فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فأنبأه بذلك، فذهب النبي صلى الله عليه و آله وعسكر بأصاحبه في سد أحد، وأقبل المشركون إلينا فحملوا ألينا حملة رجل واحد، واستشهد من المسلمين من استشهد، وكان ممن بقي من الهزيمة، وبقيت مع رسول الله صلى الله عليه وآله ومضى المهاجرون والانصار إلى منازلهم من المدينة كل يقول: قتلى النبي صلى الله عليه وآله وقتل أصحابه ثم ضرب الله عزوجل وجوه المشركين وقد جرحت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله نيفا وسبعين جرحة منها هذه وهذه - ثم ألقى عليه السلام رداءه وأمر يده على جراحاته - وكان مني في ذلك ما على الله عزوجل ثوابه إن شاء الله، ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟ قالوا: بلى يا أمير المؤمنين، فقال عليه السلام: وأما الخامسة يا أخا اليهود فإن قريشا والعرب تجمعت وعقدت بينها عقدا وميثاقا لا ترجع من وجهها حتى تقتل رسول الله وتقتلنا معه معاشر بني عبدالمطلب، ثم أقبلت بحدها وحديدها حتى أناخت عليننا بالمدينة، واثقة بأنفسها فيما توجت له فهبط جبرئيل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وآله فأنبأه بذلك فخندق على نفسه ومن معه من المهاجرين والانصار، فقدمت قريش فأقامت على الخندق محاصرة لنا، ترى في النفسها القوة وفينا الضعف ترعد وتبرق(1) ورسول الله صلى الله عليه وآله يدعوها إلى الله عزوجل ويناشدها بالقرابة والرحم فتأبى، ولا يزيدها ذلك إلا عتوا، وفارسها وفارس العرب يومئذ عمرو بن عبدود، يهدر كالبعير المغتلم(2) يدعو إلى البراز ويرتجز ويخطر برمحه مرة وبسيفه مرة(3) لا يقدم عليه مقدم، ولا يطمع فيه طامع، ولا حمية تهيجه ولا بصيرة تشجعه، فأنضني إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وعممني بيده وأعطاني سيفه هذا، و ضرب بيده إلى ذي الفقار، فخرجت إليه ونساء أهل المدينة بواك إشفاقا علي من ابن عبدود، فقتله الله عزوجل بيدي، والعرب لا تعدلها فارسا غيره، وضربني هذه الضربة
(1) في النهاية: يقال: رعد وبرق وأرعد ؤ أبرق: اذا توعد وتهدد.
(2) الهدير: ترديد صوت البعير في حنجرته.واغتلم البعير: هاج من شهوة الضراب.
(3) خطرالرجل بسيفه ورمحه يخطر - بالكسر -: رفعه مرة ووضعه اخرى.