فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


أرأيت من اتخذ إلهه هواه
هدى من الآيات

لا يزال السياق ينسف عن طريق الايمان بالوحي العقبات التي يضعها الشيطان ، و ذلك بالانذار الشديد بعاقبة المكذبين ، و ضرب الأمثال من واقع الغابرين ، و يهدينا الذكر هنا الى أن واقع الانسان الذي لا يتمسك بالوحي في الدنيا يشبه واقعه الذي يتجسد له في الآخرة ، فهو يمشي و وجهه إلى الارض لا يبصر الطرق ، فان وقف وقف موقف شر ، و ان سار كان طريقه ضلالا .

و يؤكد القرآن أن من لا يؤمن بالوحي و لا يتمسك بالرسالة ، ليس فقط لا يحقق تطلعاته ، بل ويفقد بالاضافة الى ذلك نعم الله عليه من عقل و علم .

إن الله منح البشر قدرا من العقل و العلم ، لو استثمره عن طريق تمسكه بالوحي الذي يثير في قلبه دفائن العقل ، لازداد عقلا و علما ، و لكن إذا رفض الرسالة فإنه يفقد العقل ، حيث يسلبه الله ما أوتي ، فيمشي مكبا على وجهه يتخبط خبط عشواء ، كالأنعام بل أضل سبيلا .


و بعــدها ينذر القرآن من يسمعه دون أن يتعظوا بمصير السابقين كقوم نوح و عاد ، و ثمود و آل فرعون ، إذ كذب آل فرعون موسى و أخاه فدمرهم ، لأنهم لا يعترفون بشرعية القيم ، فلا يشكل البشر بما يملكون من قوى و طاقات و أسماء و شعارات وزنا عند الله لولا القيم ، لأن الأهم لديه هو الايمان و العمل الصالح ، و تفقد كل أمة مبرر وجودها عندما تفقد هذين الاساسين ، و ما تدمير الله لأصحاب الرس إلا لأنهم أمة كفرت بالحق ، و هذه سنته في الحياة .

ومن الناس من أشرب قلبه حب الدنيا ، و يتجاهل قيمة العلم و التقوى ، و ينظر الى رسول ربـــه من منطلق قيمه المادية ، فهو يكفر بالرسالة قائلا : أهذا الذي بعث الله رســـولا ؟! و يرى أن صبره أمام تأثير الرسالة فضيلة ، و لا يتذكر أن كفره بها يكلفه كثيرا ،لأنه يرديه الى مهوى الضلالة .

ولكن منطلق هذه النظرة الخاطئة الى الرسول و من ثم الوحي نابع من عبادة الهوى ، فيدعـــه الرسول لشأنه لأنه ليس وكيلا عنه ، و لأنه أفقد نفسه نعمة العلم و العقل ، فهو أضل سبيلا من الأنعام و البهائم .

هكذا يبين القرآن هنا الحقائق التي تمس الوحي :

أولا : الذي يكفر بالوحي يكفر بالنور ، فهو يمشي على وجهه .

ثانيا : إن نهايته ستكون كما الذين كفروا من قبل فدمرهم الله في الدنيا ، و أعد لهم عذابا أليما في الآخرة .

ثالثا : من استهزأ بالرسول فكفر لذلك برسالته فقد أختار الضلال ، و أضحى كالأنعام و أضل سبيلا .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس