« باب علي « ع » »
    مسند أحمد : قال سعد بن مالك : أمر رسول الله « ص » بسد الأبواب الشارعة في المسجد ، وترك باب علي « رض » (1) .
    رجال اصبهان : عن ابن عمر قال : لقد اعطي علي ثلاثا لأن اكون أعطيتهن أحب اليّ من حُمر النعم ، زوجّه رسول الله « ص » أمر بسد الأبواب الا باب علي (3) .
    خصائص النسائي : عن زيد بن ارقم قال : كان لنفر من أصحاب رسول الله « ص » ابواب شارعة في المسجد ، فقال رسول الله « ص » : سدوا الأبواب الا باب علي ، فتكلم بذلك الناس ، فقام رسول الله « ص » فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد فإني أمرت بسد هذه الأبواب غير باب علي ، وقال فيه قائلكم ، والله ما سددته ولا فتحته ولكني أمرت فاتبعته (4) . كذا في مسند احمد (5) .
    ويروى في المستدرك : نظيره ، ثم قال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (6) .
    ويروى الخصائص ايضا : عن سعد : قال كنا مع رسول الله « ص » في المسجد ، فروى فينا لسده ليخرج من في المسجد الا آل رسول الله « ص » وآل علي ، قال : فخرجنا ، فلما أصبح اتاه عمه فقال : يا رسول الله أخرجت اصحابك واعمامك وأسكنت هذا الغلام ، فقال رسول الله « ص » : ما أنا أمرت باخراجكم ولا بإسكان
1 ـ مسند أحمد ج 1 ص 175 .
2 ـ رجال اصبهان ج 1 ص 276 .
3 ـ سنن الترمذي ص 535 .
4 ـ خصائص النسائي ص 9 .
5 ـ مسند أحمد ج 4 ص 369 .
6 ـ المستدرك ج 3 ص 125 .



114
هذا الغلام ، ان الله هو أمر به (1) .
    ويروى : باسناد آخر : ان العباس أتى النبي « ص » فقال : سددت ابوابنا الا باب علي فقال : ما أنا فتحتها ولا أنا سددتها .
    أقول : يظهر من هذه الروايات أن الأبواب كلها قد سدت الا باب علي ، وعلى هذا قال العباس : اخرجت اصحابك واعمامك وسددت ابوابنا الا باب علي ، وقال رسول الله « ص » : فإني امرت بسد هذه الأبواب غير باب علي .
    مستدرك الحاكم : عن خيثمة ، قال رجل لسعد بن مالك : إن عليا يقع فيك أنك تخلفت عنه ! فقال سعد : والله أنه لرأي رأيته واخطأ رأيي ، ان علي بن أبي طالب أعطي ثلاثا لأن أكون أعطيت احداهن أحب إليّ من الدنيا وما فيها ، لقد قال له رسول الله « ص » يوم غدير خم بعد حمد الله والثناء عليه ... واخرج رسول الله « ص » عمه العباس وغيره من المسجد فقال له العباس تُخرجنا ونحن عصبتك وعمومتك وتسكن عليا ! فقال : ما أنا أخرجتكم واسكنته ولكن الله أخرجكم واسكنه (2) .
    ويروى أيضا : عن عمر بن الخطاب قال : لقد اُعطي علي بن أبي طالب ثلاث خصال : لأن تكون لي خصلة منها أحب اليّ من أن أعطى حُمر النعم ، قيل وما هن يا اميرالمؤمنين ؟ قال تزوجه فاطمة بنت رسول الله « ص » ، وسكناه المسجد مع رسول الله « ص » يحل له فيه ما يحل له ، والراية يوم خيبر (3) .
    هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
    الفائق : سعد قال : لما نودي ليخرج من في السمجد الا آل رسول الله وآل علي ، فخرجنا نجُرّ قلاعنا (4) .
    قال الزمخشري : القلاع جمع قلع وهو الكنف يكون فيه الزاد .
1 ـ خصائص النسائي ص 10 .
2 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 116 .
3 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 125 .
4 ـ الفائق ج 2 ص 372 .



115
    أقول : هذه الأحاديث تدل على نهاية اختصاص علي « ع » وكمال اتصاله برسول الله « ص » ، بحيث يحل لرسول الله « ص » ويقول « ص » في سكناه المسجد : إن الله هو أمر به .
    سنن الترمذي : عن أبي سعيد عن رسول الله « ص » قال لعلي : يا علي لا يحل لأحد أن يجنب في المسجد غيري وغيرك (1) .
    رجال اصبهان : عن ام سلمة قالت : خرج النبي « ص » الى صرحة هذا المسجد فقال : ألا لا يحل هذا المسجد لجنب ولا لحائض الا لرسول الله « ص » وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، ألا قد بينت لكم الأسماء أن تضلوا (2) .
    سنن البيهقي : يروى الروايتين (3) .
    ويروى أيضا : عن ام سلمة قالت : قال رسول الله « ص » : ألا ان مسجدي حرام على كل حائض من النساء وكل جنب من الرجال الا على محمد واهل بيته ، علي وفاطمة والحسن والحسين « رض » .
    أقول : هذه الروايات تدل على أن باب علي الى المسجد لم تسد .
    يقول في الدرة الثمينة في تاريخ المدينة ملحقا الى شفاء الغرام : ذكر بيت فاطمة بنت رسول الله « ص » ، كان خلف بيت النبي « ص » عن يسار المصلى الى الكعبة ، وكان فيه خوخة الى بيت النبي « ص » كان رسول الله « ص » اذا قام من الليل الى المخرج اطلع منها يعلم خبرهم ، وكان يأتي بابها كل صباح فيأخذ بعضادتيه ويقول الصلاة الصلاة انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (4) .
1 ـ سنن الترمذي ص 535 .
2 ـ رجال إصبهان ج 1 ص 291 .
3 ـ سنن البيهقي ج 7 ص 65 .
4 ـ شفاء الغرام ج 2 ص 359 .



116
« بعض فضائله »

    يقول ابن المُعتز ابن المتوكل العباسي في ديوانه « ط بيروت ص 129 » في جواب من طعن في علي بن أبي طالب « ع » .

علـي يظنون بـي بغضــه اذا لاسقتنـي غــدا كفــه مُجلى الكروب وليث الحـرو وبحر العلوم وغيظ الخصـو يقلّب فـي فمــه مقــولا واول مـن ظــل في موقف وكان أخـا لنبـي الهــدى وكفوا لخيـر نسـاء العبــا وأقضى القضـاة لفصل الخطا وفي ليلة الغـار وقّى النبـي وبات ضجيعـا به في الفـرا وعمـرو بن عبـد وأحزابـه وسَـل عنه خير ذات الحصو وسبطـاه جدهمــا أحمــد فهلا سوى الكفر ظنــوه بي من الحوض والمشرب الأعذب ب في الرهج الساطع الأهيـب م متى يصطرغ وهـم يُغلـب كشقشقـة الجمــل المصعب يُصلى مع الطاهــر الطيـب وخُـص بذاك فـلا تكــذب دِ ما بين شرق الى مغــرب ب والمنطق الأعدل الأصوب عشاء الــى الفلـق الأشهب شِ مُوطّن نفس على الأصعب سقاهم حسا الموت في يثـرب ن تُخبرك عنه وعن مرحـب فـبــخّ لجـدهمــا والأب

    مستدك الحاكم : عن محمد بن منصور يقول : سمعت أحمد بن حنبل يقول ـ ما جاء لأحد من أصحاب رسول الله « ص » من الفضائل ما جاء لعلي بن أبي طالب « رض » (1) .
1 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 107 .


117
    تاريخ الطبري : ثم أن قيس بن سعد قام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد « ص » وقال : الحمد لله الذي جاء بالحق وأمات الباطل وكبّت الظالمين ، أيها الناس إنا قد بايعنا خير من نعلم بعد محمد نبينا « ص » فقوموا أيها الناس فبايعوا على كتاب الله وسنة رسوله « ص » فإن نحن لم نعمل لكم بذلك فلا بيعة لنا عليكم . فقام الناس فبايعوا ، واستقامت له مصر (1) .
    أقول : مر في الأحاديث السابقة كونه اقضى واعلم الأمة ، وانه لا يزال مع الحق ولاحق يدور معه ، وإنه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، وإنه أحب الناس الى رسول الله « ص » ، وإنه كنفس رسول الله .
    الاستيعاب : وسئل الحسن البصري عن علي بن أبي طالب « رض » فقال : كان علي والله سهما صائبا من مرامي الله على عدوه ، ورباني هذه الأمة ، وذا فضلها وذا سابقتها وذا قرابتها من رسول الله « ص » ، لم يكن بالنومة عن امر الله ، ولا بالملومة في دين الله ، ولا بالسروقة لمال الله ، اعطى القرآن عزائمه ففاز منه برياض مونقة ، ذلك علي بن أبي طالب يالكع (2) .
    عقد الفريد : دخل رجل على الحسن البصري ، فقال : يا أبا سعيد إنهم يزعمون أنك تبغض عليا ، قال : فبكى الحسن حتى اخضلّت لحيته ، ثم قال : كان عليّ والله ... الرواية (3) .
    المحاسن للبيهقي : قام رجل في مجلس محمد بن عائشة بالبصرة من وسط الحلقة ، فقال : يا أبا عبد الرحمن من افضل اصحاب رسول الله « ص » ؟ فقال : ابو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وابو عبيدة بن الجراح .
    فقال له : فأين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ؟
    قال : يا هذا تستفتي عن اصحابه أم عن نفسه ؟
    قال : بل عن اصحابه .
1 ـ تاريخ الطبري ج 5 ص 227 .
2 ـ الإستيعاب ج 3 ص 1110 .
3 ـ عقد الفريد ج 4 ص 313 .



118
    قال : ان الله تبارك وتعالى يقول ـ قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم . فكيف يكون أصحابه مثل نفسه (1).
    مستدرك الحاكم : عن أبي هريرة قال : قالت فاطمة « رض » : يا رسول الله زوّجتني من علي بن أبي طالب وهو فقير لا مال له ! فقال : يا فاطمة أما ترضين أن الله عز وجل اطلع الى أهل الأرض فاختار رجلين أحدهما أبوك والآخر بعلك (2) .
    الاستيعاب : قال سعيد بن عمرو بن العاص : قلت لعبد الله بن عياش يا عم ، لو كان صغو الناس الى علي ! فقال : يا ابن اخي ان عليا عليه السلام كان له ما شئت من ضرس قاطع في العلم ، وكان له البسطة في العشيرة ، والقدم في الاسلام ، والصهر لرسول الله « ص » ، والفقه في المسألة ، والنجدة في الحرب ، والجود في الماعون (3) .
    البيان والتعريف : روى الطبراني والبزاز عن أبي ذر وسلمان ، أخذ رسول الله « ص » بيد علي فقال : هذا أول من آمن بي واول من يصافحني يوم القيامة وهذا الصديق الأكبر وهذا فاروق هذه الأمة وهذا يعسوف المؤمنين والمال يعسوب الظالمين (4) .
    أقول : يظهر من هذه الرواية أن رسول الله « ص » لقّب عليا بالصديق والفاروق فهو الفارق بين الأمة ، فمن تبعه وأطاعه فهو على هدى من ربه ، ومن خالفه وانحرف عنه فهو على ضلال .
    مستدرك الحاكم : عن عمران قال : قال رسول الله « ص » : النظر الى علي عبادة (5) .
1 ـ المحاسن للبيهقي ص 42 .
2 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 129 .
3 ـ الاستيعاب ج 3 ص 1107 .
4 ـ البيان والتعريف ج 2 ص 110 .
5 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 141 .



119
    ثم يروى : بأسناد أخر عنه « ص » : النظر الى وجه علي عبادة .
    الفائق : النظر الى وجه علي عبادة .
    قال ابن الأعرابي : ان تأويله ان عليا كان اذا برز قال الناس : لا إله الا الله ما أشرف هذا الفتى ، لا إله الا الله ما أشجع هذا الفتى ، لا إله الا الله ما أعلم هذا الفتى ، لا إله الا الله ما أكرم هذا الفتى ، لا إله الا الله .
    مستدرك الحاكم : عن جابر ، قال : سمعت رسول الله « ص » وهو آخذ بضبع علي بن أبي طالب « رض » وهو يقول : هذا امير البررة وقاتل الفجرة منصور من نصره ومخذول من خذله ، ثم مد بها صوته (2) ، [ والضبع : العضد ] .
    هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه .
    المحاسن للبيهقي : عن أبي مالك : ان النبي « ص » قال : هبط عليّ جبريل عليه السلام يوم حنين ، فقال : يا محمد ان ربك تبارك وتعالى يقرئك السلام ، وقال ادفع هذه الاُتُرجّة الى ابن عمك ووصيك علي بن أبي طالب رضي الله عنه . فدفعتها اليه فوضعتها في كفه ، فانفلقت بنصفين ، فخرج منها رق ابيض مكتوب فيه بالنور من الطالب الغالب الى علي بن أبي طالب (3) .
    ويروى أيضا : عن سعيد بن جبير : كان عبد الله بن عباس بمكة يحدّث على شفير زمزم ونحن عنده ، فلما قضى حديثه قام اليه رجل فقال : يا ابن عباس اني امرؤ من اهل الشام من اهل حِمص ، انهم يتبرؤون من علي بن أبي طالب « رضوان الله عليه » ويلعنونه ! فقال : بل لعنهم الله في الدنيا والآخرة واعد لهم عذابا مهينا ، البُعد قرابته من رسول الله « ص » وانه لم يكن اول ذُكران العالمين ايمانا بالله ورسوله واول من صلى وركع وعمل باعمال البر ؟
    قال الشامي : انهم والله ما ينكرون قرابته وسابقته غير انهم يزعمون انه قتل الناس .
1 ـ الفائق ج 3 ص 107 .
2 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 129 .
3 ـ المحاسن للبيهقي ص 42 .



120
    فقال ابن عباس : ثكلتهم امهاتهم ، ان عليا اعرف بالله عز وجل برسوله وبحكمهما منهم ، فلم يقتل الا من استحق القتل .
    قال : يا ابن عباس ان قومي جمعوا لي نفقة وأنا رسولهم اليك وأمينهم ولا يسعك أن تردّني بغير حاجتي ، فإن القوم هالكون في امره ففرّج عنهم فرّج الله عنك .
    فقال ابن عباس : يا أخا اهل الشام إنما مثل علي في هذه الأمة في فضله وعلمه كمثل العبد الصالح لاذي لقيه موسى « ع » لما انتهى الى ساحل البحر فقال له هل اتبعك على أن تُعلّمني مما علّمت رشد ؟ قال العالم إنك لن تستطيع صبرا ... فكبر على موسى الحق وعظم ، اذ لم يكن يعرفه هذا ، وهو نبي مرسل من اُولي العزم ممن قد أخذ الله جل وعز ميثاقه على النبوة ، فكيف أنت يا أخا اهل الشام واصحابك ؟ ان عليا رضي الله عنه لم يقتل الا من كان يستحل قتله .
    واني أخبرك ان رسول الله « ص » كان عند ام سلمة بنت ابي اميمة اذ أقبل علي « ع » يريد الدخول على النبي « ص » ، فنقر نقرا خفيفا ، فعرف رسول الله « ص » نقره ، فقال : يا ام سلمة قومي فافتحي الباب ، فقالت : يا رسول الله من هذا الذي يبلغ خطره أن أستقبله بمحاسني ومعاصمي ؟ « النقر : الدق » .
    فقال : يا ام سلمة ان طاعتي طاعة الله جل وعز ، قال : ومن يُطع الرسول فقد أطاع الله ، قومي يا أم سلمة فإن بالباب رجلا ليس بالخرق ولا النزق ولا بالعجل في امره يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ، يا أم سلمة انه أن تفتحي الباب له فلن يدخل حتى يخفى عليه الوطؤ ، فلم يدخل حتى غابت عنه وخفي عليه الوطؤ . فلما لم يحس لها حركة دفع الباب ودخل فسلم على النبي « ص » فرد عليه السلام وقال : يا أم سلمة هل تعرفين هذا ؟ قالت نعم هذا علي بن أبي طالب .
    فقال رسول الله « ص » : نعم هذا علي سيط لحمه بلحمي ودمه بدمي وهو


121
مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي ، يا ام سلمة هذا علي سيد مبجّل مؤمل المسلمين واميرالمؤمنين وموضع سرّي وعلمي وبابي الذي آوي اليه ، وهو الوصي على أهل بيتي وعلى الأخيار من أمتي ، هو أخي في الدنيا والآخرة وهو معي في السناء الأعلى ، اشهدي يا أم سلمة إن عليا يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين .
    قال ابن عباس : وقتلهم لله رضى وللأمة صلاح ولاهل الضلالة سخط .
    قال الشامي : يا ابن عباس من الناكثون ؟
    قال : الذين بايعوا عليا بالمدينة ثم نكثوا فقاتلهم بالبصرة ، أصحاب الجمل ، والقاسطون معاوية واصحابه ، والمارقون اهل النهروان ومن معهم .
    فقال الشامي : يا ابن عباس ملأت صدري نورا وحكمة وفرّجت عني فرّج الله عنك ، اشهد أن عليا رضي الله عنه مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة (1) .
    ويروى ايضا : قال ابن عباس : عقُم النساء أن يجئن بمثل علي ، وعلى رأسه عمامة بيضاء وكأن عينيه سراجا سليط ، وهو يقف على شرذمة بعد شرذمة من الناس يعظهم ويحضّهم ... الخ .
    ويروى ايضا : عن ابن عباس أنه قال : لقد سبق لعلي رضي الله عنه سوابق لو أن سابقة منها قسّمت على الناس لو سعتهم خيرا .
    ويروى ايضا : عنه قال : كان لعلي رضي الله عنه خصال ضوارس قواطع سطة في العشرة وصهر للرسول وعلم بالتنزيل وفقه في التأويل وصبر عند النزال ومقاومة الأبطال ، وكان ألدّ اذا أعضل ذا رأي اذا أشكل .
    ويروى أيضا : دخل ابن عباس على معاوية فقال ـ يا ابن عباس لي عليا ، قال : كأنك لم تره ؟
    قال : بلى ، ولكني أحب أن أسمع منك فيه مقالا .
    قال : كان اميرالمؤمنين رضوان الله عليه غزير الدمعة طويل الفكرة ، يعجبه
1 ـ المحاسن للبيهقي ص 43 .


122
من اللباس ما خشن ومن الطعاب ما جشُب ، يُدنينا اذا أتيناه ويُجيبنا اذا دعوناه ، وكان مع تقرّبه ايانا وقربه منا لا نبدأه بالكلام حتى يتبسم فاذا هو تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، أما والله يا معاوية لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخى الليل سدوله وغارت نجومه وهو قابض على لحيته يبكي ويتململ السليم ، وهو يقول : يا دنيا اياي تغرّين أمثلي تشوقين ؟ لاحان حينك بل زال زوالك ، قد طلّقتك ثلاثا لا رجعة فيها ، فعيشك حقير وعمرك قصير وخطرك يسير ، آه آه : من بعد السفر ووحشة الطريق وقلة الزاد .
    قال : فأجهش معاوية ومن معه بالبكاء (1) .
    أقول : جشب الطعام : غلظ . السليم : الجريح اللديغ . التململ : التقلب على الفراش . أجهش : تهيّأ .
    ويروى أيضا : ان عدي بن حاتم دخل على معاوية بن أبي سفيان ، فقال : يا عدي أين الطرفات ؟ يعني بنيه طريفا وطارفا وطرفة . قال : قتلوا يوم صفين بين يدي علي بن أبي طالب رضي الله عنه .
    فقال : ما أنصفك ابن أبي طالب اذ قدم بنيك وأخر بنيه .
    قال : بل ما أنصفت أنا عليا اذ قُتل وبقيت .
    قال : صف لي عليا . فقال : ان رأيت ان تُعفيني .
    قال : لا اُعفيك .
    قال : كان والله بعيد المدى وشديد القوى ، يقول عدلا ويحكم فصلا ، تتفجر الحكمة من جوانبه والعلم من نواحيه ، يستوحش من الدنيا وزهرتها ، يستأنس بالليل ووحشته ، وكان والله غزير الدمعة طويل الفكرة ، يحاسب نفسه اذا خلا ، ويقلب كفّيه على ما مضى ، يعجبه من اللباس القصير ومن المعاش الخشن ، وكان فينا كأحدنا ، يُجيبنا اذا سألناه ويُدنينا اذا أتيناه ... الحديث باختلاف يسير (2) .
1 ـ المحاسن للبيهقي ص 45 .
2 ـ نفس المصدر ص 46 .



123
    أقول : يستفاد من هذه الأحاديث أمور :
    1 ـ ما جاء لاحد من الفضائل ما جاء لعلي « ع » .
    2 ـ انه خير من يُعلم بعد رسول الله « ص » .
    3 ـ انه كنفس رسول الله « ص » .
    4 ـ انه اول من آمن برسول الله « ص » .
    5 ـ هو الصديق الأكبر والفاروق ويعسوب المؤمنين .
    6 ـ هو امير البررة منصور من نصره .
    8 ـ اهدى الله اليه اثُرُجَّة .
    9 ـ انه اول من آمن وصلى وركع من الذكران .
    11 ـ انه من رسول الله بمنزلة هارون من موسى .
    12 ـ انه سيد مبجّل ، اميرالمؤمنين ومومل المسلمين .
    13 ـ موضع سر رسول الله « ص » وعلمه وبابه .
    14 ـ هو الوصي على أهل البيت وعلى الأخيار .
    15 ـ اخوه في الدنيا والآخرة وهو معه .
    16 ـ انه يقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين .
    17 ـ لو أن سابقة منها قسمت على الناس لوسعتهم .
    18 ـ عالم بالتنزيل وفقيه بالتأويل .
    19 ـ غزير الدمعة طويل الفكرة .
    20 ـ كان يبكي ويتململ تملمُل السليم .
    21 ـ يستوحش من الدنيا ويستأنس بالليل .
    22 ـ كان في الناس كأحدهم يُجيب اذا سُئل .