فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


الأطار العام


لعل الآيات (112 - 120) في نهاية السورة تحدد الأطار العام لها . حيث تأمر الـرسول بالأستقامة ، و الأبتعاد عن الظالمين ، و اقامة الصلاة ، و الصبــر ، و الأحسان .

كما تذكره بدور بقية الله - ممن ينهون عن الفساد - في التاريخ ، و كيف ان الله انجاهم وحدهم بينما اهلك الظالمين الذين اتبعوا ما اترفوا فيه . و كانوا مجرمين !

و تبين : ان الله لم يهلك القرى الا حين انعدم الصلاح بينهم .

و ان الأختــــلاف سنـة تاريخية بين الناس و ان الله لم يخلق الناس ليعذبهم - بل ليرحمهم - بيد انه قد قضى بان يملأ جهنم من الجنة و الناس اجمعين .

و ان القصص التي ذكرها الرب كانت بهدف تثبيت فؤاد الرســـول . كما لبيان الحق ، و لتوفير الموعظة و الذكرى للمؤمنين .

و تكـــــــــاد تكون آيات سورة هود تفصيلا لهذه البصائر المحكمة ببيان جوهررسالات الله . التي حملها النبيون عليهم السلام الى الناس ، و تحملوا - من أجلها - الوانا من العناء ، و انجاهم الرب من بطش قومهم ، و انزل العذاب الأليم على الكافرين برسالاته .

و هكذا .. اضحت الرسالات هذه محور النجاة و العذاب فمن اتبعها انجاه الله . و من خالفها لحقه العذاب و اللعنة في الدنيا . و النار و الشقاء في الآخرة .

جـوهـر رسالات الله . و في طليعتها رسالة القرآن التي احكمت آياته ثم فصلت ، هي : توحيد العبودية لله . و الأنذار و البشارة . و الأمر باستغفار الرب في الدنيا و التوبة اليه . لضمان حياة سعيدة . (1/3)و اتقاء يوم البعث . و الخشية من الله الذي يعلم سرهم و إعلانهم و يعلم كل شيء او ليس قد خلق السماوات و الأرض في ستة ايام . و الهدف هو ابتلاء الناس .

و لأن تـم تأخيــر العذاب عن هؤلاء الذين كفروا بالله . و رسالاته و بيوم الدين . فلأنه يوم يأتيهم لا يؤخر عنهم . (4/8)و بعد بيان طبيعة الجزع عند البشر الا المؤمنين منهم يثبت القرآن فؤاد النبي (ص) بانه منذر اما المنتقم فهو الله الوكيل على كل شيء ، ثم يأمره بتحديهم بان يأتوا بمثل القرآن . و إذ يظهرون عجزهم فليعلموا : ان القرآن انزل بعلم الله . (14)و هكذا جاءت رسالات الله على لسان نوح . و كانت فصول الجدل .. و الصراع بينه و بين قومه تعكس حالة العناء عند قومه . و قوة الأستقامة عند نوح عليه السلام، و انتهت بالطوفان ، حيث انجى الله نوحا و الذين آمنوا و اغرق الظالمين و بينهــم ابن نوح الذي لم يغنعنه انه ابن نوح لأن محور النجاة هو توحيد الله . (25/48)ومن بعد نوح جاء هود يدع قومه عادا . بتلك الرسالات فلم يستجيبوا له و جرىبينهم صراع مشابه . و عاندوا و تحداهم و ايده الله و اهلكهم بعذاب غليظ . (50/60)و كذلك ثمود حين جاءهم اخوهم صالح . و أمرهم بتوحيد عبادة الرب و جاءهم بآية هي ناقته التي لم يلبثوا ان عقروها فجاء امر الله و نجى الرب عبده و رسوله صالحا و اخذ الذين ظلموا الصيحة . (61/68)و هكذا .. ابراهيم و لوط و شعيب و موسى . و بالرغم من أن جوهر رسالات الله واحد . الا ان هناك بعض التفاصيل المختلفة بسبب اختلاف الظروف .

و بعد بيان كل تلك القصص يبين السياق العبرة منها . و تذكر بالقيامة . حيث ان عذاب الله في الدنيا ، اية عذابه في الآخرة ، كما ان رحمته و نجاته هنا اية نعيم الجنة التي هبتها للمؤمنين و اخيرا يذكر القرآن رسوله بضرورة الأستقامة . ذلك الأمر الذي شيب الرسول - صلى الله عليه و آله - كما جاء في حديث مشهور .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس