كلّ من مرّ. فقال أحدهما: معي شيء اقرّبه. وأخذ أحدهما ذباباً فقرّبه، ولم يقرّبالآخر فقال: لا اُقرّب إلى غير الله جلّ وعزّ شيئاً. فقتلوه فدخل الجنّة، ودخل الآخر النار(1).
سبب نزول قوله تعالى: (إنّ الّذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذّباب شيئاً لا يستنقذوه منه) ـ الآية، كما في رواية الكافي عن الصّادق(عليه السلام): كانت قريش تلطّخ الأصنام الّتي كانت حول الكعبة بالمسك والعنبر ـ ثمّ ذكر وضع كيان الأصنام أطراف الكعبة وكيفيّة تلبية المشركين وقال: ـ فبعث الله ذباباً أخضر له أربعة أجنحة فلم يبق من ذلك المسك والعنبر شيئاً إلاّ أكله(2).
باب الذباب(3).
قد وردت روايات كثيرة عن النبي(صلى الله عليه وآله): إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فليغمسه فيه فإنّ في إحدى جناحيه شفاءاً وفي الاُخرى سمّاً، وأنـّه يقدّم السمّ ويؤخّر الشفاء.
بيان: لا يتعجّب من ذلك من نظر إلى صنائع الله وما جمع في نفوس عامّة الحيوان من الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة، وهي أشياء متضادّة إذا تلاقت تفاسدت، فألـّف الله بينها وقهرها على الاجتماع، وجعل منها قوى الحيوان الّتي منها بقاؤه وصلاحه. وإنّ الّذي ألهم النحلة أن تتّخذ البيت العجيب الصنعة وأن يعسل فيه، وألهم الذرّة أن تكتسب قوتها وتدّخره لأوان حاجتها إليه، هو الّذي خلق الذبابة وجعل لها الهداية إلى أن تقدّم جناحاً وتؤخّر جناحاً لما أراد من الإبتلاء الّذي هو مدرجة التعبّد والإمتحان الّذي هو مضمار التكليف. وله في كلّ شيء حكمة، وما يذكّر إلاّ اُولوا الألباب.
(1) جديد ج 3/252، و ج 75/406، و ط كمباني ج 2/80، وج 15 كتاب العشرة ص 227.
(2) جديد ج 3/253، و ج 64/310، وط كمباني ج 2/80.
(3) ط كمباني ج 14/727، و جديد ج 64/310.