فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


دور القيادة و مسؤولية الامة
[54] [ قل اطيعوا الله و أطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل و عليكم ما حملتم ]

ان طاعة الرسول - و هكذا القيادة الشرعية من بعده - هي الطريق الى طاعة الله سبحانه ، و لا تعني طاعة الله شيئا من دون الطاعة للرسول ، و يخطؤون اولئك الذين يقولون حسبنا كتاب الله ، رافضين طاعة القيادة الرسالية التي فرضها الله عليهم كي تحدد لهم المناهجالدقيقة و التفصيلية لمختلف التغييرات الحياتية .

هذا الموقف و ان حاول اصحابه اعطاءه صبغة شرعية ، الا انه - في الواقع - نوع من التمرد على الله ، لذا تتكرر في الآيات القرآنية كلمة ( الطاعة ) ..

ولم يقل تعالى : قل اطيعوا الله و الرسول ، بالرغم من ان طاعة الرسول امتدادا لطاعة الله ، بل كرر كلمة " اطيعوا " ليؤكد على الطاعة الثانية تأكيدا مباشرا ، و ذلك لصعوبتها على كثير من الناس .


ان طاعــة الله قد تكون في الامور الثابتة ، اما طاعة الرسول - التي هي ايضا طاعة لله - فهي اتباع منهج الله العملي في القضايا السياسية ، و الشرعية ، و في متغيرات الحياة العامة ، كما في الحوادث الواقعة ( الجديدة ) .

ومن لم يفهم هذه الحقيقة فانه معرض للتمرد على الرسول ، و لمن يخلفه من بعده .

[ فإن تولوا فإنما عليه ما حمل ]

وهو تبليغ الرسالة .

[ و عليكم ما حملتم ]

وهو الاستجابة له فيما يأمر به .

والله يجازي كل انسان على حدة ، دون ان يجعل مسؤولية الناس على عاتق الرسول (ص) ، كما انه لا يكلف الرسول بان يفرض الطاعة عليهم .

[ و إن تطيعوه تهتدوا ]

لانكم تصلون بذلك الى فهم حقيقة الحياة .

و نستوحي من هذه الآية تأويل قوله سبحانه في آية مضت آنفا : " و الله يهدي من يشاء الى صراط مستقيم " حيث نعرف ان طاعة الرسل و اوصياءهم وسيلة للهداية ، و ان مخالفتهم طريق الضلال .

[ وما على الرسول إلا البلاغ المبين ]

و بالرغم من اننا نعتقد بهذه الفكرة بصفتنا مسلمين ، الا اننا حين نضعها موضعالتطبيق يثقل علينا الأمر ، لان الانسان بطبيعته يحاول التهرب من المسؤولية ، و القاء الاخطاء على كاهل الآخرين ، أو يلقي بمسؤولية عدم قيامه بواجباته على عاتق القيادة ، أيا كانت ، فالابن يلقي التبعة على الاب ، و التلميذ على الاستاذ ، و المدرس على ادارة المدرسة ، و ادارة المدرسة على الوزارة المختصة بها ، و هكذا ..

فلكي يتنصل كل واحد منا من ثقل المسؤولية التي اشفقت منها السماوات و الارض و الجبال تجده يوزع الاتهامات يمينا و شمالا ، و لا يبخل بها حتى على قيادته ، بل انها تنال الحظ الاوفر منها ، و هذه فكرة ضلال في نفس الوقت .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس