بينات من الآيات الايمان المصلحي سبق الحديث في الدرس السابق ، ان سبب الكفر بالرسالة هو الكفر بالرحمن ، فيعني ذلك أن المؤمنين الصادقين بالقرآن يؤمنون بالرحمن و بالتالي فهم يطبقونه لأنه يجسد ارادة الله و هداه . [36] [ و الذين آتيناهم الكتاب يفرحون بما أنزل إليك ]تجسد هذه الآية الحالة النفسية التي تعتري المؤمنين من اهل الكتاب لدى نزول القرآن ، لان نزول القرآن انتصار لهم ، و تجسيد لارادتهم ، و يقول الله عنهم : [ و اذا سمعوا ما أنزل الى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق . يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين ] المائدة / 83 [ و من الأحزاب من ينكر بعضه ] و الاحزاب هم اليهود و المشركون ممن تحزبوا على رسول الله (ص) و قد قال الله سبحانه : [ لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود و الذين أشركوا و لتجدن أقربهم مودة للذين ءامنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين و رهبانا و أنهم لا يستكبرون ] المائدة / 82 الاحزاب هو جمع حزب ، و لا يسمي الله المؤمنين مهما كانوا أو اختلفوا إلا حزبا واحـــدا لانهـــم تجمعهــم الأهـــداف و المنطلقات فهم متحدون في كل شيء ، اما الاحزاب ( الجمع ) فتطلق للأحـــزاب التـي تعادي الرسالة التي تختلف فيما بينها في كل شيء الا معاداة الرسالة ، و عندما يقول الله " فان حزب الشيطان " فقد ذكر الله الصفة البارزة التي تجمع أحزاب الشيطان بأنها على اختلاف مشاربها تتفق على قاسم مشترك و هو اتباع الشيطان ، مثل الشرق و الغـــرب يختلفون في كل شيء الا في استغلال العالم و نهب ثرواتـــه . هذه الاحزاب تحاول احتواء الرسالة . تفضل الحل الوسط بعد معرفتها بصدق الرسالة ، و هي تأخذ من القرآن ما يحفظ لها مصالحها ، ويدعم امتيازاتهم . [ قل إنما أمرت أن أعبد الله و لا أشرك به ] انما يؤمن بالكتاب حقا من يؤمن بالله ، فهناك تلازم بين الايمان بالكتاب و الايمان بالتوحيد . [ إليه أدعوا و إليه مآب ] إليـــه دعوتي ان ضاقت بي المسالك ، و اليه مآبي و رجوعي في جميع أموري و معــادي . الحقائق القرآنية في مواجهة الأهواء : [37] [ و كذلك أنزلناه حكما عربيا ] الحكم هو القضاء و العربي : بمعنى الاعراب ، و الاعراب هو الافصاح ، و ليس معنى قولنا : ان القرآن عربي انه يوافق العرب في اعتقاداتهم . [ و لئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ] اللغة عربية و لكن المحتوى إلهي ، و العربية لغة و ليست مشرعة ، أما التشريع الالهي فهو عالم ، و العلم هو معرفة الحقائق و كشفها ، و الأهواء شهوة عاجلة . [ مالك من الله من ولي و لا واق ] الله ولي الذين آمنوا كما قال و أن الكافرين لا مولى لهم ، فلئن اتبع الرسول اهواء قومه سيفقد ولاية الله و من ثم لا ينصره ، و عندما يتخلى الرسول عن العلم إلى الهوى . آنئذ يعذبه الله و لا يجد له من دونه واقيا ، فاذا خالفك الناس سينصرك الله ، و اذا خالفت الله متبعا أهواء الناس سيخذلك الله و لا تجد من دونه نصيرا . |
|