فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


الثاني : الظلم
فبالاضافة الى أن سنن الله تقتضي زواله ، و دمار أهله ، فانه يحمل عوامل انهياره فيه ، فالطاغوت الذي يظلم الآخرين ، و يسلب حقوقهم لا يسلم من ردة الفعل ان لم ينزل عليه عذاب مباشر من الله كالمرض و الغرق و ما الى ذلك .

[ و ما كنا مهلكي القرى إلا و اهلها ظالمون ]

و الظلم هو الصورة العملية لرفض رسالات الله ، بل لمحاربة الله تعالى .

و كلمة أخيرة : ان قسما من الناس يتصورون بأن الإيمان بالله ، و الالتزام برسالته ، و بما يتضمنه كل ذلك من الالتزامات المالية ، أو التحديات السياسية و ما شابه سوف يسلب منهم النعيم ، بينما سنة الحياة تقضي بالعكس ، حيث يهلك الله الذين يكذبون برسالاته ،و العبرة جلية في التأريخ ، و بالتالي فمن الأولى أن يخشى أهل مكة من عاقبة رفضهم للرسالة ان يفقدوا كل شيء لا من ايمانهم بها ، أو ليس الشكر هو التفكير في عوامل النعمة ، و الحفاظ عليها ، و بالتالي الحفاظ على النعمة ذاتها ؟!

[ 60] 3 / ان الهدف الأسمى الذي يجب ان يسعى الإنسان من أجله هو نعيم الآخرة لا حطام الدنيا ، و الدنيا يجب ان تكون و سيلة تخدم الغاية العظمى للبشر . الا ان الكــثير مــن الناس يتوقفون عند الوسيلة ، و تضحى عندهم هدفا ، و ذلك لضآلة طموحاتهم ، و ضيق افقهم .

[ و ما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا و زينتها ]المتاع هو الوسيلة لتحقيق هدف ما ، و بتعبير آخر الضروريات ، و متاع المسافرهو ما يحتاجه لسفره ، و الزينة و سيلة التجميل أي الكماليات .

[ و ما عند الله خير ]

من حيث النفع و الإفادة ( البعد المادي ) .

[ و أبقى ]

من حيث الدوام ( البعد الزمني ) .

[ أفلا تعقلون ]

ان في الانسان جانبان ، هما العقل و الشهوة ، و طبيعة النفس البشرية انها ميالة للهوى ، و الله لم يقل : تخلوا عن الدنيا بكاملها ، و انما حمل الانسان مسؤولية الإختيار السليم الذي تدعو له رسالات الله و عقل الانسان ، و هل يختار عاقل المتاع و الزينة الزائلين على الخير الدائم ؟!

ان التعقل الذي تدعو له الآية الكريمة ، هو ان يجعل الانسان الدنيا و سيلة للآخرة ، و لن يتضرر الانسان لو خسر الدنيا ( و تخطف من ارضه ) اذا كان ذلك في سبيل الله ، و لو أننا وقفنا على مفترق الطريق بين زينة الدنيا و نعيم الآخرة ، فان واجبنا أن نختار الآخرة على الدنيا ، وهذا ما يحكم به العقل السليم .

[ 61] و لهذا نجد القرآن يؤكد :

[ أفمن و عدناه و عدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم هو يوم القيامة من المحضرين ]من مشاكل النفس البشرية أنها تميل للأشياء الحسية الآنية ، و الانسان ينساقوراء الدنيا لانها بين يديه ، و يرفض الآخرة لانها مؤجلة ، و مثل الانسان الذي يختار الدنيا على الآخرة كالذي يفضل دينارا واحدا حاضرا ، على مليار دينار غائب ، تتأخر عنه يوما او بعض يوم .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس