فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
[45] [ و الله خلق كل دابة من ماء ]

لابد ان كل انسان قد شاهد النملة التي لا تكاد العين تراها ، كيف تبحث عن رزقها و كيف تمتلك ما تملكه الحيوانات الضخمة من أجهزة داخلية و اعضاء مختلفة ؟ و هي تعرف بما اودع الله فيها من الهدى ان الحبة التي تحصل عليها يجب ان تفلقها الى عدة اجزاء قبل ان تختزنها ، لكي لا تنمو ثانية و هي في بطن التراب ، و الاغرب من ذلك انها تفلق الحبوب الى قسمين الا حبة الذرة ، فانها تفلقها الى اربع اقسام بنظرتها التي اودعها الله فيها ، و كأنها تعلم لو انها فلقتها الى قسمين لامكن لكل جزء منها ان ينبت لوحده دون سواها منالحبوب ، و اذا رأت مكانا فيه غذاء فانها تذهب و سرعان ما تعود و معها جيش من النمل ليتعارنوا جميعا على نقله ، و ادخاره ، ترى كيف ابلغتهم بالامر و بأي لغة تكلمت ؟

هذه النملة الصغيرة خلقها الله من الماء ، و ذلك الفيل الضخم الذي اذا رأيته هالك منظره ، هو خلقه الله من الماء ايضا ، و هكذا سائر الحيوانات البرية و البحرية ، و الطيور و الحشرات بالاضافة الى البشر .

ان تنويع الخلقة ، و التركيز على ان كل نوع منها يسير وفق سلسلة معينة في تدرج الحياة يعطينا ايمانا بالله ، و بقدرته اللامتناهية حيث خلقها جميعا من الماء ..

[ فمنهم من يمشي على بطنه ]

كالزواحف .

[ و منهم من يمشي على رجلين ]


كالانسان .

[ و منهم من يمشي على أربع ]

كالدواب .

[ يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير ]

سأل رجل الامام الصادق (ع) لماذا خلق الله كل هذه الاحياء ؟

فأجابه (ع) : بأن الله عز وجل خلق انواع الخلقة حتى لا يقول الانسان لو كان الله قادرا لخلق حيوانا بالصفات الفلانية ، فكل ما يمكن ان يتصوره الانسان من انواع الحيوانات يجده مخلوقا ، ان لم يكن في عصره ، ففي العصور الغابرة ، و ان لم يكن في بيئته ، ففي البيئات الأخرى . (1)

فربنا الذي شاء و كانت مشيئته هي الغالبة ، و انت بدورك محكوم بارادة الله ، فلماذا التمرد و لماذا العصيان ؟؟

[46] و في الوقت الذي انزل الله الآيات التي تذكرنا بآياته ، فان البشر بحاجة الى الهداية المباشرة من قبل الله برحمة يخص بها من يشاء منهم ليهتدوا الى الصراط المستقيم ، ذلك ان الهداية نعمة عظيمة و هدف رفيع لا ينالها كل الناس .

[ لقد أنزلنا ءايات مبينات و الله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم ]اذن فعليك ان تسعى من أجل الحصول على هداية الله بطاعته و التقرب اليه بالاعمال الصالحة .


(1) الحديث منقول بمضمونه لا نصه .


[47] بيد ان هناك اناسا يدعون الايمان و لكن واقعهم يخالف ما يدعون .

[ و يقولون ءامنا بالله و بالرسول و أطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين ][48] ان اصوب مقياس للايمان هو الطاعة عند الصراع ، فاذا اسلم للحق الذي يخالف هداه و مصلحته و قبل العدالة التي تكون الى جانب خصومة ، و تنازل طواعية عن دعاويه اذا حكم القاضي العادل ضده ، فان ايمانه حق ، و الا فان دعوى الايمان غير مقبولة .

[ و إذا دعوا الى الله و رسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون ][49] و لان طاعتهم لله و الرسول نابعة من مصالحهم المادية ، فاذا كان الامر لصالحهم اطاعوا و دعوا الناس الى الطاعة ، اما اذا لم يكن الامر كذلك فانهم يخالفون حكم الله و يعرضون عن شريعته فاذا عرف احدهم انه لو ذهب الى الحاكم الشرعي فانه سيحكم ضده ، فانهيذهب الى المحاكم الجائرة ليتسنى له التلاعب بالقوانين عبر الرشاوي .

اما المحاكم الاسلامية الحاسمة التي تقضي بالحق فانه لا يذهب لها الا اذا علم بان قضيته رابحة ، و يكون في هذه الحالة اسرع الناس الى حكم الاسلام ، و اكثر الناس دعوة الى الأخذ به .

[ و إن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ]

[50] و هذا نوع من انواع الطاعــة المصلحية ، و الايمان المنفعي المرفوض في الاسلام ، و لكن ما هو الدافع لهذا الايمان ؟


[ أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون ان يحيف الله عليهم و رسوله بل أولئك هم الظالمون ]ان الذين يخشون العودة الى طاعة الله ، و حكم الرسول هم أحد اولئك التالية صفاتهم :


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس