سنن الترمذي
: عن رسول الله « ص » قال : يا معشر قريش ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف على الدين ، قد امتحن الله قلبه على الإيمان ، قالوا : من هو يا رسول الله ؟ فقال له أبو بكر : من هو يا رسول الله ؟ وقال عمر : من هو يا رسول الله ؟ قال : هو خاصف النعل ، وكان أعطى عليا نعله يخصفها (1) . خصائص النسائي : جاء النبي « ص » أناس من قريش فقالوا : يا محمد ! إنا جيرانك وحلفاؤك وان من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة في الدين ولا رغبة في الفقه إنما فروا من ضياعنا وأموالنا فارددهم الينا فقال لأبي بكر : ما تقول ؟ ما تقول ؟ قال : صدقوا إنهم لجيرانك وحلفاؤك ، فتغير وجه النبي « ص » ثم قال لعمر : ما تقول ؟ قال : صدقوا انهم لجيرانك وحلفاؤك ، فتغير وجه النبي « ص » ثم قال : يا معشر قريش والله ليبغثن الله عليكم رجلا منكم امتحن الله قلبه للإيمان فيضربكم على الدين أو يضرب بعضكم ، قال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : لا . قال عمر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : لا . ولكن ذلك الذي يخصف النعل ، وقد كان أعطى عليا نعلا يخصفها (2) . ويروى أيضا : عن أبي : قال رسول الله « ص » : لينتهن بنو ربيعة أو لأبعثن عليهم رجلا كنفسي يُنفذ فيهم أمري فيقتل المقاتلة ويسبي الذرية ، فما راعني الا وكف عمر في حجزتي من خلفي ، من يعني ؟ قلت : اياك يعني وصاحبك ، قال : فمن يعني ؟ قلت خاصف النعل ، قال ، وعلي يخصف النعل (3) . ويروي ايضا : عن أبي سعيد الخدري قال : كنا جلوسا ننظر رسول الله « ص » فخرج الينا قد انقطع شسع نعله فرمى به الى علي رضي الله عنه ، فقال : ان
1 ـ سنن الترمذي ص 533 .
2 ـ خصائص النسائي ص 8 .
3 ـ نفس المصدر ص 14 .
100
منكم رجلا يقاتل الناس على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ، قال أبو بكر : أنا ؟ قال : لا ، قال عمر ، أنا ؟ قال لا ، ولكن خاصف النعل (1) . المحاسن للبيهقي : عن علي قال ، قال رسول الله « ص » : يا معشر قريش والله ليبعثن الله عليكم رجلا منكم قد امتحن الله قلبه للايمان يضرب رقابكم على الدين ، فقال أبو بكر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : لا ، فقال عمر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : لا ، ولكنه خاصف النعل ، وأنا أخصف نعل رسول الله « ص » (2) . مستدرك الحاكم : عن ربعي عن علي « ع » مثله (3) . وفي المستدرك : كما في الخصائص ص 29 ، وفيه : يعني عليا ، فأتيناه فبشرناه فلم يرفع به رأسه ، كأنه قد كان سمعه من رسول الله « ص » . هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه (4) . أقول : هذه الروايات تشير الى كمال مجاهدته وسعيه في نفوذ الاسلام واقتدار المسلمين وتوسعة حكومة الحق ودحض شوكة الباطل وأهله ، وقد عبر عن مجاهدته بتعبيرين اشارة الى أن مجاهدته تقع في زمان حياة رسول الله « ص » ، وبعد حياته .
وعبّر عن الأول بجملة ـ يضرب رقابكم على الدين ـ فإن الجهاد في زمان رسول الله « ص » كان على الدين .
وعبّر الثاني بجملة ـ يقاتل الناس على تأويل القرآن ـ فإن وظيفة الإمام بيان حقائق الدين وتفسير مصاديق الآيات وتوضيح المقاصد والمطالب ودفع الشكوك والشبهات . الاستيعاب : عن المطّلب ، قال رسول الله « ص » لوفد ثقيف حين جاءه : لتسلمُن
1 ـ نفس المصدر السابق ص 29 .
2 ـ المحاسن للبيهقي ص 41 .
3 ـ مستدرك الحاكم ج 2 ص 138 .
4 ـ نفس المصدر ج 3 ص 123 .
101
أو لأبعثن رجلا مني ـ أو قال مثل نفسي ـ فليضربن أعناقكم ، وليسببن ذراريكم ، وليأخذن أموالكم ، قال عمر : فوالله ما تمنيت الإمارة الا يومئذ ، وجعلت أنصب صدري له رجاء أن يقول : هو هذا . قال فالتفت الى علي « رض » فأخذ بيده ثم قال : هو هذا (1) . المستدرك : عن عبد الرحمن بن عوف قال : افتتح رسول الله « ص » مكة ثم انصرف الى الطائف فحاصرهم ثمانية أو سبعة ... ثم قال : أيها الناس اني لكم فرط واني اوصيكم بعترتي خيرا موعدكم الحوض ، والذي نفسي بيده لتقيمن الصلوة ولتؤتون الزكوة أو لأبعثن عليكم رجلا مني أو كنفسي فليضربن أعناق مقاتليهم وليسبين ذراريهم ، قال فرأى الناس إنه يعني أبا بكر وعمر ، فأخذ بيد علي فقال : هذا (2) . أقول : يستفاد من هذه الروايات الشريفة امور :
1 ـ ليبعثن الله من يضرب رقابكم بالسيف على الدين : تدل على كمال مجاهدته ، وانها على الدين الخالص ، وقد بعث من الله تعالى .
2 ـ قد امتحن الله قلبه على الايمان : تدل على استقرار ايمانه وثبوته ورسوخه في الله ومن الله ، بحيث لا يقبل التزلزل .
3 ـ قال ابو بكر : أنا هو يا رسول الله ؟ قال : لا : تدل على استشراف أبي بكر وعمر لهذه المنزلة ، وقال : هو خاصف النعل .
4 ـ يقاتل الناس على تأويل القرآن : تدل على إمامته وخلافته بعد رسول الله « ص » فإن هذه من وظائف الامام ، وهو موظف على أن يجاهد حتى يتبين للناس ما اختلفوا فيه ، ويتضح التأويل وترتفع الشكوك . وأما النبي « ص » : فهو يجاهد على تنزيل القرآن واصله .
5 ـ رجلا منّي أو كنفسي : وهذا دليل آخر على علوّ مرتبته وسموّ مقامه ،
1 ـ الاستيعاب ج 3 ص 1110 .
2 ـ مستدرك الحاكم ج 2 ص 120 .
102
6 ـ فليضربن أعناق مقاتليهم : تدل على كمال شجاعته ونهاية مجاهدته ، ونروي روايات مخصوصة بهذا الموضوع .
السيرة النبوية : نادى مناد يوم أحد : لا سيف الا ذوالفقار ولا فتى الا علي (1) ! الطبقات : قال محمد بن عمر كان علي ممن ثبت مع رسول الله « ص » على سريّة الى بني سعد بفدك في مائة رجل ، وكان معه احدى رايات المهاجرين الثلاث يوم فتح مكة ، وبعثه على سريّة الى الفَلس الى طيّ ، وبعثه الى اليمن ، ولم يتخلف عن رسول الله « ص » في غزوة غزاها الا غزوة تبوك خلّفه في أهله (2) . المحاسن والأضداد : في كلام لعائمة بن عاثم في جواب ثلب معاوية لبني هاشم : ومنا أبو الحسن علي بن أبي طالب صلوات الله عليه أفرس بني هاشم وأكرم من أحتبى وانتعل ، وفيه يقول الشاعر
علي ألّف الفرقـان صحفـا
ووالى المصطفى طفلا صبيا (3)
وفي محاسن البيهقي : يروى قريبا منه ، وفيها : اكرم من احتفى وتنعّل بعد رسول الله « ص » ، ومن فضائله ما قصر عنكم أنباؤها ، وفيه يقول الشاعر :
وهذا عليّ سيد الناس فاتقوا
عليا باسلام تقدم من قبل (4)
ويروى في الطبقات ايضا : عن قتادة : ان علي بن أبي طالب كان صاحب لواء رسول الله « ص » يوم بدر وفي كل مشهد (5) . امتاع الأسماع : التفت العباس يوم حنين وقد أقشع الناس عن بكرة أبيهم ،
1 ـ السيرة النبوية ج 3 ص 106 .
2 ـ الطبقات ج 3 ص 23 .
3 ـ المحاسن والأضداد ص 103 .
4 ـ المحاسن للبيهقي ص 92 .
5 ـ الطبقات ج 3 ص 23 .
103
فلم ير عليا فيمن ثبت ، فقال : شوهة وبوهة ، أو في مثل هذا الحال يرغب ابن أبي طالب بنفسه من رسول الله « ص » وهو صاحبه فيما هو صاحبه « يعني المواطن المشهورة له » فقلت أي الفضل بن العباس : بعض قولك لابن أخيك ظ أما تراه في الرهج ؟ قال : أشعره لي يا بنيّ ؟ قلت : هو ذو كذا ، ذو كذا ، ذو البُردة . قال : فما تلك البرقة ؟ قلت : سيفه يرفُل به بين الأقران . فقال : بر ابن بر فداه عم وخال . قال : فضرب علي يومئذ اربعين مبارزا كلهم يقدّه حتى يفدّ أنفه وذكره (1) . مستدرك الحاكم : قال رسول الله « ص » : لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبدُ ود يوم الخندق ؛ أفضل من اعمال امتي الى يوم القيامة (2) . ويروى : عن احمد بن عبد الجبار قال : سمعت يحيى بن آدم يقول : ما شبهت قتل علي عمروا الا بقول الله عز وجل ـ وقتل داود جالوت ، فهزموهم باذن الله (3) . أقول : رويت عن ام سلمة أنها قالت : شهدت معه مشاهد فيها قتال وخوف ولم يكن من ذلك أتعب لرسول الله « ص » ولا أخوف عندنا من الخندق ، وذلك أن المسلمين كانوا في مثل الحرجة وان قريظة لانأمنها على الذراري ، فالمدينة تُحرس حتى الصباح نسمع تكبير المسلمين فيها حتى يصبحوا خوفا (4) .
ثم ان عمرو بن عبد ودّ كان أشجع قريش وفي مقدمتهم ، وعبر من مكان ضيّق من الخندق ومعه جماعة ، قد أغفلوا المسلمين ، فدعا عمرو الى البراز ، فخرج علي راجلا وعمرو فارس ، وقال رسول الله « ص » : اللهم أعنه عليه ، فلم يكن بأسرع من أن قتله علي ، فولّى أصحابه ادبارا .
فرفع بهذه الضربة اعظم خطر كان يهدد الاسلام والمسلمين ، ولولا هذا الدفاع لكاد ان يسقط لواء المسلمين ، فيصح أن يقال : ان هذه المبارزة كانت
1 ـ امتاع الأسماع ج 1 ص 408 .
2 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 32 .
3 ـ نفس المصدر ص 34 .
4 ـ امتاع الاسماع ص 231 .
104
مبارزة اسلام وكفر ، وبهذه الغلبة قد استقر الاسلام وثبت .
تاريخ الطبري : عن السُدي لما نزلت هذه الآيات الى رأس الأربعين يعني من سورة براءة ، فبعث بهن رسول الله « ص » مع أبي بكر وأمّره على الحج ، فلما سار فبلغ الشجرة من ذي الحليفة اتبعه بعلي فأخذها منه ، فرجع أبوبكر الى النبي « ص » فقال : يا رسول الله ! بأبي أنت وأمي أنزل في شأني شيء ؟ قال : لا ولكن لا يبلغ عني غيري أو رجل مني ... فسار أبو بكر على الحاج وسار علي يؤذن ببراءة ، فقام يوم الأضحى فأذن فقال : لا يقربن المسجد الحرام مشرك بعد عامه هذا ، ولا يطوفنّ بالبيت عريان ، ومن كان بينه وبين رسول الله « ص » عهد فله عهده الى مدّته (1) . تفسير الكشاف : كان نزولها سنة تسع من الهجرة ، وفتح مكة سنة ثمان ، وكان الأمير فيها عتّاب بن أسيد ، فأمر رسول الله « ص » ابا بكر على موسم سنة تسع ، ثم أتبعه عليا راكب العضباء ليقرأها على اهل الموسم ، فقيل له لو بعثت بها الى أبي بكر ، فقال : لا يؤدي عني الا رجل مني ... الخ (2) . أقول : حديث البراءة يدل على كمال اختصاصه بالنبي « ص » ، بحيث قد خلّفه في اهم الموضوعات ، وقال لا يُبلغ عني غيري أو رجل مني ، ويظهر منه أيضا اعتماده الكامل واطمئنانه التام عليه وعلى رسالته . مسند أحمد : عن علي « ع » قال : لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي « ص » دعا أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ثم دعاني النبي « ص » فقال لي : أدرك أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة ثم دعاني النبي « ص » فقال لي : أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به الى اهل مكة فاقرأه عليهم ، فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع ابو بكر النبي « ص » فقال : يا رسول الله ! نزل فيّ شيء ؟ قال : لا ولكنّ جبرئيل جاءني
1 ـ تاريخ الطبري ج 3 ص 154 .
2 ـ تفسير الكشاف ج 1 ص 543 .
105
فقال لا يؤدي عنك الا أنت أو رجل منك (1) . السيرة النبوية : لما نزلت براءة على رسول الله « ص » وقد كان بعث ابا بكر الصديق ليقيم للناس الحج ، قيل له يا رسول الله لو بعثت بها الى أبو بكر ، فقال : لا يؤدي عني الا رجل من أهل بيتي ، ثم دعا علي بن أبي طالب رضوان الله عليه فقال له : اخرج بهذه القصة من صدر برائة واذن في الناس يوم النحر اذا اجتمعوا بمنى ، انه لا يدخل الجنة كافر ولا يحج بعد العام مشرك ... الرواية (2) . سنن الدارمي : فلما استوى ليكبر سمع الرغوة خلف ظهره فوقف عن التكبير ، فقال : هذه رغوة ناقة رسول الله « ص » الجدعاء ، لقد بدا لرسول الله « ص » في الحج فلعله ان يكون رسول الله « ص » فنصلي معه ، فاذا عليّ عليها ، فقال أبو بكر : أمير أم رسول ؟ قال : لا بل رسول أرسلني رسول الله « ص » ببرائة أقرؤها على الناس في مواقف الحج ... (3) . ويروي أيضا : سألنا عليا بأي شيء بعثت ؟ قال : بعثت باربع : لا يدخل الجنة الا نفس مؤمنة ، ولا يطوف بالبيت عريان ، ولا يجتمع مسلم وكافر في الحج بعد عامهم هذا ، ومن كان بينه وبين رسول الله « ص » عهد فعهده الى مدته ومن لم يكن له عهد فهي في اربعة اشهر (4) . سنن الترمذي : عن أنس قال : بعث النبي « ص » ببراءة مع أبي بكر ثم دعاه فقال : لا ينبغي لاحد أن يبلّغ هذا الا رجل من أهل ، فدعا عليا فاعطاه اياه (5) . ويروى ايضا : عن ابن عباس بعث النبي « ص » ابا بكر وامره ان ينادي بهؤلاء الكلمات ثم اتبعه عليا ، فبينا أبو بكر في بعض الطريق اذ سمع رغاء ناقة رسول الله « ص » القصواء ، فخرج أبو بكر فزعا فظن انه رسول الله « ص » فاذا
1 ـ مسند أحمد ج 1 ص 151 .
2 ـ السيرة النبوية ج 4 ص 190 .
3 ـ سنن الدارمي ج 2 ص 66 . وسنن النسائي ج 5 ص 198 .
4 ـ نفس المصدر ص 68 .
5 ـ سنن الترمذي ص 440 .
106
علي ! فدفع اليه كتاب رسول الله « ص » وامر عليا ان ينادي بهؤلاء الكلمات فانطلقا فحجا ، فقام علي ايام التشريق فنادى : ذمة الله ورسوله بريئة ... الرواية . خصائص النسائي : ان رسول الله « ص » بعث ببراءة الى أهل مكة مع أبي بكر ، ثم أتبعه بعلي ، فقال له : خذ الكتاب فامض به الى أهل مكة ، قال : فلحقه فأخذ الكتاب منه فانصرف ابو بكر وهو كئيب فقال لرسول الله « ص » : أنزل فيّ شيء ؟ قال : لا إني أمرت أن ابلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي (1) . ويروى أيضا : عن سعد ، قال بعث رسول الله « ص » ابا بكر ببراءة حتى اذا كان ببعض الطريق ارسل عليا رضي الله عنه فاخذها منه ثم سار بها فوجد أبو بكر في نفسه ، فقال رسول الله « ص » : لا يؤدي عني الا أنا أو رجل مني (2) . ويروى أيضا : قريبا مما في سنن الدارمي « ج 2 ص 66 » . الطبقات : استعمل رسول الله « ص » ابا بكر الصديق على الحج .. فلما كان بالعرض لحفه علي بن أبي طالب رضي الله عنه على ناقة رسول الله « ص » القصواء فقال له أبو بكر : استعملك رسول الله على الحج ؟ قال : لا ولكن بعثني أقرأ برائة على الناس وأنبذ الى كل ذي عهد عهده فمضى أبو بكر فحج بالناس وقرأ عليّ بن أبي طالب برائة على الناس ... الخ (3) . أقول : يستفاد من هذه الأحاديث امور : الأول : انه من اهل البيت « ص » دون أبي بكر ، فلا يشمل عنوان اهل النبي على أبي بكر . الثاني : انه من خواص اهل بحيث أقامه رسول الله « ص » مقام نفسه وبعثه على ناقته ، وما جعل لأبي بكر هذه المنزلة . الثالث : قد خصّه من بين اصحابه بالتأدية عنه وتبليغ الحكم من جانبه ،
1 ـ خصائص النسائي ص 14 .
2 ـ نفس المصدر ص 15 .
3 ـ الطبقات ج 2 ص 168 .
107
فيدل هذا مضافا الى اختصاصه بالنبي « ص » على علوّ مقامه الروحاني واستحقاقه النيابة والخلافة منه . انساب الاشراف : عن ابن عباس : ان النبي « ص » بعث بسورة براءة مع أبي بكر ، ثم بعث عليا فأخذها من أبي بكر ، فجاء أبو بكر فقال : يا رسول الله « ص » هل نزل فيّ شيء ؟ قال : لا ولكنه لا يؤدي عني غيري أو رجل من أهل بيتي ، فكان أبو بكر على الموسم ، وكان عليّ ينادي بهؤلاء الكلمات ... الخ (1) . مستدرك الحاكم : عن جميع قال : أتيت عبد الله بن عمر فسألته عن علي « رض » فانتهرني ، ثم قال : ألا احدثك عن علي ، هذا بيت رسول الله « ص » في المسجد وهذا بيت علي « رض » ، ان رسول الله « ص » بعث ابا بكر وعمر ببراءة الى اهل مكة فانطلقا فاذاهما براكب ، فقالا : من هذا ؟ قال : أنا علي يا أبا بكر ! هات الكتاب الذي معك ، قال : وما لي ؟ قال : والله ما علمت الا خيرا ، فاخذ علي الكتاب فذهب به ، ورجع أبو بكر وعمر الى المدينة ، فقالا : ما لنا يا رسول الله ؟ قال : ما لكما الا خير قيل لي انه لا يبلّغ عنك الا أنت أو رجل منك (2) .
الاستيعاب : عن ضرار : يقول فصلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه وتنطق الحكمة من نواحيه (3) . البخاري : بإسناده قال عمر « رض » : اقرؤنا اُبيّ وأقضانا عليّ (4) . خصائص النسائي : قال علي : بعثني رسول الله « ص » الى اليمن وأنا شاب حديث السن ، قال فقلت : يا رسول الله تبعثني الى قوم يكون بينهم أحداث وأنا شاب حديث السن ، قال : إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك قال : ما شككت في
1 ـ انساب الأشراف ج 1 ص 383 .
2 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 51 .
3 ـ الاستيعاب ج 3 ص 1107 .
4 ـ البخاري ج 3 ص 63 .
108
حديث اقضى بين اثنين (1) .
كذا في مسند احمد (2) . ويروى الخصائص : باسناد آخر ، وكذا في المستدرك (3) . والطبقات : روايات قريبة مما في الخصائص (4) . ويروى ايضا : عن ابن عباس قال : اذا حدثنا ثقة عن علي بفتيا لا نعدوها (5) . ويروى ايضا : عن أبي هريرة ، قال عمر بن الخطاب علي اقضانا (6). ويروى ايضا : عن ابن عباس قال : خطبنا عمر فقال : علي اقضانا وأبي اقرؤنا . مسند أحمد : عن علي « رض » قال : بعثني رسول الله « ص » الى اليمن ، قال : فقلت : يا رسول الله تبعثني الى قوم أسنّ منّى وأنا حديث لا ابصرالقضاء ، قال فوضع يده على صدري وقال : اللهم ثبّت لسانه واهد قلبه ، يا عليّ اذا جلس اليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول ... قال : فما اختلفت عليّ قضاء بعدُ أو ما أشكل (9) . الطبقات : قال علي : والله ما نزلت آية الا وقد علمت فيما نزلت وعلى من
1 ـ خصائص النسائي ص 8 .
2 ـ مسند أحمد ج 1 ص 83 .
3 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 135 .
4 ـ الطبقات ج 2 ص 337 .
5 ـ نفس المصدر ص 338 .
6 ـ نفس المصدر ص 339 .
7 ـ مسند أحمد ج 5 ص 113 .
8 ـ الاستيعاب ج 3 ص 1104 .
9 ـ مسند أحمد ج 1 ص 111 .
109
نزلت ، إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا طلقا (1) . ويروى أيضا : عن أبي الطفيل قال عليّ : سلوني عن كتاب الله فإنه ليس من آية الا وقد عرفت بليل نزلت أم بنهار في سهل أم في جبل . ويروى ايضا : عن سعيد بن المسيب قال : كان عمر يتعوّذ من معضلة ليس فيها ابو حسن (2) . الكنى للدولابي : عن داود بن المسيب ، قال : ما كان احد بعد رسول الله « ص » اعلم من علي بن أبي طالب (3) . أقول : رجوع الجاهل في المسائل المهمة الى العالم بل الأعلم امر عقلي وجدانيّ ، واذا تميّز الأعلم وتشخّص فللامّة أن ترجع اليه وتستفيد منه وتتعلم وظائفها وتكاليفها الدينية ، ولذا ترى عمر يتعوّذ من معضلة ليس فيها ابو حسن . الاستيعاب : وقال في المجنونة التي امر برجمها وفي التي وضعت لستة اشهر ، فاراد عمر رجمها ـ فقال علي : ان الله تعالى يقول وحمله وفصاله ثلاثون شهرا ، وقال له : ان الله رفع القلم عن المجنون ـ فكان عمر يقول : لولا علي لهلك عمر .
وعن اُذينة قال أتيت عمر بن الخطاب فسألته من أين أعتمر ؟ فقال : ايت عليا فسله ، فذكر الحديث .
وسأل شريح بن هاني عايشة أم المؤمنين عن المسح على الخفين، فقال : أيت عليا فسله ، فذكر الحديث .
وسأل شريح بن هاني عايشة أم المؤمنين عن المسح على الخفّين ، فقال : ايت عليا فسله (4) . سنن الترمذي : قال رسول الله « ص » انا دار الحكمة وعلي بابها (5) . مستدرك الحاكم : عن ابن عباس قال ، قال رسول الله « ص » : أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب (6) .
1 ـ الطبقات ج 2 ص 338 .
2 ـ نفس المصدر ص 339 .
3 ـ الكنى للدولابي ج 1 ص 197 .
4 ـ الاستيعاب ج 3 ص 1103 .
5 ـ سنن الترمذي ص 534 .
6 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 126 .
110
هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه .
ثم يروى هذه الرواية بأسناد اخر . الفائق : علي رضي الله عنه قال : ان ها هنا ـ وأومى بيده الى صدره ـ علما لو أصبت له حملة ، بلى اُصيب لقنا غير مأمون (1) .
* * *
أقول : يظهر من هذه الروايات الشريفة ، أن علي بن أبي طالب واسطة الفيوضات النبوية ، ووسيلة للوصول الى المعارف الحقة ، وباب للورود الى شريعة الحقائق الإلهية ، وطريق مخصوص يهتدى به الى مدينة العلم والحكمة وهذا من الأدلة القاطعة على لزوم المراجعة والتوجه اليه . الاستيعاب : عن عبد الله بن عباس ، قال : والله لقد اعطي علي بن أبي طالب تسعة اعشار العلم ، وايم الله لقد شارككم في العُشر العاشر (2) . ويروى : عن عايشة انها قالت : علي لأعلم الناس بالسنة . ويروى : عن ابن عباس قال : اذا أتانا الثبت عن علي لم نعدل به . مستدرك الحاكم : عن أبي الطفيل قال : رأيت اميرالمؤمنين علي بن أبي طالب « رض » قال على المنبر ، فقال : سلوني قبل أن تسألوني ولن تسألوا بعدي مثلي ، قال : فقام ابن الكواء فقال : يا اميرالمؤمنين ما الذاريات ذروا ... الرواية (3) . أقول : يستفاد من هذه الأحاديث امور :
1 ـ انه أقضى الامة .
2 ـ قول رسول الله « ص » ان الله سيهدي قلبك ويثبّت لسانك : يكشف عن هداية الله قلبه بأيّ وسيلة كانت .
3 ـ قوله ما شككت في حديث أقضي بين الاثنين .
4 ـ انه عالم بجميع موارد نزول الآيات وخصوصياتها .
1 ـ الفائق ج 3 ص 188 .
2 ـ الاستيعاب ج 3 ص 1104 .
3 ـ مستدرك الحاكم ج 2 ص 466 .
111
5 ـ قال إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا طلقا .
6 ـ كان عمر يتعوذ من معضلة ليس فيها ابو حسن .
7 ـ ما كان أحد من الأمة اعلم منه .
8 ـ هو باب الحكمة .
9 ـ هو باب العلم .
10 ـ لا يوجد مثله حتى يُسأل عنه .
11 ـ في صدره علوم لا يجد لها حمَلة .
كان رسول الله « ص » يُعرّف ابن عمه عليا « ع » ، ويُرجع الناس اليه ، ويظهر لهم مقامه ، ويعلن لهم قربه منه من الله عز وجل ، ويشير الى امامته بكنايات واشارات ، وقد يصرّح بها بلطائف البيانات . مستدرك الحاكم : عن أنس ، قال النبي « ص » لعلي : أنت تبين في امتي ما اختلفوا بعدي .(1) .
هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه . ويروى ايضا : عن علي « ع » في قوله تعالى ـ إنما أنت منذر ولكل قوم هاد ، قال علي « ع » : رسول الله « ص » المنذر ، وأنا الهادي (2) . المحاسن للبيهقي : عن جابر قال رسول الله « ص » : لعلي هذا وليكم بعدي اذا كانت فتنة (3) .
خصائص النسائي : قال النبي « ص » : أما انت يا علي أنت صفيي وأميني (4) .
1 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 122 .
2 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 130 .
3 ـ المحاسن للبيهقي ص 41 .
4 ـ خصائص النسائي ص 14 .
112
أقول : هذه بيانات لطيفة وكنايات ظريفة عن امامته وخلافته ، فإن الإبانة للأمة بما اختلفوا فيه ، وكونه هاديا ، وولايته بعد رسول الله « ص » ، وكونه صفيا وامينا تكشف عن مقام خلافته ومرجعيته الكبرى ، حتى يُبين للأمة ما اختلفوا فيه وأن يهديهم الى الحق وحتى يتولى امر الأمة في موارد الفتن ، ومعلوم أن ابانة الحق وهداية الخلق والمرجعية الحقيقية لا تتحقق الا بتحقق شرائط الإمامة الإلهية . الاستيعاب : عن ابن عباس : ان رسول الله « ص » قال لعلي بن أبي طالب : أنت ولي كل مؤمن بعدي (1) . ويروى عن حذيفة : قال رسول الله « ص » ان ولّوا عليا فهاديا مهديا (2) . مستدرك الحاكم : عن ام سلمة قالت : سمعت رسول الله « ص » يقول ـ علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض (3) .
هذا حديث صحيح الاسناد ولم يُخرجاه . ويروى أيضا : عن علي « ع » قال رسول الله « ص » : رحم الله عليا ، اللهم ادر الحق معه حديث دار .
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه . أقول : ملازمة الحق والقرآن عليا تكشف عن رفيع مقامه الإلهي وسني شأنه الرواحاني ، حتى يصل الى حد يقول فيه النبي « ص » : انه مع القرآن والقرآن معه ، اللهم أدر الحق معه حديث دار .
واذا عرّفه رسول الله « ص » بهذه الصفة ، وحصل لنا العلم والاطمينان بأنه مع القرآن ومع الحق ولا يمكن التفرق والاختلاف لنا العلم والاطمينان بأنه مع القرآن ومع الحق لا يمكن التفرق والاختلاف بينهما ، فكيف يجوز لنا خلافه وكيف يعقل الانحراف عنه .
1 ـ الاستيعاب ج 3 ص 1091 .
2 ـ نفس المصدر ص 1114 .
3 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 124 .