فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
الكتاب مقياس الحق و مظهر الرحمة
هدى من الآيات
إن للحق مقياسا يتجسد في الآخرة في الحساب ، و يتجلى في الدنيا بالكتاب الذي أنزله الله لفــض الخلافات ، و إيصال الناس إلى صميم الحق ، و توفير الرفاه لمن يؤمن منهم بــه .
و الكتـاب مظهر لرحمة الله ، كما ماء السماء الذي يحيي به الله الأرض بعد موتها ، و من يسمع حق السمع يستدل بهذه النعمة على رحمة الله ، فلا يضرب لله الأمثال الباطلة ، بل يهتدي إلى أن لربه المثل الأعلى ، أو ليس الله أودع في حياة الأنعام عبرة ، كيف يسقيالله من بعض الأجهزة و الأعضاء المودعة في بطونها المحتوية على فرث و دم ، يسقينا لبنا خالصا هنيئا لمن يشربه ؟!
و من رحمته انه رزقنا من ثمرات النخيل و أنواع التمور ، و من ثمرات الكروم ، و أنواع الأعناب ما نتخذ منه سكرا حلوا ، و رزقا حسنا ، إن هذه عبر أخرى و آية لقوم يعقلون .
و قد أوحى ربنا الى النحل لكي تتخذ من الجبال بيوتا ، و كذلك تبني بيوتا في الشجر ، و فيما يبنيه الناس من العمارات المختلفة ، ثم أمرها الله بأن تأكل من كل الثمرات ، ثم تتحرك عبر السبل التي جعلها الله لها ، فإذا ببطونها تصبح بإذن الله ينبوعا لشراب مختلفألوانه فيه شفاء للناس ، و هكذا يصل المتفكرون إلى ما وراء هذه الظاهرة من آثار رحمة الله .
و تقلبات الحياة البشرية كيف أنه يخلقه الله ثم يميته ، و البعض من الناس يطول عمره و يصل إلى وضع غير محمود ، حتى لا يعلم بعد علم شيئا .
و هكذا فضل الله بالناس بعضا على بعض فيما رزقهم إياه بحكمته ، فلا يستطيع ذوي الفضل أن يعطوا رزقهم لمن هو دونهم ، و يملكونهم حتى يصبحوا سواء ، و لكن مع كل ذلك نجدهم يكفرون بنعمة الله ، و يتخذون من الرزق وسيلة للاستعلاء .
و هكذا جعل الله للناس ازواجا من أنفسهم ، و رزقهم الذرية و الأولاد ، و رزقهم من الطيبات ، و مع ذلك يتركون نعمة الله و يؤمنون بالباطل المتجسد في الشركاء من دون الله ، الذي لا يملكون شيئا من الرزق من السموات و الأرض ، و لا يستطيعون شيئا .
كل هذه الآيات و غيرها تدل على أن لله المثل الأعلى ، و لا يجوز لنا ان نقيس ربنا بخلقه ، و نضرب له الأمثال الباطلة ، فان الله يعلم الحق و نحن لا نعلم ، و لا يجوز أن يحكم الجاهل على العالم سبحانه !
|