فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


التوبة قرار و عمل
[70] [ إلا من تاب و ءامن و عمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات و كان الله غفورا رحيما ]

ان رحمة الله واسعة جدا ، فمهما فعل الانسان من ذنوب كالزنا و القتل ، الا أنه سيجد باب الرحمة مفتوحا على مصراعيه للتائبين و المستغفرين - و ليس هذا فحسب - بل الاعظم من ذلك ان الله يحول سيئات التائبين الى حسنات يثابون عليها ، و لعل سبب تحول السيئات الى حسنات ان التائب سيجعل تذكره لها ، و ندمه على فعلها منطلقا للتصحيح ، و المسارعة الى معرفة اكبر ، و ايمان اعمق ، و كلما تذكر سيئة شعر بمسؤولية محوها ، و إبدالها بعمل صالح ، و الشقي الشقي من حرم غفران الله باصراره على الذنــوب دون التوبة . إن ذنوب العباد مهما كبرت و كثرت لأصغر و أقل من رحمة الله . جاء في حديث مروي عن الامام الباقر عليه السلام في تفسير الآية :

" يؤتى بالمؤمن المذنب يوم القيامة حتى يوقف بموقف الحساب فيكون الله تعالى هو الذي يتولى حسابه لا يطلع على حسابه أحد من الناس فيعرفه بذنوبه ، حتى اذا اقر بسيئاته قال الله عز و جل للكتبة : بدلوها حسنات و اظهروها للناس ،فيقــــول النــــاس حينئذ : ما كان لهذا العبد سيئة واحدة ، ثم يأمر الله به الى الجنة " الخبر (1)حقا ان الأمل في رحمة الله ، يجعل المؤمن يزداد لربه حبا . فيبتعد عن معاصيه . لذلك استفاضت آيات القرآن و نصوص السنة تؤكد رضوان الله ، و الحديث التالي يعكس مدى تعطف الرب لعباده ، كما يبين كيف تساهم معرفة هذه الحقيقة في اصلاح البشر ، يروى عن الامام الرضا عليه السلام : " قيل لرسول الله - صلى الله عليه و آله و سلم - هلك فلان ، يعمل من الذنوب كيت و كيت فقال رسول الله (ص) بل قد نجى ، و لا يختم الله عمله الا بالحسنى ، و سيمحو الله عنه السيئات و يبدلها حسنات ، انه كان مرة يمر في طريق عرض له مؤمن قدانكشفت عورته و هو لا يشعر فسترها عليه و لم يخبره بها مخافة ان يخجل ، ثم ان ذلك المؤمن عرفه في مهواه ، فقال له : اجزل الله لك الثواب و اكرم لك الماب ، و لا ناقشك الحساب ، فاستجاب الله له فيه ، فهذا العبد لا يختم له الا بخير بدعاء ذلك المؤمن ، فاتصل قول رسول الله بهذا الرجل ، فتاب و اناب ، و أقبل على طاعة الله عز و جل ، فلم يأت عليه سبعة ايام حتى أغير على سرح الدينة ، فوجه رسول الله في اثرهم جماعة - ذلك الرجل أحدهم - فاستشهد فيهم " (2)[71] [ و من تاب و عمل صالحا فإنه يتوب الى الله متابا ]يعني ان الذي يتوب و يعمل صالحا ، فانما يتوب الى الله الرحيم .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس