فكيف كان نكير
هدى من الآيات في اطار الحديث عن اهداف الحركة الاسلامية ، و الدعوة الى الله ، ( موضوع الدرس السابق ) يذكرنا السياق بالتأييد الالهي للرسالة ، و خذلانه لاعدائها المكذبين بها .
لم يكن الرسول بدعا من الرسل ، و لم يكن تكذيبه جديدا ، فلقد كذبت رسالات الله قوم نوح و عاد و ثمود ، كذلك قوم ابراهيم و قوم لوط و اصحاب مدين ، و هكذا كذب فرعون و قومه موسى عليه السلام .
ان الرسالة و تكذيبها حقيقة تكررت ، و تراكمت حولها تجارب غنية ، افلا ندرسها لنعتبر بها ، فلماذا لا نسير في الارض ، و ننظر في عاقبة ذلكم التكذيب المتكرر ، على اولئك الكافرين و لا نغتر بتأخير العذاب ، اذ ان ربنا يملي لهم ، فيستدرجهم ليأخذهم بغتة ؟
فارغة من سكنتها ، و هنالك البئر المعطلة لا تستقى ، و القصر المبني لا يسكن .
إن التجارب التاريخية كثيرة ، و الابصار التي تراها كثيرة ، الا ان القلوب التي تعقلها و تستفيد منها هي القليلة . قد اصابها العمى و انكر العمى عمى القلوب التي في الصدور .
و لان أفق البشر ضيق ، فهو لا يحسب لمستقبله حسابا ، فتراه يستعجل الرسول بالعذاب ، و لا يعلم بان صبر الله و إملاءه عظيم ، فاليوم هنالك كألف سنة مما يعده البشر هنا ، و ان وعد الله لا يتخلف ، و ها هي أمامنا القرى التي امهلها الله ، و املى لهم بالرغممن انها كانت ظالمة ثم اخذها و اليه المصير !
وهذه رسالة الله تنذر الناس ، بمثل ذلكم العذاب ، و تبلغهم الانذار ببيان واضح .
فالمؤمنون الذين يعملون الصالحات جزاؤهم مغفرة الذنوب التي ارتكبوها ، و رزق كريم للصالحات التي كسبوها . اما الذين يسعون في آيات الله معاجزين يتحدونها ، و يعوقون طريقها ، و يحسبون انهم يسبقون الرب و يعجزونه ، فاولئك اصحاب الجحيم ، يملكونها و تمتلكهم.
لقد غرتهم الفرصة ، فأخذهم الله في لحظة ، أخذ عزيز مقتدر ، و في نهاية هذا الدرس تأكيــد علــى مهمتي التبشير و الانذار في رسالات الله ( الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ) ، فالإنذار عادة ما يسبق البشارة ، لان الإنذار يهدف الى خلق الارضية في نفس الانسان ، فخشية الانسان من فقده ما في يده ، اكثر من خشية فقده ما في يد غيره ، فالانذار مؤشر خطر عند الكفار لانه ينذر بزوالهم و زوال نعمهم ، فلذلك يندفعون الى الايمان خوفا ، و من ثم فان البشارة تأتي لتسد هذا الخوف مبشرة بالجنة .
|