فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


الاطار العام
الإسم

ذكر " النمل " في قصة سليمان فجاءت السورة بهذا الاسم . أو ليس طريقا أن يقارن أكبر ملك آتاه الله لواحد من عباده باسم النمل ؟! . بلى ان مملكة العدل الالهي لابد أن تكون بحيث يشعر النمل بالأمان في ظلها . إن هذا ما تبشر به رسالات الله ، و لعله لذلك سميت هذه السورة باسم " النمل " .

لا تخرج موضوعات هذه السورة عن الاطار العام للطواسين الثلاث ( الشعراء و القصص بالاضافة الى سورة النمل ) و هو بيان خصائص الوحي مع التركيز على بيان الأمثلة من تاريخ رسالات الله الأولى ، و كأنها جميعا تفصيلات لما ذكر به القرآن في سورة الفرقان .

تطلـــع علينا فاتحة السورة بذكر القرآن الذي جعله الله هدى و بشرى للمؤمنين ، أما الذين يكفرون بالأخرة فان الله زين لهم اعمالهم و سلبهم بصائرهم ، و لهم سوءالعذاب .

و ان الرسول يلقى القرآن من لدن حكيم عليم .

و يبدو ان هذين الاسمين الإلهيين يتجليان في آيات هذه السورة كما تجلى اسما العزيز الرحيم في السورة السابقة " الشعراء " .

و تلقي الآيات حزمة ضوء على قصة موسى : كيف تلقى الوحي ، حين آنس نارا ، فباركها الله و من حولها ، و ناداه : إنه انا الله العزيز الحكيم ، و أعطاه معجزة العصى و اليد البيضاء في تسع آيات ، و أمره بابلاغ فرعون رسالات ربه .

فلما جحدوا بها - بعد ان استيقنتها أنفسهم - نبذهم في اليم .

و بعدئذ يفصل القول في قصة سليمان ، و يبدو ان هناك تقابلين فيها : أولا : بين فرعون اعظم ملك كافر ، و سليمان أكبر ملك عادل ، ثانيا : بين بلقيس الملكة العربية التي آمنت ، و ثمود القرى العربية التي كفرت فدمرها الله شر تدمير .

و نقرأ في قصة سليمان عن تسخير الجن و الطير ، و عن مملكة النمل التي شملها عدل سليمان ، و عن استخدام الهدهد و الريح وسيلتين حضاريتين ، و أيضا الانتفاع بالإسم الاعظم في نقل عرش بلقيس لتكتمل صورة مملكة الحق في الارض .

أما في قصة بلقيس فنقرأ استشارتها قومها ، واتخاذها القرار الحكيم ، الا أن حكمتها لم تجدها نفعا حين كفرت بالله ، و سجدت للشمس من دونه ، و لكنها بالتالي آمنت مع سليمان بالله رب العالمين .

أما في قصة ثمود فنقرأ قصة الصراع بين المستضعفين و المستكبرين ، و كيف أن الكفار تطيروا بصالح و من معه من المؤمنين ، و كيف فسد ثمة النظام القبائلي ،و بدل ان يكونوا حماة الضعفاء تآمروا على نبيهم ، و مكروا و مكر الله ، و دمرهم اجمعين .

و يختم السياق قصص المرسلين بقصة قوم لوط الذين نهرهم نبيهم عن شذوذهم الجنسي ، فلما أرادوا ان يخرجوه ومن معه أمطر الله عليهم مطر السوء .

و يبدو أن السورة تضرب لنا في القسم الاول (1 - 58) أمثلة عن النظم الاجتماعية الفاسدة التي لابد ان تنزع عن فسادها ( كما فعلت بلقيس ) والا دمرت شر تدمير ، و يقارنها بمثال رائع من النظام الالهي في الارض لابد ان تتطلع اليه البشرية متمثلا في قصة سليمان واما في القسم الثاني فان الآيات تذكرنا بالقرآن بعد ان تهدينا الى آيات ربنا في الخلق و التي تدل على ان الله و احد لا شريك له ، لا في أًصل الخلق ولا تقديره و تدبيره .

الله هو الذي خلق السموات و الارض وأجرى فيهما أنظمة لحياة البشر ، و هو الذي يلجأ اليه المضطر فيجيبه و يكشف عنه السوء ، و يهدي الناس في ظلمات البر و البحر ، و يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته .

ثم يذكر بانه عالم الغيب لا يعلمه الا هو ، و انه مالك يوم الدين حيث يقف دونه علم الآخرين .

و يمضي السياق قدما في التذكرة بالآخرة ، و يامرهم بأن يسيروا في الارض ليعتبروا بمصير المجرمين ، ولا يستعجلوا العذاب فعسى ان يكون قريبا منهم ، اما القرآن و خصائصه فهي التالية :

اولا : يحتوي على علم ما يغيب عن الناس .


ثانيا : يحل الخلافات التي لا زالت عند اصحاب الكتب السابقة .

ثالثا : انه هدى و رحمة للمؤمنين .

رابعا : يقضي بين الناس بالحق .

و يامر الله رسوله بالتوكل عليه ، و الا يأبه بأولئك الجاحدين الذين يشبههم بالموتى و الصمم المدبرين ، و يوجهه الى المؤمنين الذين هم لربهم مسلمون .

و يحذر من حلول العقاب في يوم يخرج الله لهم دابة من الارض تكلمهم .

و حين يحشر بعض المجرمين و يسألون : لماذا كذبتم بآيات الله ؟ فيقع عليهم القول بما ظلموا .

ثم يذكر القرآن بالله ، و كيف جعل الليل سكنا و النهار معاشا ، و لكنه سوف يفزعهم بنفخة الصور ، ولا ينجو من ذلك الفزع العظيم الا المحسنون ، أما من جاء بالسيئة فهو يساق الى النار على وجهه .

و في خاتمة السورة يوجه الخطاب الى الرسول باعتباره حامل رسالات الله ، و انه يعبد الله و حده ، ويتلو القرآن ، فمن اهتدى فانما يهتدي لنفسه ، اما الضالون فان الرسول لم يكلف الا بانذارهم .

و تختم السورة بحمد الله ، و بانذار مبطن لأولئك الجاحدين بان آيات الله الخارقة ستأتيهم بحيث يعرفونها ، و ان الله ليس بغافل عما يعملون .





فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس