كتاب الخصال ج2

فيقتلوه، وإذا قتلوه منعت قريش رجالها ولم تسلمها فيمضي دمه هدرا، فهبط جبرئيل عيله السلام على النبي صلى الله عليه وآله فأنبأه بذلك وأخبره باليلة التي يجتمعون فيها والساعة التي يأتون فراشه فيها، وأمره بالخروج في الوقت الذي خرج فيه إلى الغار، فأخبرني رسول الله صلى الله عليه وآله بالخبر، وأمرني أن أضطجع في مضجعه وأقيه بنفسي، فأسرعت إلى ذلك مطيعا له مسرورا لنفسي بأن اقتل دونه، فمضى عليه السلام لوجهه واضطجعت في مضجعه وأقبلت رجالات قريش موقنة في أنفسها أن تقتل النبي صلى الله عليه وآله فلما استوى بي وبهم البيت الذي أنا فيه ناهضتهم بسيفي فدفعتهم عن نفسي بما قد علمه الله والناس، ثم أقبل عليه السلام على أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين، فقال عليه السلام: وأما الثالثة يا أخا اليهود فإن ابني ربيعة وابن عتبة(1) كانوا فرسان قريش دعوا إلى البراز يوم بدر فلم يبرزلهم خلق من قريش فأنهضني رسول الله صلى الله عليه وآله مع صاحبي - رضي الله عنهما - وقد فعل وأنا أحدث أصاحبي سنا وأقلهم للحرب تجربة فقتل الله عزوجل بيدي وليدا وشبية، سوى من قتلت من جحاجحة قريش(2) في ذلك اليوم، وسوي من أسرت، وكان مني أكثر مما كان من أصحابي واستشهد ابن عمي في ذلك رحمة الله عليه، ثم التفت إلى أصحابه فقال: أليس كذلك قالوا: بلى يا أمير المؤمنين، فقال علي عليه السلام: وأما الرابعة يا أخا اليهود فإن أهل مكة أقبلوا ألينا على بكرة أبيهم(3) قد استحاشوا من يليهم من قبايل العرب وقريش طالبين بثأر مشركي قريش في يوم بدر،


(1) المراد شيبة وعتبة ابنا ربيعة، ووليد بن عتبة.
(2) الجحاجحة جمع جحجاح: السيد الكريم، والهاء فيه لتأكيد الجمع (النهاية).
(3) قال الجزرى في الحديث " جاء‌ت هوازن على بكرة أبيها " هذه الكلمة للعرب يريدون بها الكثرة وتوفر العدد، وانهم جاؤوا جميعا لم يتخلف منهم أحد، وليس هناك بكرة حقيقة وهى التى يستقى عليها الماء فاستعيرت في هذا الموضع.
وفى القاموس: حاش الصيد: جاء‌ه من حواليه ليصرفه إلى الجبالة كأ حاشه وأحوشه، والابل: جمعها وساقها، والتحويش التجميع، وحاوشته عليه: حرضته.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه