401
الملوحة ، واللحمان المملوحة ، وأكل السمك المملوح بعد الفصد والحجامة يعرض منه البهق والجرب ، وأكل كلية الغنم وأجواف الغنم يعكر المثانة .
    ودخول الحمام على البطنة يولد القولنج ، والاغتسال بالماء البارد بعد أكل السمك يورث الفالج ، وأكل الأترج في الليل يقلب العين ، ويوجب الحول ، واتيان المرأة الحائض يورث الجذام في الولد .
    الجماع من غير اهراق الماء على أثره 7 يوجب الحصاة . والجماع بعد الجماع من غير فصل بينهما بغسل يورث الولد الجنون ، وكثرة أكل البيض 8 وادمانه يولد الطحال ، ورياحاً في رأس المعدة والامتلاء من البيض المسلوق يورث الربو والانبهار 9 وأكل باللحم الني يولد الدود في البطن ، وأكل التين يقل منه الجسد إذا أدمن عليه .
    وشرب الماء البارد عقيب الشيء الحار والحلاوة يذهب بالاسنان ، والاكثار من اكل لحوم الوحش والبقر يورث تغيير العقل ، وتحير الفهم ، وتبلد الذهن ، وكثرة النسيان » .
6. الكلف : مرض يعلو الوجه .
7. اهراق الماء : أراد به عدم البول بعد العملية الجنسية .
8. في نسخة البصل .
9. الانبهار : ضيق النفس .



402
    « وإذا أردت دخول الحمام ، وأن لا تجد في رأسك ما يؤذيك فابدأ عند دخول الحمام بخمس أكف ماء حار تصبها على رأسك فانك تسلم إن شاء الله تعالى من وجع الرأس والشقيقة .
    واعلم يا أمير المؤمنين ان الحمام ركب على تركيب الجسد ، للحمام أربعة بيوت مثل طبائع الجسد ، البيت الأول : ـ وهو المسلخ الذي ينزع فيه الثياب ـ بارد يابس ، والثاني : بارد رطب ، والثالث حار رطب ، والرابع : حار يابس ، ومنفعة الحمام عظيمة يؤدي الى الاعتدال وينقي الدرن ، ويلين العصب والعروق ، ويقوي الأعضاء الكبار ، ويذيب الفضول ، ويذهب العفن .
    فإذا أردت أن لا يظهر في بدنك بثرة ولا غيرها فابدأ عند دخول الحمام بدهن بدنك بدهن البنفسج ، واذا أردت استعمال النورة ، ولا يصيبك قرح ، ولا شقاق ولا سواء فاغتسل بالماء البارد قبل أن تتنور ، ومن أراد دخول الحمام للنورة ، فليجتنب الجماع قبل ذلك باثنتي عشرة ساعة ، وهو تمام يوم ، وليطرح في النورة شيئاً من الصبر والاقاقيا 1 والحضض ، أو يجمع ذلك وياخذ منه اليسير اذا كان مجتمعاً أو متفرقاً ، ولا يلقي في النورة شيئاً من ذلك حتى تماث النورة بالماء الحار الذي طبخ فيه بابونج ومرزنجوش او ورد بنفسج يابس أو جميع ذلك اجزاء
1. الاقاقيا : الشوكة المصرية .


403
يسيرة مجموعة أو متفرقة بقدر ما يشرب الماء رائحته ، وليكن الزرنيخ مثل سدس النورة ، ويدلك الجسد بعد الخروج منها بشيء يقلع رائحتها كورق الخوج ، وثجير العصفر ، والحناء والورد ، والسنبل مفردة أو مجتمعة .
    ومن أراد أن يأمن من احراق النورة فليقلل من تقليبها ، وليبادر إذا عمل في غسلها ، وأن يمسح البدن بشيء من دهن الورد فان أحرقت البدن ـ والعياذ بالله ـ يؤخذ عدس مقشر ، ويسحق ويداف في ماء ورد وخل ويطلى به الموضع الذي أثرت فيه النورة ، فانه يبرأ بإذن الله تعالى... والذي يمنع من آثار النورة في الجسد هو أن يدلك الموضع بخلّ العنب الثقيف ، ودهن الورد دلكاً جيداً... » .
    « ومن أراد أن لا يشتكي مثانته فلا يحبس البول ، ولو على ظهر دابته .
    ومن أراد أن لا تؤذيه معدته فلا يشرب بين طعامه ماء حتى يفرغ ، ومن فعل ذلك رطب بدنه ، وضعفت معدته ، ولم تأخذ العروق قوة الطعام فانه يصير في المعدة فجاً اذا صُب الماء على الطعام أولاً فأولاً .
    ومن أراد أن لا يجد الحصاة وحصر البول فلا يحبس المني عند نزول الشهوة ، ولا يطل المكث عند النساء .


404
    ومن أراد أن يأمن من وجع السفل ، ولا يظهر به وجع البواسير فليأكل كل ليلة سبع ثمرات برني بسمن البقر ، ويدهن بين انثييه بدهن زنبق خالص .
    ومن أراد أن يزيد حافظته فليأكل سبع مثاقيل زبيب على الريق ومن أراد أن يقل نسيانه ويكون حافظاً فليأكل كل يوم ثلاث قطع زنجبيل مربى بالعسل ، ويصطبغ 1 بالخردل مع طعامه في كل يوم ، ومن أراد أن يزيد في عقله يتناول كل يوم ثلاث هيليجا بسكر ابلوج 2 ومن أراد أن لا ينشق ظفره ، ولا يميل الى الصفرة ، ولا يسود حول ظفره فلا يقلم ظفره الا يوم الخميس ، ومن أراد أن لا تؤلمه أذنه فليجعل فيها عند النوم قطنة .
    ومن أراد ردع الزكام مدة أيام الشتاء فليأكل كل يوم ثلاث لقم من الشهد... » .
    « واعلم يا أمير المؤمنين أن للعسل دلائل يُعرف بها نافعه من ضاره ، وذلك أن منه شيئاً إذا أدركه الشم عطس ، ومنه شيء يسكر ، وله عند الذوق حرقة شديدة فهذه الأنواع من العسل قاتلة .
1. مصطبغ : أي يجعله صبغا واداما .
2. سكر ابلوج : نبات .



405
    ولا يؤخر شم النرجس فإنه يمنع الزكام في مدة أيام الشتاء ، وكذلك الحبة السوداء ، واذا خاف الانسان الزكام في أيام الصيف فليأكل كل يوم خيارة ، وليحذر الجلوس في الشمس .
    ومن خشي الشقيقة 1 والشوصة 2 فلا يؤخر أكل السمك الطري صيفاً أو شتاء ، ومن أراد أن يكون صالحاً خفيف الجسم واللحم فليقلل من عشائه بالليل ، ومن أراد أن لا يشتكي سرته فليدهنها متى دهن رأسه ، ومن أراد أن لا تشقق شفتاه ، ولا يخرج فيها باسور 3 فليدهن حاجته من دهن رأسه ، ومن أراد أن لا تسقط اذناه 4 ولهاتاه فلا يأكل حلواً حتى يتغرغر بعده بخل ، ومن أراد أن لا يصيبه اليرقان فلا يدخل بيتاً في الصيف أول ما يفتح بابه ، ولا يخرج منه أول ما يفتح بابه في الشتاء غدوة ، ومن أراد أن لا يصيبه ريح في بدنه فليأكل الثوم كل سبعة أيام مرة ، ومن أراد أن لاتفسد أسنانه فلا يأكل حلواً إلا بعد كسرة خبز ومن أراد أن يستمري طعامه فليتكئ بعد الأكل على شقة الأيمن ، ثم ينقلب بعد ذلك على شقه الأيسر حتى ينام ، ومن أراد أن يذهب البلغم من
1. الشقيقة : وجع يصيب نصف الرأس والوجه .
2. الشوصة : وجع في البطن أو ريح تعقب في الاضلاع .
3. في نسخة باثور وهو الاصح .
4. سقوط الأذن واللهاة تراخيهما ولعله يريد بالأذن اللوزتين .



406
بدنه ، وينقصه فليأكل كل يوم بكرة شيئاً من الجوارش الحريف 1، ويكثر دخول الحمام ومضاجعة النساء ، والجلوس في الشمس ، ويجتنب كل بارد من الأغذية فانه يذهب البلغم ويحرقه ، ومن أراد أن يطفئ لهب الصفراء فليأكل كل يوم شيئاً رطباً بارداً ويروح بدنه ، ويقل الحركة ، ويكثر النظر الى من يحب . ومن أراد أن يحرق السوداء فعليه بكثرة القيء وفصد العروق ، ومداومة النورة ، ومن أراد أن يذهب بالريح البارد ، فعليه بالحقنة ، والادهان اللينة على الجسد وعليه بالتمكيد بالماء الحار بالابزن 2 ومن أراد أن يذهب عنه البلغم فليتناول بكرة كل يوم من الاطريفل الصغير مثقالاً واحداً... » .
    « واعلم يا أمير المؤمنين أن المسافر ينبغي له أن يتحرز من الحر إذا سافر وهو ممتلئ من الطعام ، ولا خالي الجوف ، وليكن على حد الاعتدال ، وليتناول من الأغذية الباردة مثل الغريض 3 والهلام ، والخل والزيت وماء الحصرم ونحو ذلك من الأطعمة الباردة .
    واعلم يا أمير المؤمنين إن السير الشديد في حر الشديد ضار
1. الجوارش الحريف : كالكمون والفلافل واشباههما .
2. الابزن : ظرف فيه ماء حار توضع فيه الأدوية الخاصة لجلوس المريض فيه .
3. الغريض : اللحم الطري .



407
بالأبدان المنهوكة اذا كان خالية من الطعام ، وهو نافع بالابدان الخصبة ، وأما صلاح المياه للمسافر ، ودفع الأذى عنه فهو أن لا يشرب من ماء كل منزل يرده الا بعد أن يمزجه بالماء المنزل الذي قبله أو بشراب واحد غير مختلف يشوبه بالمياه على اختلافها ، والواجب أن يتزود المسافر من تربة وطنه التي ربي عليها ، وكل ما ورد الى منزل طرح في انائه الذي يشرب منه الماء شيئاً من الطين الذي تزوده من بلده ، ويشوب الماء بالطين في الآنية بالتحريك ، ويؤخر قبل شربه حتى يصفو صفاء جيداً ، وخير الماء شرباً لمن هو مقيم أو مسافر ما كان ينبوعه من الجهة الشرقية من الخفيف الأبيض ، وأفضل المياه ما كان مخرجها من المشرق الشمس الصيفي ، وأصحّها وافضلها ما كان بهذا الوصف الذي نبع منه ، وكان مجراه في جبال الطين وذلك لأنها تكون في الشتاء باردة ، وفي الصيف ملينة للبطن نافعة لاصحاب الحرارات .
    وما الماء المالح والمياه الثقيلة فانها تيبس البطن ، ومياه الثلوج والجليد ردية لسائر الاجساد ، وهي كثيرة الضرر جداً .
    وأما مياه السحب فانها خفيف عذبة صافية نافعة للأجسام اذا لم يطل خزنها وحبسها في الأرض .
    وأما مياه الجب فانها عذبة نافعة إن دام جريها ، ولم يدم حبسها في الأرض ، واما البطائح والسباخ فانها حارة غليظة في الصيف لركودها ، ودوام طلوع الشمس عليها وقد يتولد من دوام شربها المرة


408
الصفراوية ، وتعظم به اطلحتهم... » .
    « وقد وصفت لك يا أمير المؤمنين فيما تقدم من كتابي هذا وما فيه لمن أخذ به ، وانما اذكر أمر الجماع ، فلا تدخل النساء من أول الليل صيفاً ، ولا شتاء ، وذلك لأن المعدة والعروق تكون ممتلية ، وهو غير محمود ، ويتولد منه القولنج والفالج واللقوة ، والنقرس ، والحصاة والتقطير ، والفتق ، وضعف البصر ، ورقنه ، فاذا اردت ذلك فليكن في آخر الليل فانه أصلح للبدن ، وارجى للولد وأزكى للعقل في الولد ، الذي يقضي الله بينهما .
    ولا تجامع امرأة حتى تلاعبها ، وتكثر ملاعبتها ، وتغمز ثدييها فانك اذا فعلت ذلك غلبت شهوتها ، واجتمع ماؤها لأن ماءها يخرج من ثدييها ، والشهوة تظهر من وجهها وعينيها ، واشتهت منك مثل الذي تشتهيه منها ، ولا تجامع النساء الا وهي طاهرة ، فاذا فعلت ذلك ، فلا تقم قائماً ولا تميل جالساً ، ولكن تميل على يمينك ، ثم انهض للبول اذا فرغت من ساعتك شيئاً ، فانك تأمن من الحصاة بإذن الله تعالى . ثم اغتسل واشرب من ساعتك شيئاً من الموميائي بشراب العسل أو بعسل منزوع الرغوة ، فانه يرد من الماء مثل الذي خرج منك .
    واعلم يا أمير المؤمنين أن جماعهن ، والقمر في برج الحمل أو الدلو من البروج أفضل ، وخير من ذلك أن يكون في برج الثور لكونه


409
شرف القمر 1 .
    ومن عمل فيما وصفت في كتابي هذا ، ودبر به جسده أمن بإذن الله تعالى من كل داء ، وصح جسمه بحول الله وقوته ، فان الله يعطي العافية لمن يشاء ، ويمنحها إياه ، والحمد لله أولاً وآخراً ، وظاهراً وباطناً... » .
المصدر : حياة الامام الرضا 1/199ـ229 .
1. قال المجلسي : ولعل هذه الأمور ـ إن كان منه ـ لبعض المصالح موافقة لما اشتهر في ذلك الزمان عند المأمون وأصحابه من العمل بآراء الحكماء .