و ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا
هدى من الآيات في اطار الحديث السابق عن الطاعة للقيادة الشرعية التي أمر الله بها - تلك الطاعة التي هي أحد اهداف التربية السليمة - يبين هذا الدرس : ان هناك مقياسا واحدا و حقيقيا لمعرفة مدى تسليم الانسان لربه ، و بالتالي لمعرفة مدى عمق الايمان و صدقه ، و ذلك المقياس هو : مدى طاعة الانسان لقيادته الرسالية التي تجسد اوامر الله سبحانه .
و الطاعة المقصودة هي الطاعة المستقيمة في أوقات الشدة و الرخاء لا في الرخاء فحسب ، لأن الانسان قد يكون مستعدا للطاعة ، و لكن في حدود القضايا البسيطة التي لا تكلفه شيئا من الجهد ، اما حينما يؤمر باقتحام الصعوبات في الحياة كالجهاد ، فانه ينكص على عقبيه ، خسر الدنيا و الآخرة ، و كثير اولئك الذين يتظاهرون بالايمان بل و يحلفون باغلظ الايمان و أشدها انهم يطيعون القيادة عند الشدة الا انهم حين تأمره القيادة بالخروج الى الحري ينكثون فاذا بادعائهم مجرد حلف غطاء لنفاقهم .
و يؤكد ربنا سبحانه و تعالى على ضرورة الطاعة للقيادة الشرعية ، كالرسول (ص) ، و اولي الامر ، و انه يجب ان لا يقلق الانسان بعد ذلك على المستقبل ، لان الله قد ضمنه للمؤمنين الذين يعملون الصالحات ، حيث وعدهم بالنصر و التأييد ، و اكد ان الرسول قد حمل الرسالة ، و انتم حملتم طاعته .
ففي ساعة النصر ينسى الانسان كل لحظات الصعوبة التي مر بها ، لذلك أكد الله سبحانه للمسلمين المؤمنين انه سيجعلهم خلفاء في الارض ، بعد ان يهلك اعداءهم ، كما حقق ذلك للذين آمنوا و عملوا الصالحات من قبلهم ، و الخلافة لا تشكل هدفا لذاتها ، بل هي وسيلة لهدف اسمى ، هو تطبيق حكم الله ، و من ثم عبادة الله و حده و اسقاط سلطة الالهة الباطلة .
و ينهي القرآن الحديث في هذا الدرس بتسفيه فكر الكفار الذين يعتقدون بقدرتهم على فعل كل شيء ، اذ لا يمكن لاحد ان يقف أمام المد الايماني ، الذي تقوده رسالة الله ، و يتصدره المؤمنون الصادقون ، فليس الكفار بمعجزين في الارض ، و ليسوا بقادرين على ان يمنعوا حركة التاريخ من المضي قدما ضمن سنن الله في الطبيعة و المجتمع .
|