فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
أساليب الطغاة في مواجهة الرسالة
هدى من الآيات
على صاحب الرسالة أن لا يتصور الطاغوت حديدا لا يلين ، إنما هو بشر من لحم و دم ، يملك فؤادا يتقلب بين الخوف و الرجاء ، و الأمل و اليأس ، وعلى الداعية أن يسعى من أجل تذكيره بشتى السبل الممكنة ، ولكن لا يعني ذلك أن الطاغوت يستجيــب له أبدا ، فقد يؤمنو يهتز ضميره ، و قد يبقى على ضلالته علوا و استكبارا .
وتؤكد هذه الفكرة مقارنة بين هذه الآيات و آيات الدرس السابقة ، ففيه نجد فرعون يتحدث و كأن الأمور جميعا بيده ، أما في هذا الدرس فقد تغير منطقه ، فصار يتحدث باعتباره ندا لموسى (ع) حين قال فلنأتينك بسحر مثله ، و قد جعل رأٍي الناس مقياسا .
وإنما تغير اسلوب الحديث عند فرعون ، بسبب الكلمات الصاعقة التي وجهها إليه موسى (ع) .
و هكذا قال فرعون لموسى (ع) : هل لك أن تأتيني بآية ؟ فأراه الآيتين : العصا و اليد البيضاء ، و لكنه كذب مبررا تكذيبه بالمعاذير التافهة - شأن كل انسان يكذب بالحقيقــة - ، و الواقع إن هناك ثلاثة أساليب يتذرع بها الطغاة ضد أي تحرك يعارضهم :
أولا : تلفيق الاشاعات ضد المصلحين ، و التي تتكرر بصورة شتى ، فمرة يقولون : إن هؤلاء مجانين كما قالوا للرسول ، و مرة يقولون : إنهم إرهابيون ، و مرة يقولون : إنهم سحرة ، و مرة يتهمونهم بالتطرف الديني .
ثانيا : محاولة إحتواء الثورة ، و طرح شعارات كاذبة و متشابهة لمواجهة مبادىء الرسالة ، كالشاه المقبور حين رأى مدا ثوريا حاول إحتواءه بما سماه بالثورة البيضاء و التي لم تكن سوى شعارات فارغة ، و بديلا زائفا للثورة الحقيقية .
و هكذا المستكبرون يغيرون أنظمة الحكم في بلادنا كلما اهتزت عروشهم ، و اهترأت أساليبهم ، و يأتون بديلا عنها بأنظمة متناسبة و الظروف المتجددة ، و يسرقون شعارات الثوار ، و يفرغونها عن محتوياتها ليخدعوا بها السذج ، حيث قال فرعون : فلنأتينك بسحر مثل سحرك ، أي اذا كنت قد أتيت بعصا فسنأتيك بعصي و حبال مثلها.
ثالثا : طرح فكرة الصراع على الناس ، حيث طلب فرعون إجراء إستفتاء شعبي .