نزل به الروح الامين
هدى من الآيات محتوى رسالات الله واحد ، و انما اختلفت حسب الظروف ، لان كل رسالة استهدفت اصلاح الفساد المستشري في المجتمع الذي أنزلت فيه ، و كذب كل قوم رسولهم ، فانتصر الله للرسول و للمؤمنين ، و أهلك الآخرين بعذاب شديد .
هذا ما استوحيناه مما مضت من آيات ربنا ، أما هذا الدرس الذي هو خلاصة حقائق السورة - هو و الدرس التالي و الاخير - فانه يحدد معالم الرسالة الالهية و خصائصها المميزة :
الف : لا تخص رسالات الله بقوم أو أرض أو زمن . أليست هي من رب العالمين فهي كالغيب تشمل بركاته كل بقعة ؟ .
باء : انها رسالة حق تعكس حقائق الحياة المشهودة و المغيبة ، المادية و المعنويــة ، و تمتد من الدنيا الى الآخرة ، و تتجاوز المصالح العاجلة الى المنافع الآجلة ، أليس قدنزل بها الروح الامين ؟
جيــم : انها تهدف الاصلاح الجذري الذي ، يتم باقتلاع جذور الفساد و الانحراف .
دال : و تخاطب الناس بلغتهم ، و لغتها ليست كلغة الشعراء غامضة معقدة ، انما هي لغة الواقع التي تكشف الحقائق جلية واضحة " بلسان عربي مبين " .
هاء : خطها ممتد عبر العصور من آدم (ع) الى النبي الخاتم محمد (ص) فهي في زبر الاولين ، و يعلمه علماء بني اسرائيل .
و انما يتمرد عليها الجاهلون بعصبيتهم ، فلو أنزل على بعض الاعجمين ما كانوا به مؤمنين .
و شانهــا شأن الرسالات الاولى ، لا يؤمن بها المجرمون حتى يروا العذاب الاليم ، الذي يأتيهم فجأة فيطلبون فرصة أخرى بينما هم اليوم يستعجلون عذاب الرب .
و حتى لو تطاول بهم العمر سنين فماذا ينفعهم حين يأتيهم العذاب ، و يختم عمرهم بسوء ؟
و لكن الرب لا يعذبهم حتى يبعث من ينذرهم ، كذلك سنة الله في كل قرية يعذبها ، و ما كان الله ظلاما للعبيد .
و ليــست الرسالة من وحي الشياطين ، ولا يتناسب معهم ، ولا يقدرون على ذلك ، لانهم معزولون عن السمع .
|