فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس

بينات من الآيات
وصية يوسف

[42] خرج الشخص الذي فسر يوسف رؤياه بالنجاة . و استغل يوسف المناسبة ، و طلب منه ان يرفع مظلمته عند الملك ، و كان عليه ان يتوسل بالله في ذلك لا بالسجين الناجي او الملك لانه رسول الله الذي ينبغي ان يقطع صلاته الشخصية بالناس جميعا ، و يمحض الله اخلاصه.

[ و قال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك ]

لماذا استخدم القرآن تعبير الظن . أو لم يقل ربنا سابقا : ان الله قد علمه تأويل الأحاديث ؟

في الاجابة قال صاحب المجمع : ان معنى الآية اي للذي علم من طريق الوحي انه ناج متخلص ، كما في قوله تعالى : " اني ظننت اني ملاق حسابية " هذا قول الأكثرين و اختيار الجبائي . و قال قتادة : للذي ظنه ناجيا لأنه لم يحكم بصدقه فيما قصه من الرؤياو الأول اصح . (1)

و لكن - يبدو لي - ان الظن هنا بمعناه الأصلي و هو التصور و التخيل الذي يوهم بعدم وجود علم ثابت بذلك ، و السبب ان يوسف (ع) لم يكن يضمن المستقبل لأن الله قد يشاء شيئا اخر ، فلربما مات الشخص او تغير نظام الملك ، او بدى لله في شأنه و عاد به الى السجن ،او الى الاعدام ، و مناسبة الظن بما بعده هي ان يوسف (ع) كان موقنا بأن الله سبحانه ارحم الراحمين ، و أنه يستجيب له دعاءه بينما كان يظن بنجاة(1) المجمع ج 2 - ص 234


صاحبه ظنا ، و كان ينبغي ان يتوسل بالله قبل توسله بذلك الشخص لأن الله أولى باليقين من رؤياه حول الشخص التي لو صدقت لتجاوزت حدود الاقدار ، و قضاء الله فوق قدره و ارادته فوق سنته سبحانه و تعالى .

و لكن الشيطان اعجل يوسف . حيث ان مشكلات السجن رفعته الى التسرع بالتوسل بالبشر دون ربه .

[ فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين ]ليربيه ربه على الاخلاص التام في عبادته سبحانه .


رؤيا الملك :

[43] و بعد ان قضى مدة سجنه التي حددها الله له من بعد نسيان ذكر ربه - و التي طالت سبع سنين حسب ما جاء في الأخبار - بعدئذ هيأ الله له وسيلــة نجاته بحلم رآه الملك .

[ و قال الملك إني أرى سبع بقرات سمات يأكلهن سبع عجاف ]اي هزال .

[ وسبع سنبلات خضر و أخر يابسات ]

و اراد من كبار مستشاريه تفسيرا لرؤياه الغامضة .

[ يا ايها الملأ أفتوني في رؤياي إن كنتم للرؤيا تعبرون ]اي ان كنتم تفسرون ما يراه النائم في حلمه .

[44] و لكنهم حين عجزوا عن تفسير رؤياه الغامضة . قالوا بانها افكار مختلطةو ليست رؤية للحقيقة .

[ قالوا أضغاث أحلام و ما نحن بتأويل الأحلام بعالمين ]الضغث : الحزمة من كل شيء ، و قيل بانه الخلط ، و قالوا : و الحلم بكسر الحاء ضد الطيش و هو الاناة ، و كأن اصل حلم النوم عن هذا لأنه حال اناة و سكون .

و يبدو ان الحلم غير الرؤيا ، فهو كل ما يراه النائم من آثار نفسه و تخرصاتها .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس