وبعضهم له نور قليل وبعضهم ليس له نور؟ فقال الله عزّوجلّ: كذلك خلقتهم لأبلوهم في كلّ حالاتهم.
قال آدم: ياربّ فتأذن لي في الكلام فأتكلّم؟ قال الله عزّوجلّ: تكلّم فإنّ روحك من روحي وطبيعتك ] من [ خلاف كينونتي. قال آدم: ياربّ فلو كنت خلقتهم على مثال واحد وقدر واحد وطبيعة واحدة وجبلّة واحدة وألوان واحدة وأعمار واحدة وأرزاق سواء لم يبغ بعضهم على بعض ولم يكن بينهم تحاسد ولا تباغض ولا اختلاف في شيء من الأشياء.
قال الله عزّوجلّ: ياآدم بروحي نطقت وبضعف طبيعتك تكلّفت ما لاعلم لك به وأنا الخالق العالم، بعلمي خالفت بين خلقهم، وبمشيّتي يمضي فيهم أمري وإلى تدبيري وتقديري صائرون، لاتبديل لخلقي، إنّما خلقت الجنّ والإنس ليعبدون، وخلقت الجنّة لمن أطاعني وعبدني منهم واتّبع رسلي ولا اُبالي، وخلقت النار لمن كفر بي وعصاني ولم يتّبع رسلي ولا اُبالي، وخلقتك وخلقت ذرّيّتك من غير فاقة بي إليك وإليهم، وإنَّما خلقتك وخلقتهم لأبلوك وأبلوهم أيّكم أحسن عملاً في دار الدنيا في حياتكم وقبل مماتكم فلذلك خلقت الدنيا والآخرة، والحياة والموت، والطاعة والمعصية، والجنّة والنار.
وكذلك أردت في تقديري وتدبيري، وبعلمي النافذ فيهم خالفت بين صورهم وأجسامهم وألوانهم وأعمارهم وأرزاقهم وطاعتهم ومعصيتهم، فجعلت منهم الشقيّ والسعيد، والبصير والأعمى، والقصير والطويل، والجميل والدميم، والعالم والجاهل، والغنيّ والفقير، والمطيع والعاصي، والصحيح والسقيم، ومن به الزمانة ومن لاعاهة به، فينظر الصحيح إلى الّذي به العاهة فيحمدني على عافيته، وينظر الّذي به العاهة إلى الصحيح فيدعوني ويسألني أن اُعافيه، ويصبر على بلائي فاُثيبه جزيل عطائي، وينظر الغنيّ إلى الفقير فيحمدني ويشكرني، وينظر الفقير إلى الغنيّ فيدعوني ويسألني، وينظر المؤمن إلى الكافر فيحمدني على ماهديته.
فلذلك خلقتهم لأبلوهم في السرّاء والضرّاء، وفيما اُعافيهم وفيما أبتليهم