و ربك يخلق ما يشاء و يختار
هدى من الآيات لماذا يكفر المرء بكتاب ربه و برسوله ؟ و كيف ينبغي ان نتجاوز عقبات الايمان بهما ؟
في درس سبق تلونا آيات تنسف عقبة عبادة الهوى ، و رعاية مصالح الدنيا ، و لكن هل كل الناس تأسرهم مصالحهم ؟ فكيف بهؤلاء المحرومين الذين يكفرون بالرسالات أيضا ؟
الجواب : انهم يتبعون مترفيهم ، و يتخذونهم آلهة يشركون بهم ربهم ، أو ليسوا يسمعونهم دون تفكر ، ويخضعون لهم و ما أنزل الله لهم سلطانا ؟!
هكذا يعالج القرآن في هذا الدرس مرض الشرك لنعرف ان توحيد الله الخالص منهج كل هدى ، و سبيل كل صلاح .
و الشرك في القرآن الحكيم ، هو ان يعتقد الانسان ، بأن شيئا أو شخصا غير الله يهيمن مع الله على أحداث الكون و متغيرات الحياة ، و يبين لنا القرآن عبر آياته الكريمة العوامل النفسية للشرك ، و يطهرها من هذه العوامل .
و في هذا الدرس يصور لنا الله مشهدا من القيامة . إذ يقف المشركون مع آلهتهم المزيفة للحساب ، فيسأل الله الشركاء المزعومين : لماذا اتخذوكم آلهة من دوني ؟ و لماذا أضللتم الناس ؟
فيكــون جـوابهم : اننا بدورنا كنا ضالين أيضا ، و نستفيد من هذا الحوار أمرين :
الاول : ان المشركين اتبعوا بشرا مثلهم ، فليس الشرك - اذن - محصورا في عبادة الأصنام و التماثيل الحجرية . إذ ليس معقولا ان يحمل الحجر مسؤولية شرك الآخرين به ، كما لا يصح للحجر الهدى أو الضلال حتى يقول : " أغويــناهم كـما غــوينا " .
الثاني : ان معنى الشرك هنا هو الشرك الثقافي ، اذا ان الناس اتبعوا مجموعة آراء و عقائــد مــن دون ان يتبينوا ، أو ان يكون ثمة حجة و برهان من عند الله عليها ، فلا هم اتبعوا عقولهم ، و لا هم اتبعوا الحجة الإلهية ، و يتضح هذا في قولهم " كما غويــنا " إذن الغوايةهي الضلال المتعمد و علماء السوء ، والصحفيون المأجورون ، و المفكرون المنحرفون مثال واضح لهؤلاء ، فهم بدورهم يضلون و يضلون . و اتباع هؤلاء الفريق يجب ان يكون مبنيا على بينة و حجة واضحة والا فهو شرك .
و نستوحي من تواصل الحديث حول الشرك و القيادة الشرعية التي يختارها الرب : ان الله قد خلقنا وهو الذي يختار و لسنا نحن المخلوقين ، اقول : نستوحي من ذلك : أن اتباع أولياء الشيطان هو الشرك بعينه ، بل أي متابعة لم يأذن بها اللهشرك أيضا .
كما نستوحي من سياق الآيات التالية : ان اتباع الرسول و خلفائه تطبيق عملي لعقيدة التوحيد في الحياة ، ذلك لأن ربنا يذكرنا فيها بانه هو الله لا اله الا هو .
و يبدو ان هذا الدرس - اجمالا - يكرس شرعية قيادة الرسل ، و زيف القيادات الجاهلية .
|