المبصر، ويكون العلم ثابتاً وإن لم يكن المعلوم ـ إلى أن قال:
قال سليمان: لأنّ إرادته علمه . قال الرّضا (عليه السلام): يا جاهل ! فإذا علم الشيء فقد أراده ؟ قال سليمان: أجل . قال: فإذا لم يرده لم يعلمه ؟ قال سليمان: أجل . قال: من أين قلت ذلك ؟ وما الدليل على أنّ إرادته علمه ، وقد يعلم ما لا يريده أبداً ؟ وذلك قوله عزّوجلّ: (ولئن شئنا لنذهبنّ بالّذي أوحينا إليك) فهو يعلم كيف يذهب به، ولا يذهب به أبداً ـ إلى أن قال:
قال سليمان: فإنّ الإرادة القدرة. قال الرّضا (عليه السلام): وهو عزّوجلّ يقدر على ما لا يريده أبداً، ولا بدّ من ذلك، لأ نّه قال تعالى: (ولئن شئنا لنذهبنّ بالّذي أوحينا إليك) فلو كانت الإرادة هي القدرة كان قد أراد أن يذهب به لقدرته . فانقطع سليمان ـ الخ . وفيه ردّ قول ضرار حيث قال باتّحاد الإرادة مع المراد والحديث مفصّل في ذلك(1).
وفي مناظرته لعمران الصابي قال مولانا الرّضا (عليه السلام) : واعلم أنّ الإبداع والمشيّة والإرادة معناها واحد وأسماؤها ثلاثة . وكان أوّل إبداعه وإرادته ومشيّته الحروف الّتي جعلها أصلاً لكلّ شيء ـ إلى أن قال: ـ لأ نّها (يعني الحروف) مبدعة بالإبداع . والنور في هذا الموضع أوّل فعل الله الّذي هو نور السماوات والأرض . والحروف هي المفعول بذلك الفعل ـ إلى أن قال:
فالخلق الأوّل من الله عزّوجلّ الإبداع، لا وزن له ولا حركة ولا سمع ولا لون ولا حسّ . والخلق الثاني الحروف ـ إلى أن قال: ـ والله تبارك وتعالى سابق للإبداع والإبداع سابق للحروف ـ إلى أن قال:
قال عمران: يا سيّدي، ألا تخبرني عن الإبداع أخلق هو أم غير خلق ؟ قال الرّضا (عليه السلام): بل خلق ساكن لا يدرك بالسكون وإنّما صار خلقاً لأ نّه شيء محدث والله الّذي أحدثه، فصار خلقاً له وإنّما هو الله عزّوجلّ وخلقه، لا ثالث بينهما ولا
(1) جديد ج 10/331 ـ 338، وط كمباني ج 4/169.