فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


جزاء الهجرة
[59] [ ليدخلنهم مدخلا يرضونه ]

قد يكون هذا المدخل الذي يرضونه في الدنيا ، لانهم خرجوا غاضبين في سبيل الله ، و قد يكون المدخل هو الجنة لان اللام في قوله : " ليدخلنهم " تفيد المستقبل .

[ و إن الله لعليم حليم ]


فهو يعلم عملك و سيجازيك عليه - و لكن بعد حين - لانه حليم لا يعجل ، فمن جهة يعطي الكافرين مهلة اطول ، و من جهة أخرى يطلب من المؤمنين الصبر حتى يعلم صدق ايمانهم .

[60] [ ذلك و من عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغى عليه لينصرنه الله ]ذلك لان الذين خرجوا من ديارهم مهاجرين الى الله سوف يرجعون اليها فاتحين بإذنه ، فيقتلون اعداء الله و اعداءهم ، لانهم تعرضوا للبغي ، و البغي هو ان تطالب بحقك المغصوب فلا تعطى إياه ، بل و ايضا تواجه بالقمع و الإرهاب . اذ لا يجد غاصبوك سبيلا لاسكاتك الا بالقضاء عليك .

" ذلك ومن عاقب مثل ما عوقب به " اي مواجهة الاعدام بالاعدام .. مثلا بمثل ، " ثم بغي عليه " اي ظلم بعد أخذه لحقه المشروع ( لينصرنه الله ) في هذه الكلمة تأكيدان على تحقيق النصر ، أولهما يدل عليه لام التوكيد ، وثانيهما تعبر عنه نونالتوكيد .

[ إن الله لعفو غفور ]

عفو غفور مما تجاوزتم ، و دلالة عفوه و غفرانه نصره لكم .

استوحي بعض المفسرين من الآية فكرة هامة ان الصراع في الاسلام ليس قاعدة مطردة كما في النظرية الماركسية ، انما هو حالة اضطرارية ، فالاسلام يدعوك الى ان تضرب صفحا عمن يظلمونك او يسلبون بعض حقوقك البسيطة ، اما حين يتعدى هؤلاء الحد في السلب و الظلم ، آنئذ يجب عليك ان ترفع عقيرتك في وجوههم و تواجههم فيكون صراعك لا من أجل الصراع ذاته ، بل من أجل العدالة ، و حالما يعود اليك حقك آنئذ تقف عند هذا الحد . و مثل هذه الآية قوله تعالى :


" ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق و من قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل انه كان منصورا "اذا و قبل كل شيء يجب ان يكون الصراع في الله و بالله ، نهب متى استنهضنا و نقف عندما يأمرنا بذلك .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس