بَابُ وُجُوهِ الْفَرَائِضِ |
قَالَ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى جَعَلَ الْفَرَائِضَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَصْنَافٍ وَجَعَلَ مَخَارِجَهَا مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ فَبَدَأَ بِالْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ الَّذِينَ هُمُ الأقْرَبُونَ وَبِأَنْفُسِهِمْ يَتَقَرَّبُونَ لا بِغَيْرِهِمْ وَلا يَسْقُطُونَ مِنَ الْمِيرَاثِ أَبَداً وَلا يَرِثُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ إِلا الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فَإِنْ حَضَرَ كُلُّهُمْ قُسِمَ الْمَالُ بَيْنَهُمْ عَلَى مَا سَمَّى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ وَإِنْ حَضَرَ بَعْضُهُمْ فَكَذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مِنْهُمْ إِلا وَاحِدٌ فَالْمَالُ كُلُّهُ لَهُ وَلا يَرِثُ مَعَهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ إِذَا كَانَ غَيْرُهُ لا يَتَقَرَّبُ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا يَتَقَرَّبُ بِغَيْرِهِ إِلا مَا خَصَّ اللهُ بِهِ مِنْ طَرِيقِ الإجْمَاعِ أَنَّ وَلَدَ الْوَلَدِ يَقُومُونَ مَقَامَ الْوَلَدِ وَكَذَلِكَ وَلَدُ الإخْوَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدُ الصُّلْبِ وَلا إِخْوَةٌ وَهَذَا مِنْ أَمْرِ الْوَلَدِ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَلا أَعْلَمُ بَيْنَ الأمَّةِ فِي ذَلِكَ اخْتِلافاً فَهَؤُلاءِ أَحَدُ الأصْنَافِ الأرْبَعَةِ وَ أَمَّا الصِّنْفُ الثَّانِي فَهُوَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ ثَنَّى بِذِكْرِهِمَا بَعْدَ ذِكْرِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ فَلَهُمُ السَّهْمُ الْمُسَمَّى لَهُمْ وَيَرِثُونَ مَعَ كُلِّ أَحَدٍ وَلا يَسْقُطُونَ مِنَ الْمِيرَاثِ أَبَداً وَأَمَّا الصِّنْفُ الثَّالِثُ فَهُمُ الْكَلالَةُ وَهُمُ الإخْوَةُ وَالأخَوَاتُ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ وَلا الْوَالِدَانِ لأنَّهُمْ لا يَتَقَرَّبُونَ بِأَنْفُسِهِمْ وَإِنَّمَا يَتَقَرَّبُونَ بِالْوَالِدَيْنِ فَمَنْ تَقَرَّبَ بِنَفْسِهِ كَانَ أَوْلَى بِالْمِيرَاثِ مِمَّنْ تَقَرَّبَ بِغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ وَوَالِدَانِ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمْ تَكُنِ الإخْوَةُ وَالأخَوَاتُ كَلالَةً لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها يَعْنِي الأخَ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ وَإِنَّمَا جَعَلَ اللهُ لَهُمُ الْمِيرَاثَ بِشَرْطٍ وَقَدْ يَسْقُطُونَ فِي مَوَاضِعَ وَلا يَرِثُونَ شَيْئاً وَلَيْسُوا بِمَنْزِلَةِ الْوَلَدِ وَالْوَالِدَيْنِ الَّذِينَ لا يَسْقُطُونَ عَنِ الْمِيرَاثِ أَبَداً فَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ وَلَدٌ وَلا وَالِدَانِ فَلِلْكَلالَةِ سِهَامُهُمُ الْمُسَمَّاةُ لَهُمْ لا يَرِثُ مَعَهُمْ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ إِذَا لَمْ يَكُنْ وَلَدٌ إِلا مَنْ كَانَ فِي مِثْلِ مَعْنَاهُمْ وَأَمَّا الصِّنْفُ الرَّابِعُ فَهُمْ أُولُو الأرْحَامِ الَّذِينَ هُمْ أَبْعَدُ مِنَ الْكَلالَةِ فَإِذَا لَمْ يَحْضُرْ وَلَدٌ وَلا وَالِدَانِ وَلا كَلالَةٌ فَالْمِيرَاثُ لأولِي الأرْحَامِ مِنْهُمْ الأقْرَبِ مِنْهُمْ فَالأقْرَبِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَصِيبَ مَنْ يَتَقَرَّبُ بِقَرَابَتِهِ وَلا يَرِثُ أُولُو الأرْحَامِ مَعَ الْوَلَدِ وَلا مَعَ الْوَالِدَيْنِ وَلا مَعَ الْكَلالَةِ شَيْئاً وَإِنَّمَا يَرِثُ أُولُو الأرْحَامِ بِالرَّحِمِ فَأَقْرَبُهُمْ إِلَى الْمَيِّتِ أَحَقُّهُمْ بِالْمِيرَاثِ وَإِذَا اسْتَوَوْا فِي الْبُطُونِ فَلِقَرَابَةِ الأمِّ الثُّلُثُ وَلِقَرَابَةِ الأبِ الثُّلُثَانِ وَإِذَا كَانَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ أَبْعَدَ فَالْمِيرَاثُ لِلأقْرَبِ عَلَى مَا نَحْنُ ذَاكِرُوهُ إِنْ شَاءَ اللهُ. |