الموقف السليم [22] [ و لا يأتل أولوا الفضل منكم و السعة أن يؤتوا أولي القربى و المساكين و المهاجرين في سبيل الله ]قيل : بعدما وقعت حادثة الإفك ، قرر المسلمون ان يقاطعوا كل المشتركين فيها مقاطعة شاملة ، فلا يزوجونهم ، و لا يعطونهم من المال شيئــا ، و لا يدعونهم يحضرون مساجدهم ... الخ ، و هذا ما يطمح اليه الاعداء ان يروا المجتمع المؤمن و قد تمزق كل ممزق ، فيجبان ينتبه الواعون في المجتمع الاسلامي الى هذه الخطوة الشيطانية ، ويقفون قبالها ، لذلك نهى الله المؤمنين عن تطبيق قرار الجفاء و المقاطعــة ، و معنى الآية الكريمة : انه لا يحلف اولوا الفضل بعدم العطاء و صلة الرحم .
و كما قلنا : ان المقصود " بالفضل " الدين و الهدى ، و " السعة " المال و النعم المادية ، فيصبح معنى الآية بهذا التفسير : انه على من أنعم الله عليهم بالهداية و المال ، ان يؤتوا اولي القربى و المساكين و المهاجرين من ذلك ، و لو كانوا متورطين في جريمة الافك .
[ و ليعفوا و ليصفحوا ]
على ما مضى ، و لعل المراد من العفو هو عدم المعاقبة على ما مضى اما الصفح فهو ما يسبب اعادة اللحمة الى المجتمع .
و وظيفة الامة الاسلامية بعد حوادث الافك و ما تسببه من فرقة و خلاف هو السعي نحو الوحدة لبناء كيان جديد يقوم على اساسها .
[ الا تحبون أن يغفر الله لكم و الله غفور رحيم ]
ربما يؤاخذ المؤمنون من اختلق الافك ضدهم ، و لكن هل ضمنوا لانفسهم البراءة الخالصة من ذلك ، و الكل معرض لارتكاب الخطأ بحق الآخرين ؟!
لذا ينبغي الصفح عن الآخرين حتى يغفر الله لمن يصفح ، و فعلا بادر المسلمون فور نزول هذه الآية الكريمة قائلين عفونا و صفحنا ، أملا في غفران الله .
|