مستدرك سفينة البحار ج9

والحرص وهي معصية آدم وحوّاء حين قال الله عزّوجلّ لهما: (كلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة) ـ الآية، فأخذا مالا حاجة بهما إليه فدخل ذلك على ذرّيتهما إلى يوم القيامة، وذلك أنَّ أكثر ما يطلب ابن آدم مالا حاجة به إليه.
ثمّ الحسد وهي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله فتشعّب من ذلك حبّ النساء وحبّ الدنيا وحبّ الرئاسة وحبّ الراحة وحبّ الكلام وحبّ العلوّ وحبّ الثروة، فصرن سبع خصال فاجتمعن كلّهن في حبّ الدنيا، فقال الأنبياء والعلماء بعد معرفة ذلك: حبّ الدنيا رأس كلّ خطيئة، والدنيا دنيا آن دنيا بلاغ ودنيا ملعونة(1).
الكافي: عن حكيم قال: سألت أبا عبدالله(عليه السلام) عن أدنى الإلحاد، قال: إنّ الكبر أدناه(2).
بيان: قال الراغب: الكبر الحالة الّتي يتخصّص بها الإنسان من إعجابه بنفسه، وذلك أن يرى الإنسان نفسه أكبر من غيره. وأعظم التكبّر التكبّر على الله تعالى بالامتناع من قبول الحقّ والإذعان له بالعبادة. وبعده التكبّر على الرسل والأوصياء كقولهم: (أنؤمن لبشرين مثلنا)، (وقالوا لولا اُنزل علينا الملائكة أو نرى ربّنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوّاً كبيراً). وهذا قريب من الأوّل وإن كان دونه.
والثالث التكبّر على العباد، وذلك بأن يستعظم نفسه ويستحقر غيره، فتأبى نفسه عن الإنقياد لهم، وتدعوه إلى الترفّع عليهم، فيزدريهم ويستصغرهم، ويأنف عن مساواتهم، ويتقدّم عليهم في مضائق الطرق، ويرتفع عليهم في المحافل، وينتظر أن يبدؤوه بالسلام، وإن وعّظ أنف من القبول، وإن وعّظ عنف في النصح، وإن ردّ عليه شيء من قوله غضب، وإن علّم لم يرفق بالمتعلّمين واستذلّهم وانتهرهم وامتنّ عليهم واستخدمهم، وينظر إلى العامّة كما ينظر إلى الحمير


(1) ط كمباني ج 15 كتاب الكفرص 81 ، وجديد ج 73/59.
(2) ط كمباني ج 15 كتاب الكفر ص 112، وجديد ج 73/190.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   الحديث وعلومه