مستدرك سفينة البحار ج5

لمن آمن واتّقى، والشقاوة من الله تبارك وتعالى لمن كذّب وعصى(1).
أقول: يستفاد منه أنـّه حقّ القول والقضاء من الله أنّ المؤمن والمتّقي يسعد بدخول الجنّة، كما أنّ من كذّب وعصى يشقى بالعذاب، فإنّ العذاب على من كذّب وتولّى. ثمّ اعلم أنّ اختلاف السعيد والشقيّ ـ وبعبارة اُخرى الطيّب والخبيث ـ بالعرض لا بالذات; فإنّ أصل الأشياء الماء; كما تقدّم في «أصل» و «خلق». ويأتي في «شيأ» و «موه».
يظهر من أخبار الطينة والميثاق وأخبار عرض الولاية وأخبار بدء الخلق أنـّه عرض الولاية على الماء، فما قبل صار عذباً فراتاً; ومالم يقبل، صار ملحاً اُجاجاً. فالأصل الماء والاختلاف بالعرض. وصرّح الرّضا(عليه السلام) في رواية عمران الصابي المذكورة في «خلق»: أنـّه خلق خلقاً مختلفاً بأعراض وحدود مختلفة ـ الخ، وله تعالى في ذلك كلّه بأن يمحوه من الأشقياء ويكتبه في السعداء ويكون عاقبة الّذين أساؤوا السوأى أن كذّبوا بآيات الله فيدخلوا في الأشقياء. نعوذ بالله من سوء العاقبة.
وفي الروايات المستفيضة الواردة في بيان خلقة الإنسان في الرحم أنـّه إذا تمّت الأربعة أشهر، بعث الله عزّوجلّ ملكين خلاّقين فيقولان: ياربّ، ماتخلق؟ قال: فيوحي الله تعالى مايريد من ذلك ذكراً أو اُنثى، مؤمناً أو كافراً، أسود أو أبيض، شقيّاً أو سعيداً، وأحواله ومايصيبه من صحّة أو عافية أو بلاء ومرض وأجله والميثاق الّذي أخذه منه في عالم الذرّ، ويكتبانه بين عينيه، ويقول الله تعالى لهما: اشترطا لي البداء في ذلك كلّه. ويعرف ذلك كلّه المتوسّمون وهم الأئمّة(عليهم السلام)، فإذا نظروا إلى كلّ أحد يرون ماقدّر له ويعلمون ذلك. وهذه الروايات في البحار(2). وتقدّم في «بدء» مايتعلّق بذلك، وكذا في «وسم».
فممّا ذكرنا ظهر معنى النبوي المشهور: «الشقيّ من شقي في بطن اُمّه والسعيد


(1) جديد ج 5/154، وط كمباني ج 3/43.
(2) ط كمباني ج 14/374 و373 ـ 380، وجديد ج 60/340، وج 5/154 و155.


اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه