مستدرك سفينة البحار ج5

وأنصحهم لي، وأوثقهم في نفسي إن شاءالله(1).

روى المفيد: أنّ أميرالمؤمنين(عليه السلام) لمّا أراد أن يبعث مالك الأشتر إلى مصر ـ  وكان ذلك بعد شهادة محمّد بن أبي بكر ـ قال له: ليس لهذا الوجه غيرك، فاخرج فإنّي إن لم اُوصيك اكتفيت برأيك. واستعن بالله على ماأهمّك. واخلط الشدّة باللين، وارفق ماكان الرفق أبلغ، واعتزم على الشدّة متى لم يغن عنك إلاّ الشدّة.
وقدّم أميرالمؤمنين(عليه السلام) أمامه كتاباً إلى مصر: بسم الله الرحمن الرحيم ـ إلى أن قال: ـ وإنّي قد بعثت إليكم عبداً من عباد الله لاينام أيّام الخوف ولا ينكل عن الأعداء حذر الدوائر، من أشدّ عبيدالله بأساً وأكرمهم حسباً، أضرّ على الفجّار من حريق النار، وأبعد الناس من دنس أو عار.
وهو مالك بن الحارث الأشتر. لا نابي الضريبة، ولا كليل الحدّ. حليم في الحذر، رزين في الحرب، ذو رأي أصيل وصبر جميل. فاسمعوا له، وأطيعوا أمره. فإن أمركم بالنفير، فانفروا، فإن أمركم أن تقيموا، فأقيموا; فإنّه لايقدم ولا يحجم إلاّ بأمري. فقد آثرتكم به على نفسي نصيحة لكم وشدّة شكيمة على عدوّكم. عصمكم الله بالهدى، وثبّتكم بالتقوى، ووفّقنا وإيّاكم لما يحبّ ويرضى. والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ثمّ ذكر دسيس معاوية في أمره وكيفيّة شهادته مسموماً.
ولمّا بلغ أميرالمؤمنين(عليه السلام) وفاة الأشتر، جعل يتلهّف ويتأسّف عليه ويقول: لله درّ مالك. لو كان من جبل، لكان أعظم أركانه. ولو كان من حجر، كان صلداً. أما والله ليهدّن موتك. فعلى مثلك فلتبك البواكي. ثمّ قال: إنّا لله وإنّا إليه راجعون. والحمدلله ربّ العالمين. إنّي أحتسبه عندك، فإنّ موته من مصائب الدهر. فرحم الله مالكاً، قد وفى بعهده، وقضى نحبه، ولقي ربّه ـ الخ(2). ونحوه غيره فيه وفي البحار(3).


(1) جديد ج 41/134 و135، و ج 34/163، وج 29/495، وط كمباني ج 8/703 و159، وج 9/539 .
(2) ط كمباني ج 8/648.
(3) ط كمباني ج8/657، وج18 كتاب الطهارة ص221، وجديد ج 82/130، وج33/554، و590 .

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه