كتاب الخصال ج1

فخرج سهم عبدالله، فما زال يزيد عشرا عشرا حتى بلغت مائة فضرب فخرج السهم على الابل فكبرت قريش تكبيرة ارتجت(1) لها جبال تهامة، فقال عبدالمطلب: لا حتى أضرب بالقداح ثلاث مرات فضرب ثلاثا كل ذلك يخرج السهم على الابل، فلما كان في الثالثة اجتذ به الزبير وأبوطالب وإخوانه(2) من تحت رجليه فحملوه وقد انسلخت جلدة خده الذي كان على الارض وأقبلوا يرفعونه ويقبلونه ويمسحون عنه التراب وأمر عبدالمطلب أن تنحر الابل بالحسرة(3) ولا يمنع أحد منها وكانت مائة وكانت لعبد المطلب خمس سنن أجراها الله عزوجل في الاسلام: حرم نساء الآباء على الابناء، وسن الدية في القتل مائة من الابل، وكان يطوف بالبيت سبعة أشواط، ووجد كنزا فأخرج منه الخمس، وسمى زمزم لما حفرها سقاية الحاج، ولو لا أن عبدالمطلب كان حجة وأن عزمه على ذبح ابنه عبدالله شبيه بعزم إبراهيم على ذبح ابنه إسماعيل(4) لما افتخر النبي صلى الله عليه وآله بالانتساب إليهما لاجل أنهما الذبيحان في قوله عليه السلام: " أنا ابن الذبيحين " والعلة التي من أجلها رفع الله عزوجل الذبح عن إسماعيل هي العلة ألتي من أجلها رفع الذبح عن عبدالله وهي كون النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام في صلبهما فببركة النبي والائمة صلى الله عليه وآله رفع الله الذبح عنهما فلم تجر السنة في الناس بقتل أولادهم، ولو لا ذلك لوجب على الناس كل أضحى التقرب إلى الله تعالى ذكره بقتل أولادهم، وكل ما يتقرب الناس به إلى الله عزوجل من اضحية فهو فداء لاسماعيل إلى يوم القيامة.

قال مصنف هذا الكتاب - أدام الله عزه -: قد اختلف الروايات في الذبيح فمنها ما ورد بأنه إسماعيل ومنها ما ورد بأنه إسحاق، ولا سبيل إلى رد الاخبار متى صح


(1) أى اضطربت.
(2) في بعض النسخ " اخوانه ".
(3) كقسورة موضع بمكة.
(4) في بعض النسخ " ولو لا أن عبدالمطلب كان مجدا في ذبح ابنه عبدالله شبيها بعزم ابراهيم عليه السلام على ذبح ابنه اسماعيل لما افتخر - اه ".

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه