ابراهيم بن هاشم قال: حدثنا عبدالله بن أحمد الموصلي، عن الصقر بن أبي دلف الكرخي قال: لما حمل المتوكل سيدنا أباالحسن العسكري عليه السلام جئت أسأل عن خبره قال: فنظر إلي الرازقي وكان حاجبا للمتوكل فامر أن ادخل إليه فادخلت إليه فقال: يا صقر ماشأنك؟ فقلت: خير أيها الاستاد، فقال: اقعد فأخذني ما تقدم وما تأخر(1) وقلت: أخطأت في المجئ قال: فوحى الناس عنه(2) ثم قال لي: ما شأنك، وفيم جئت؟ قلت: لخير ما(3) فقال: لعلك تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له: ومن مولاي؟ مولاي أمير المؤمنين فقال: أسكت مولاك هو الحق فلا تحتشمني فإني على مذهبك، فقلت: الحمد لله قال: أتحب أن تراه؟ قلت: نعم، قال: اجلس حتى يخرج صاحب البريد من عنده(4) قال: فجلست فلما خرج، قال لغلام له: خذ بيد الصقر وأدخله إلى الحجرة التي فيها العلوي المحبوس وخل بينه وبينه قال: فأدخلني إلى الحجرة [التي فيه العلوي] فأومأ إلى بيت فدخلت فإذا عليه السلام جالس على صدر حصير وبحذاه قبر محفور، قال: فسلمت فرد، ثم أمرني بالجلوس، ثم قال لي: يا صقر ما أتي بك؟ قلت: ياسيدي جئت أتعرف خبرك؟ قال: ثم نظرت إلى القبر فبكيت، فنظر إلي فقال: يا صقر لا عليك(5) لن يصلوا إلينا
(1) أى بالسؤال عما تقدم وعما تأخر، يعنى الامور المختلفة لاستعلام حالى وسبب مجيئى.
فلذا ندم على الذهاب اليه لئلا يطلع على حاله ومذهبه، أو الموصول فاعل " أخذني " بتقدير أى أخذنى التفكر فيما تقدم من الامور من ظنه التشيع بى وفيما تأخر مما يترتب على مجيئى من المفاسد كما في البحار.
(2) أى أشار اليهم أن يبعدوا عنه، أو على بناء التفعيل أى عجلهم في الذهاب، أو على بناء المجرد والناس فاعل أى أسرعوا في الذهاب.
(3) في بعض النسخ " لخبرما ".
(4) صاحب البريد يمكن أن يكون رئيس البريد أو المراد بالبريد المرتب والرسل على دواب البريد.
قال في النهاية البريد كلمة فارسية يراد بها في الاصل البغل وأصلها " بريده دم " أى محذوف الذنب، لا بغال البريد كانت محذوقة الاذناب كالعلامة لها، فأعربت وخففت، ثم سمى الرسول الذى يركبه بريدا، والمسافة التى بين السكتين بريدا.
(5) أى لا حزن عليك.