لكي لا يكون الرسول خصيمنا [30] لكي لا يكون الشفيع خصيمنا ، و لا يشهد علينا سيدنا و إمامنا الذي هو
أرحم خلق الله بعباد الله . لابد ان نعيش رياض القرآن فنتخذه أنيسا في الوحدة ، حاكما في التجمع ، قاضيا عند الخلاف ، إماما للمسيرة ، هاديا لدى تواتر الفتن . فقد جاء في الحديث المأثور عن الامام الصادق ( عليه السلام ) عن آبائه عن رسول الله ( صلى الله عليهو آله و سلم ) أنه قال :
" إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن ، فانه شافع مشفع ، و ما حل مصدق ، ومن جعله أمامه قاده الى الجنة ، و من جعله خلفه ساقه الى النار ، و هو الدليل يدل على خير سبيل و هو كتاب فيه تفصيل ، و بيان و تحصيل " (1)[ و قال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرءان مهجورا ]الرسول يقاضي امته يوم القيامة عند ربه إذا تركوا العمل بالقرآن .
هكذا تدل الآية ، و بهذا جاءت السنة الشريفة ، فقد روى الامام الباقر ( عليه السلام ) عن جده الرسول ( صلى الله عليه و آله و سلم ) انه قال :
" أنا اول وافد على العزيز الجبار يوم القيامة ، و كتابه ، و أهل بيتي ، ثم امتي ، ثم أسألهم ما فعله ( فعلوه ) بكتاب الله و بأهل بيتي " (2)دعنا نتساءل اليوم - و قبل ضياع الفرصة - هل نحن نؤدي حق القرآن علينا .
كيف لو جاء الرسول يوم القيامة ليشهد في قومه . هل يشهد لنا أم علينا .
حقا نخشى ان يشهد علينا ، فأين معارف القرآن إذن في ثقافتنا ؟! و اين(1) تفسير نور الثقلين / ج 4 - ص 13
(2) المصدر
التعاليم الخلقية في سلوكنا ؟! و أين أحكامه في سياستنا و قضائنا ، و قوانين بلادنا ؟! فهل نحن مسلمون قرآنيون ؟! وما الفرق بين من لا يؤمن بالقرآن ، و من يهجره هجرا ؟!
ان قلب المؤمن يكاد يتصدع اذا استمع الى النبي و اهل بيته ( عليه و عليهم صلوات الرب ) و هم يؤكدون عليه الوصية بالقرآن - اقول يكاد يتصدع قلبه خشية الا يكون قد ادى حق كتاب ربه - .
قال رسول الله (ص) :
" القرآن هدى من الضلالة ، و تبيان من العمى ، و استقالة من العثرة ، و نور من الظلمة ، و ضياء من الأحداث ، و عصمة من الهلكة ، و رشد من الغواية ، و بيان من الفتن ، و بلاغ من الدنيا في الآخرة ، و فيه كمال دينكم ، وما عدل أحد من القرآن الا الى النار " (1)
و قال الامام الصادق عليه السلام :
" القرآن : القرآن !
إن الآية من القرآن و السورة لتجيء يوم القيامة حتى تصور ألف درجة ( يعني في الجنة ) فتقول : لو حفظتني بلغت بك هاهنا " (2)فهل نعود الى القرآن ، و نبلغ تلك الدرجات العلى في الجنة ، و النجاح و السعادة في الدنيا ؟ نرجو ان يوفقنا الله لذلك .
(1) المصدر / ص 14
(2) المصدر
[31] في الآيات الماضية حديث عن القيادة المضادة للرسول في المجتمع ، و التي هي من اسباب ابتعاد الناس عن القيم الرسالية ، المتمثلة في الوحي الالهي ، و الآن تصرح هذه الآية بذلك مؤكدة بأن هذه سنة الهية أن يكون للحق سنام هو القيادة الرسالية ، و أن للباطل سنام ايضا هي قيادة الباطل ، و الانسان بين هذه و تلك يختار طريقه بنفسه .
[ و كذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين ]
كما أن لله سنة في خلقه أن يبعث رسلا يحملون مسؤولية الهداية للبشر ، أو مصلحين على راس كل قرن و في كل قرية ، فان له سنة في قبالتها أن يجعل في مقابل كل قيادة حق قيادة باطل ، تستقطب سلبيات الناس ضد القيادة الرسالية ، و هذه هي التي يتبرأ منها الناس يومالقيامة قائلين : ليتنا لم نتخذ فلانا خليلا .
فهنا نظام و هنالك نظام . هنا تجمع و هنالك تجمع . هنا انتماء و هنالك انتماء ، و علينا ان نختار خطنا بوعي .
هكذا كان مع ابراهيم نمرود ، و مع موسى فرعون ، و مع نبينا الأكرم طغاة قريش .
[ و كفى بربك هاديا و نصيرا ]
إن في الحياة خطين متناقضين هما خط الحق ، و خط الباطل و حتى لا يشتبه البشر فيضلوا الطريق ، ثم يقولوا : يا ربنا إننا لم نعرف قيادة الحق من قيادة الباطل ، فقد تكفل ربنا ببيان صفات كل منهما عبر وحيه الذي لو اتبعناه لاهتدينا الى الحق ، و لانتصرنا على الباطل بعونه تعالى .
|