فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
البعد الثالث
هو ان كلمة التدبر مرتبطة بالواقع الخارجي ، فبينما التفسير يرتبط بذات الآيات حيث نكتشف معنى الآية الكريمة عن طريق تفسير الآيات ببعضها ، و معرفة معاني المفردات من المراجع اللغوية ، و ربط الجمل ببعضها ، و الاستفادة من السياق ، و استخراج معنى الكلمة من مقارتنها بمفردات مماثلة جاءت في آيات اخرى من القرآن الحكيم ، و تفسير الآيات بالروايات و الأحاديث الشريفة و بالاستفادة من العلم الحديث .
فاننا في التدبر أو التأويل ، و بعد انتهاء عملية التفسير ، و معرفة الآية معرفة ذاتية ، فاننا نحمل الآية القرآنية الى الواقع الخارجي ، و نبحث عن انطباقها على الناس و الأشياء و الأحداث المتغيرة .
فإذا جــاء فــي القرآن كلمات مثل : الذين آمنوا ، الذين كفروا ، المنافقون ، المستكبرون ، المستضعفون ... فينبغي علينا ان نحاول تحديدهم و تشخيصهم واقعيا ، و لا نكتفي بمعرفة معاني هذه الكلمات و مدلولاتها اللغوية فقط .
و اذا قرأنا عن مجتمعات مثل : عاد ، ثمود ، قوم لوط ، اصحاب الايكة ، اصحاب موسى (ع) اصحاب محمد (ص) فيجب ان نبحث عمن يمثلهم في واقعنا الحاضر الذي نعيشه ، فمن الذي يتبع عليا و الحسين ( عليهما السلام ) اليوم ؟ و من الذي يمثل دور معاوية و يزيد ؟ و هكذا.
فالتدبـر هو : البحث عمن يمثل دور القصص و الآيات القرآنية في الواقع الخارجي ، و بالتالي معرفة معاني الأشياء عمليا و محاولة تحسسها و الأقتراب منها .
و التدبر بحاجة الى جهد فكري و آخر جسدي ، فلا يمكننا ان نتدبر و نحن نغلقالأبواب على انفسنا و ننفصل عن الواقع ، و اذا اردنا ان نتدبر فعلينا ان ندخل في حياة المجتمع و نعرف خصائصه و مميزاته ، و ندرس طبيعته ، ثم بعد ذلك نرجع الى القرآن و نسأله : ماذا نسمي مجتمعا هذه ميزاته و خصائصه ، و تلك سلبياته و ايجابياته ؟ هل هو مجتمع لوط او شعيب او ثمود او غيرهم ؟ و المطلوب من الانسان في دراسته للقرآن التفسير ثم التدبر و التأويل بمعناها المذكور آنفا .
|