الخليفة بمعناه الحقيقي : من يتعين ويُنتخب من جانب الله ومن جانب رسوله . والملك هو السلطان الحاكم النافذ في بلد أو بلاد ، يملك بالقهر والغلبة أو ينتخبه الناس أو يُعينه سلطان سابق . والخليفة يجب طاعته شرعا وعقلا وعرفا . وأما السلطان فلا يجب طاعته الا بالعرف .
الطبقات : عن سلمان : أن عمر قال له : أملك أنا أم خليفة ؟ فقال له سلمان : ان أنت جبيت من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك غير خليفة ، فاستعبر عمر (1) .
ويروى أيضا : عن سفيان : قال عمر بن الخطاب : والله ما أدري أخليفة أنا أم ملك ؟ فإن كنت ملكا فهذا أمر عظيم ، قال قائل : يا اميرالمؤمنين ان بينهما فرقا ، قال ما هو ؟ قال : الخليفة لا يأخذ الا حقا ولا يضعه الا في حق ، فأنت بحمد الله كذلك ، والملك يعسف الناس فيأخذ منهذا ويعطي هذا ، فسكت عمر .
تاريخ الطبري : عن سلمان : أن عمر ... كما في الطبقات (2) .
أقول: هذه المعاني المذكورة للملك أو الخليفة لوازم معانهما الحقيقية ، فإن من لم يتعين من جانب الله لا يكون قوله حجة ، ويجوز في حقه الخطأ والعصيان ، ولا يؤمن من التعدي والظلم والعمل بخلاف الحق .
ثم ان الإنسان على نفسه لبصيرة ولو ألقى معاذيره ، وكل شخص أعلم الناس بنفسه ، وهو يعلم أنه مرتبط بأي شيء ، بالرحمن أو بالشيطان ، بالوحي أو بالنفس ، أنه مبعوث ومتعين من جانب الله أو من جانب الناس ، أنه منصوص ومنصوب من جانب رسول الله « ص » أو بالقهر والتسلط والانتخاب والسياسة .
1 ـ الطبقات ج 3 ص 306 .
2 ـ تاريخ الطبري ج 5 ص 24 .
221
مستدرك الحاكم : عن علي بن رباح قال : ان عمر بن الخطاب خطب الناس فقال : من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت معاذ بن جبل ، ومن أراد أن يسأل عن المال فليأتني فإن الله تعالى جعلني خازنا (1) .
أقول : يعترف بأنه يمتاز بكونه خازنا ، وأما العلم والمعرفة فيصرح بأن الأعلم والأفضل هو اُبي ومعاذ بن جبل .
ويروى أيضا : عنه مثله ، وفيه : ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت .
ويروى : عن سعيد بن المسيب : ان عمر بن الخطاب أتى على هذه الآية ـ الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم ـ فأتى اُبيّ بن كعب فسأله أيّنا لم يظلم ؟ فقال له : يا اميرالمؤمنين : إنما ذاك الشرك ، أما سمعت قول لقمان لابنه ـ يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم (3) .
أقول : فهو يراجع في اصل الآية وفي تفسيرها الى ابي بن كعب .
ويروى أيضا : عن أبي سلمة : مر عمر بن الخطاب برجل وهو يقول ـ السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه ... الآية ـ فوقف عليه عمر فقال : انصرف ، فلما انصرف قال له عمر : من أقرأك هذه الآية ؟ قال : أقرأنيها اُبيّ بن كعب ، فقال : انطلقوا بنا اليه ! فانطلقوا اليه فاذا هو متّكئ على وسادة يرجلُ رأسه ، فسلم عليه فرد السلام ، فقال يا أبا المنذر قال لبيك ، قال أخرني هذا انك اقرأته هذه الآية ؟ قال : صدق ، تلقّيتها من رسول الله « ص » ، قال عمر : أنت تلقّيتها من رسول الله « ص » ؟ ثلاث
1 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 271 .
2 ـ نفس المصدر ص 272 .
3 ـ نفس المصدر ص 305 .
222
مرات ، كل ذلك يقوله ، وفي الثالثة وهو غضبان نعم والله لقد أنزلها الله علىجبريل وأنزلها جبريل على محمد فلم يستأمر فيها الخطاب ولا ابنه ، فخرج عمر وهو رافع يديه وهو يقول الله أكبر الله أكبر .
ويروى أيضا : عن ابن عباس ، قال عمر ـ علي اقضانا وأبيّ اقرأنا وانا لندع بعض ما يقول اُبيّ ، واُبيّ يقول : اخذت عن رسول الله « ص » ولا ادَعُه ، وقد قال الله تبارك وتعالى ـ ما ننسخ من آية أو ننسيها .
أقول : يظهر من هذه الروايات أنه كان آبيا عن قبول بعض الآيات الكريم لقصور الوصول الى حقيقتها ، مستدلا بقوله تعالى ـ ما ننسخ من آية أو نُنسها ـ مع ان هذ تمسك بالعام في مورد الشبهة المصداقية ، وان النسخ لا يوجب محو الآية من الكتاب الكريم .
الفائق : ومنه قول عمر بن الخطاب أعوذ بالله من كل مُعضلة ليس لها أبو حسن (1) .
أقول : تكشف هذه الروايات وأمثالها عن أن عمر لم يكن قادرا على حل معضلات المسائل ، ولم يكن مسلّطا على الوصول الى حقائق آيات القرآن الكريم ، فكيف يرضى الله ورسوله ان يكون اماما يقتدي به المسلمون ويستفيد منه المتعلمون .
مستدرك : عن أبي عباس : مُرّ على عليّ بمجنونة بني فلان قد زنت وأمر عمر بن الخطاب برجمها ، فردّها علي بن أبي طالب ، وقال لعمر : يا اميرالمؤمنين أمرت برجم هذه ؟ قال : نعم . قال : أما تذكر أن رسول الله « ص » قال : رُفع القلم عن ثلاثة عن المجنون المغلوب على عقله وعن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم . قال : صدقت ، فخلّى عنها (2) .
أقول : من شرائط توجه التكليف : العقل والبلوغ والاختيار ، واذا فقدها
1 ـ الفائق ج 2 ص 163 .
2 ـ مستدرك الحاكم ج 2 ص 59 .
223
الانسان لم يتوجه التكليف اليه حتى يُعاقب أو يُثاب . ورفعُ القلم كناية عن رفع التكليف .
ومن العجيب ما ورد من أحاديثهم في علم عمر : قال في الاستيعاب قال حذيفة : كان علم الناس كلهم قد درس في علم عمر . وقا ابن مسعدود : لووضع علم احياء العب في كفة ميزان ووضع علم عمر في كفّة لرجح علم عمر . وقد كانوا يرون انه ذهب بتسعة اعشار العلم (1) .
ليس غرضنا الطعن على رجل مضى قبل قرون ، فضلا عن صحابيّ من أصحاب رسول الله « ص » .
وإنما نريد بيان حقائق تاريخية ، حتى تنكشف متن الإسلام وما جاء به رسول الله « ص » ، عن أحداث حادثة وعن فتن نازلة . وحتى تتبيّن حقيقة وصية رسول الله « ص » حيث قال : إني تاريك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا .
تاريخ الطبري : فقال ابوبكر : لو خطفتني الكلاب والذئاب لم اردّ قضاءا قضى به رسول الله « ص » . قال : فإن الأنصار أمروني أن اُبلّغك وانهم يطلبون اليك ان تُولّي امرهم رجلا أقدم سنّا من أسامة ! فوثب أبوبكر وكان جالسا فأخذ بلحية عمر فقال ثكلتك أمك وعدمتك يا ابن الخطاب استعمله رسول الله « ص » وتأمرني أن أنزعه (2) .
أقول : قد مر أن رسول الله « ص » قد أمّر أسامة على المهاجرين والأنصار ومنهم ابوبكر وابوعبيدة وعمر ، ولعن مَن تخلّف عنه ، وكان يؤكّد تجهيزه ، ولكن أكثر
1 ـ الاستيعاب ج 3 ص 1149 .
2 ـ تاريخ الطبري ج 3 ص 212 .
224
الناس قد طعنوا في إمارته وتخلّفوا عنه ، ولم يبالوا بما قال رسول الله « ص » .
وقد اعترف عمر بفضله وقربه من النبي « ص » وكونه أحب الى رسول الله « ص » من عبدالله بن عمر ، وانّ أباه كان أحبّ الى رسول الله من عمر ، في جواب اعتراض ابنه ، في الحديث الآتي :
الطبقات : قال عبدالله بن عمر : وكلّمتُه « أي عمر » فقلت يا اميرالمؤمنين فضّلت عليّ من ليس هو بأقدم مني سنا ولا أفضل مني هجرة ولا شهد من المَشاهد ما لم أشهد ! قال : ومن هو ؟ قلت : اسامة بن زيد ، قال : صدقت لعمر الله فعلت ذلك لأن زيد بن حارثة كان أحب الى رسول الله « ص » من عمر ، وأسامة بن زيد كان أحب الى رسول الله « ص » من عبد الله بن عمر ، فلذلك فعلت (1) .
ويروى أيضا : فقلت : لم فرضت لأسامة أكثر مما فرضت لي ولم يشهد مشهدا الا وقد شهدته ؟ فقال : إنه كان أحب الى رسول الله « ص » منك وكان أبوه أحب الى رسول الله « ص » من أبيك .
فتوح البلدان : ما يقرب من الروايتين (2) .
اقول : يعترف عمر بأن مناط القرب والفضيلة هو المحبوبية عند الله تعالى وعند رسوله ، والأعمال الآخر مقدمات لحصول هذه النتيجة ، فمن كان أحبّ الى الله والى رسوله فله الفضيلة والتفوّق والفخر والكمال ، وان كان في حداثة السنّ .
وبعبارة أخرى : انّ الأهم في العبادات والطاعات هو الكيفية ودرجة الايمان وشدة اليقين وطمأنينة النفس ، لا الكمية وكثرة العمل . قال الله تعالى : من كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ـ يريد الاخلاص . وهذا هو الموجب لحصول القرب والمحبوبية عند الله تعالى ورسوله الأكرم .
سير الأعلام : عن بَجالة : كنت كاتبا لجزء بن معاوية عمّ الأحنف بن قيس ،
1 ـ الطبقات ج 4 ص 70 .
2 ـ فتوح البلدان ص 443 .
225
فأتانا كتاب عمر قبل موته بسنة ـ ان اقتلوا كل ساحر وساحرة ، وفرّقوا بين كل ذي محرم من المجوس وانهوهم عن الزمزمة .
فقتلنا ثلاث سواحر ، وجعلنا نفرّق بين الرجل وحريمته في كتاب الله ، وصنع لهم طعاما كثيرا ودعا المجوس ، وعرض السيف على فخذه وألى وقر بغل أو بغلين من ورق ، وأكلوا بغير زمزمة (1) .
أقول : الحكم بقتل كل ساحر وساحرة وان لم يستعملا السحر أو استعملا ولم يوجبا قتلا أو جناية : باطل ، فإن من السحر ما يكون في امور عادية كتحريك حجر أو شجر أو اراءة شيء على خلاف ما هو عليه . نعم اذا أفسدا في الأرض ولم يتوبا من عملهما وسعيا في الإساد بين المسلمين : يحكم عليهما بالقتل بشرائط مخصوصة لا مطلقا .
مستدرك الحاكم : عن جابر : ان النبي « ص » دفع الراية يوم خيبر الى عمر فانطلق فرجع يُجبن اصحابه ويُجبنونه (2) .
أقول : قال الله تعالى ـ يا أيها الذين آمنوا اذا لقيتم فِئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون . وقال تعالى ـ الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون .
السيرة النبوية : ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه الى مكة فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له ، فقال : يا رسول الله إني أ×اف قريشا على نفسي ، وليس بمكة من بني عديّ بن كعب أحد يمنعني ، وقد عرفت قريش عداوتي اياها وغلظتي عليها ، ولكني أدلك على رجل أعزّ بها مني (3) .
أقول : يدلّ على أن عمر بن الخطاب لم يكن ممن يَشري نفسه ابتغاء مرضات
1 ـ سير الأعلام ج 1 ص 47 .
2 ـ مستدرك الحاكم ج3 ص 38 .
3 ـ السيرة النبوية ج 3 ص 329 .
226
الله ومرضات الرسول ، وكان محبا لنفسه ، غير مجاهد في الغزوات .
ويروى ايضا : فلما التأم الأمر ولم يبق الا الكتاب ، وثب عمر بن الخطاب فأتى ابابكر فقال : يا ابابكر أليس برسول الله ؟ قال : بلى ، قال : أولسنا بالمسلمين ؟ قال : بلى ، قال : أوليسوا بالمشركين ؟ قال : بلى ، قال : فعلام نُعطي الدنية في ديننا ؟ قال أبوبكر : يا عمر الزم غرزة فإني أشهد أنه رسول الله ، قال عمر : وانا أشهد أنه رسول الله . ثم أتى رسول الله « ص » فقال : يا رسول الله ألست برسول الله ؟ قال : بلى ، قال : أولسنا بالمسلمين ؟ قال : بلى ، قال : أنا عبدالله ورسوله لن أخالف أمره ولن يُضيّعني ، قال : فكان عمر يقول : ما زلت أتصدّق وأصوم وأصلي واعتق من الذي صنعت يومئذ مخافة كلامي الذي تكلّمت به (1) .
أقول : يدل على أن ايمانه لم يكن بدرجة التسليم ولم يكن له معرفة تامة بمقام الرسالة ولم يكن له علم بمصالح الامور .
مستدرك : عن جابر قال : بعنا امّهات الاولاد على عهد رسول الله « ص » وأبي بكر ، فلما كان عمر نهانا فانتهينا . وهذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (2) .
وله شاهد صحيح ـ عن أبي سعيد الخدري قال : كنا نبيع امهات الأولا على عهد رسول الله « ص » .
تاريخ الطبري : عن عمران بن سوادة قال : صلّيت الصبح مع عمر ... قلت عابت امتك منك اربعا ... قال : قلت واعتقت الأظة ان وضعت ذا بطنها بغير عتاقة سيدها ، قال : الحقت حرمة بحرمة وما أردت الا الخير واستغفر الله (3) .
أقول : يظهر من هذه الرواية ان المراد من الحديثين السابقين هو الاعتاق بمجرد الوضع ، وهذا خلاف القواعد الفقهية ، وخلاف ما كان في عهد رسول الله « ص » .
وسيجيء تتمة الحديث في متعة النساء ومتعة الحج .
1 ـ نفس المصدر السابق ص 331 .
مستدرك الحكم ج 2 ص 18 .
3 ـ تاريخ الطبري ج 5 ص 32 .
227
مسند أحمد : عن الحسن ، ان عمر اراد أن ينهي عن مُتعة الحج ، فقال له أبيّ : لس ذلك لك قد تمتّعنا مع رسول الله « ص » ولم ينهنا عن ذلك ، فأضرب عن ذلك عمر . وأراد أن ينهي عن حلل الحبرة لأنها تُصبغ بالبول ، فقال له أُبيّ : ليس ذلك لك قد لبسهن النبي « ص » ولبسنا في عهده (1) .
السيرة النبوية : فقال عمر : اللهم غفرا قد كنا في الجاهلية على شر من هذا نعبد الأصنام ونعتنق الأوثان حتى أكرمنا الله (2) .
وقال : ومرّ ابوبكر بجارية بني مؤمل ـ حيّ من بني عديّ بن كعب ـ ، وكانت مسلمة وعمر بن الخطاب يُعذّبها لتترك الإسلام ، وهو يومئذ مشرك وهو يضربها حتى اذا ملّ ، قال إني أعتذر اليك ، إني لم أتركك الا ملالة ، فتقول : كذلك فعل الله بك ! فابتاعها ابوبكر فاعتقها (4) .
مسند أحمد ومستدرك الحاكم : لما نزلت تحريم الخمر ، قال عر : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت يسألونكعن الخمر والميسر الذي في سورة البقرة ، فدُعي عمر فقُرئت عليه ، فقال : اللهم بيّن لنا في الخمر بيانا شافيا ، فنزلت التي في المائدة ، فدُعى عمر فقُرئت عليه فلما بلغ فهل أنتم منتهون ، قال عمر قد انتهينا (5) .
أقول : يسبتفاد من هذه الروايات أن عمر كان عابد الوثن ومديم شرب الخمر ، قبل اسلامه .
1 ـ مسند أحمد ج 5 ص 143 .
2 ـ السيرة النبوية ج 1 ص 223 .
3 ـ نفس المصدر ص 371 .
4 ـ نفس المصدر ص 339 .
5 ـ مسند أحمد ج 1 ص 53 ومستدرك الحاكم ج 2 ص 278 .
228
مسند أحمد : عن ابن عمر ، ان رسول الله « ص » قال : اللهم أعِز الاسلام بأحب هذين الرجلين اليك ، بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب ، فكان أحبهما الى الله عمر بن الخطاب (1) .
أقول : يستفاد من هذه الرواية ان عمر كان قبل الاسلام مخالفا ومعاندا لرسول الله « ص » اشد عناد كأبي جهل .
الطبقات : ان عمر بن الخطاب لما طُعن ، قال له الناس يا اميرالمؤمنين لو شربت شربة ؟ فقال أسقوني نبيذا وكان من أحبّ الشرب اليه ، قال فخرج النبيذ من جرحه (2) .
أقول : قد صرّح بأنه طلب النبيذ بعنوان الشربة لا بعنوان الدواء ، وبأن النبيذ كان من أحب الشراب اليه .
مستدرك الحاكم : عن أبي وائل قال : غزوت مع عمر الشام فنزلنا منزلا ، فجاء دهقان يستدل على اميرالمؤمنين حتى أتاه فلما رأى الدهقان عمر سجد ... ثم قال عمر لغلامه : هل في ادواتك شيء من ذلك النبيذ ؟ قال : نعم ، قال : فابعث لنا ، فأتاه فصبّه في اناء ثم شمه فوجده منكر الريح فصبّ عليه ماءا ثم شمه فوجده منكر الريح فصب عليه الماء ثلاث مرات ثم شربه ، ثم قال : اذا رابكم من شرابكم فافعلوا به هكذا (3) .
مستدرك الحاكم : فلما انصرف توجه الناس الى عمر بن الخطاب قال : فدعا بشراب لينظر ما مدى جرحه ، فأتي بنبيذ فشربه قال : فخرج فلم يدر أدم هو أم نبيذ فدعا بلبن فاُتي به فشربه فخرج من جرحه ، فقالوا : لا بأس عليك يا اميرالمؤمنين (4) .
1 ـ مسند أحمد ج 2 ص 95 .
2 ـ الطبقات ج 3 ص 254 .
3 ـ مستدرك الحاكم ج 3 ص 82 .
4 ـ نفس المصدر ص 91 .
229
أقول : الظاهر من اطلاق النبيذ هو النبيذ المطبوخ المسكر ، ويدل عليه قوله ـ ثم شمه فوجده منكر الريح فصبّ عليه ماءا ، ويظهر من الميزان للشعراني أن أباحنيفة يقول بنجاسة النبيذ وحرمته اذا أسكر لا مطلقا .