3) يحتمل أن يكون قول العاتكة عن سبيل الالهام لان الالهام القاء الشئ في القلب بطريق الفيض اى بلا اكتساب واستفاضة.
(4) السوام والسائم بمعنى وهو المال الراعى، يقال: سامت الماشية تسوم سوما أى رعت فهو سائمة وجمع السائم والسائمة: السوائم.