كتاب الخصال ج2

رسول الله صلى الله عليه وآله عامة يستقيلهم من بيعته ويتوب إلى الله من فلتته، فكانت هذه - ياأخا اليهود - أكبر من اختها وأفظع(1) وأحرى أن لا يصبر عليها، فنالني منها الذي لا يبلغ وصفه ولا يحد وقته، ولم يكن عندي فيها إلا الصبر على ما أمض وأبلغ منها، ولقد أتاني الباقون من الستة من يومهم كل راجع عما كان ركب مني يسألني خلع ابن عفان والوثوب عليه وأخذ حقي ويؤتيني صفقته وبيعته على الموت تحت رايتي أويرد الله عزوجل على حقي، فوالله - يا أخا اليهود - ما منعني منا إلا الذي منعني من اختيها قبلها، ورأيت الابقاء على من بقي من الطائفة أبهج لي وآنس لقلبي من فنائها، وعلمت أني إن حملتها على دعوة الموت ركبتة، فأما نفسي فقد علم من حضر ممن ترى ومن غاب من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله أن الموت عندي بمنزلة الشربة الباردة في اليوم الشديد الحر من ذي العطش الصدى، ولقد كنت عاهدت الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله أنا وعمي حمزة وأخي جعفر، وابن عمي عبيدة على أمر وفينا به لله عزوجل ولرسوله، فتقد مني أصحابي وتخلفت بعدهم لما أرادالله عزوجل فأنزل الله فينا " من المؤمنين رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا "(2) حمزة وجعفر وعبيدة وأناوالله والمنتظر - يا أخ االيهود - وما بدلت تبديلا، وما سكتني عن ابن عفان وحثني على الامساك عنه إلا أني عرفت من أخلاقه فيما اختبرت منه بمالن يدعة حتى يستدعي الاباعد إلى قتله وخلعه فضلا عن الاقارب وأنا في عزلة، فصبرت حتى كان ذلك، لم أنطلق فيه بحرف من " لا "، ولا " نعم " ثم أتاني القوم وأنا - علم الله - كاره لمعرفتي بما تطاعموا به من اعتقال الامول والمرح في الارض وعلمهم بأن تلك ليست لهم عندي وشديد عادة منتزعة(3) فلما لم يجدوا عندي تعللوا الاعاليل، ثم التفت عليه السلام إلى أصحابه فقال: أليس كذلك؟


(1) في بعض النسخ " أقطع "
(2) الاحزاب: 23.وزاد في الاختصاص " فمن قضى نحبه حمزة - الخ ".
(3) كذا في النسخ.لعل قوله: " عادة " مبتدء و " شديد " خبره، أى انتزاع العادة وسلبها شديد.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه