بينات من الآيات
الوجه الآخر للقتل [68] [ و الذين لا يدعون مع الله إلها ءاخر ]
اي لا يخضون لسلطة مادية أخرى ، انما لله وحده ، فهو صاحب السلطة المطلقة في منطقهم لا غير .
[ و لا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق و لا يزنون ]يعني لا يقتلون النفس المحترمة ، ولا يرتكبون فاحشة الزنى ، و لكن السؤال لماذا جاء ذكر الزنى بعد قتل النفس ؟!
الجواب أن قتل النفس نوعان :
1 - القتل عبر ازهاق الروح .
2 - القتل عبر سلب الروح الانسانية بسوء التربية و التوجيه ، و ايضا بطمس العقل و الارادة في نفس الانسان ، فاذا سلب الانسان عواطفه الحسنة و شخصيته الايمانية فان ذلك اشد عليه مما لو قتل بزهق روحه أو إهدار دمه .
و لقد جاء في تفسير الآية الكريمة : " من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل انه منقتل نفسا بغير نفس أو فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعا و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا " . ان من قتلها باضلالها فكأنما قتل الناس جميعا ، و من أحياها بهدايتها فكأنما أحيا الناس جميعا .
والذي يزني فيتسبب في مجيء ابناء زنى يتربون في الشوارع كأنما قتلهم ، لانهم لن يجدوا اسرة تحتضنهم لتربيتهم ، مما قد يحولهم الى وحوش كاسرة على المجتمع ، اذ تموت الصفاة الخيرة و المواهب الفاضلة فيهم ، و تنمو مقابلها كل صفات الشر ، و هذا هو القتل المعنوي .
وعندما يسأل رجل الامام الرضا (ع) أيهما أشد يابن رسول الله ، القتل أم الزنا ؟ يجيبه الامام " الزنا اشد من القتل " .
فيسأل الرجل يابن رسول الله ولم ذلك ؟
فيجيب (ع) : ان من يولد بالزنا سيكون له أولاد آخرون .
و ربما يكون هؤلاء جيل من المنحرفين ، بينما اذا أزهق الرجل روح آخر يكون بذلك قد أزهق روح شخص واحد أما الاول فقد قتل اجيالا .
[ و من يفعل ذلك يلق اثاما ]
من الطبيعي ان يلقى جزاء عمله ، و جاء في الحديث :
" ان اثام واد من اودية جهنم من صفر مذاب ، قدامها حــرة ( اي ارض ذات احجار سـود ) في جهنم يكون فيه من عبد غير الله تعالى ، و من قتل النفس التي حرم الله ، و يكون فيه الزناة ، و يضاعف لهم فيه العذاب " (1) .
(1) نور الثقلين / ج 4 - ص 31
[69] [ يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا ]فكل عمل يلحقه جزاء بقدره و عذاب بامتداده ، فلو كذب رجل على آخر سأل عن طريق فارشده الى غيره تعمدا ، فانه سيجازى اولا على الكذب ، و ثانيا على العذاب و النصب العملي الذي سيواجه المكذوب عليه ، و يكون الكاذب مسؤولا لو اصاب هذا الانسان شيء في طريقه .
و لعل هذا هو معنى مضاعفة العذاب .
|