فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا
هدى من الآيات
كنا مع خضر و هو يعلم موسى علما عمليا ، و يدربه على فهم الحياة ، و تحمل مصاعبها ، و تدبر عواقب أحداثها ، و رأينا كيف أن موسى كان ليتفجر غضبا كلما رأى عملا يتنافى مع مظاهر الشريعة ، الى ان قال خضر لموسى : " هذا فراق بيني و بينك " و لكني سأفسر لك - قبل الفراق - تلك القضايا التي كانت غامضة عليك ، و أخذ يفسرها الواحدة تلو الاخرى .
يتبين لنا من ذلك ان بعض الأحكام التي يأمر الله بها أنبياؤه الكرام مختلفة عن الاحكام العامة التي يامر بها الناس العاديين ، فلقد كانت السفينة ذات ملكية خاصة ، و احترام الملكية واجب ، الا ان علم خضر المستمد من الله بوجود ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا، ان ذلك العلم دفعه و بأمر من الله الى خرق السفينة ، لكي تبقى بيد أصحابها المساكين اذ كان الملك لا يأخذ السفن المعيبة .
و كذلك يجب احترام النفس ، و لكن احترام النفس محدود بعدم وقوع ضررهاعلى الاخرين ، أما اذا كانت النفس ضارة ، فان الله سبحانه و تعالى يأذن لولي الأمر من قبله باعدامها ، و انقاذ المجتمع من شرها ، كما قدر لخضر بأن يقتل الغلام لكي لا يصبح ضارا بالآخرين ، و كذلك مسألة الجدار ، و هذا هو ظاهر ما نستفيده من الآيات الكريمة ، وهناك عمق آخر سوف نتدبر فيه و نذكره .
|