مايعلم منه شجاعة إبراهيم الخليل في كسر الأصنام، فإنّ مقاومة الرجل الواحد اُلوفاً من أعداء الله عزّوجلّ تمام الشجاعة(1). بيان شجاعة رسول الله(صلى الله عليه وآله)(2). وتقدّم في «خلق» مايتعلّق بذلك.
أمّا شجاعة أميرالمؤمنين(عليه السلام)، فهي كالشمس في رابعة النهار. قال: وأعطاني من الشجاعة مالو قسّم على جميع جبناء الدنيا، لصاروا به شجعاناً(3).
باب مهابته وشجاعته(4).
روي عن شقيق بن سلمة قال: كنت اُماشي عمر بن الخطّاب إذ سمعت منه همهمة فقلت له: مه (أي: ماهو) ياعمر؟ فقال: ويحك! أما ترى الهزبر القثم ابن القثم، والضارب بالبهم، الشديد على من طغا وبغى بالسيفين والراية؟! فالتفتّ فإذاهو عليّ بن أبي طالب فقلت له: ياعمر، هو عليّ بن أبي طالب. فقال: اُدن منّي اُحدّثك عن شجاعته وبطالته. بايعنا النبي يوم اُحد على أن لا نفرّ، ومن فرّ منّا فهو ضالّ، ومن قتل منّا فهو شهيد، والنبيّ زعيمه، إذ حمل علينا مائة صنديد تحت كلّ صنديد مائة رجل أو يزيدون. فأزعجونا عن طاحونتنا. فرأيت عليّاً كاللّيث يتّقي الذرّ إذ قد حمل كفّاً من حصى فرمى به في وجوهنا ـ إلى أن قال: ـ ثمّ كرّ علينا الثانية وبيده صفيحة يقطر منها الموت فقال: بايعتم ثمّ نكثتم؟! فوالله لأنتم أولى بالقتل ممّن أقتل. فنظرت إلى عينيه كأنـّهما سليطان يتوقّدان ناراً، أو كالقدحين المملوّين دماً ـ إلى أن قال: ـ فما زلت اسكن روعة فؤادي، فوالله ماخرج ذلك الرعب من قلبي حتّى الساعة ـ الخ(5).
كلام ابن أبي الحديد في أنّ أقسام العدالة ثلاثة هي الاُصول، وماعداها منالفضائل فروع عليها: الاُولى الشجاعة، ويدخل فيها السخاء. والثانية العفّة،
(1) جديد ج 12/67، وط كمباني ج 5/130.
(2) جديد ج 16/232، وط كمباني ج 6/151.
(3) ط كمباني ج 6/422، و جديد ج 19/83 .
(4) جديد ج 41/59، وط كمباني ج 9/521.
(5) جديد ج 20/52، وط كمباني ج 6/495.