فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس
سنة العذاب
[4] ان ساعة الندامة شديدة الوطئ حتى علينا و نحن نتصورها ، كيف هي حالة من يضيع فرصته الوحيدة و قد تثير في أنفسنا الشفقة ، و لكن الله يقول : لقد وفرنا كافة الوسائل الكفيلة لهدايتهم فعاندوا .

[ و ما أهلكنا من قرية إلا و لها كتاب معلوم ]

[5] و لكن الفرصة ليست ازلية و اذا أنتهت فلن تعاد .

[ ما تسبق من أمة أجلها و ما يستأخرون ]

و يلاحظ في هذه الأمة .

أولا : أن الأمة و ليس الفرد قد حدد لها الأجل ، و ذلك لأن الافراد هم اتباع تجمع بر و فاجـــر . يتفاعلون معه في خيرهم و شرهم لذلك فان أجل كل مجموعة ينتهي في وقت واحــد .

ثانيا : ان تقديم الأجل كما تأخيره غير ممكن الا أن يشاء الله ، و السبب أن ربنا لا يأخذ أحدا قبل ان يكمل له فرصته و يتم الحجة عليه تماما .


التبرير منطق التقهقر :

[6] و يبرر الكافر بكفره عناده بالهجوم ضد من يحمل تلك الفكرة السليمة ، و هكذا الكفار أتهموا الرسول بالجنون .

[ و قالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون ]أنهم كانوا يتهربون من ذكرهم ، و يخافون من الهداية على متعتهم الزائلة ،فبالرغم من اعترافهم بانه صاحب ذكر يريد بلورة عقولهم و تزكية نفوسهم اتهموه بالجنون لانه كان يضحي بكل راحته و متعته من أجل مصلحتهم ، و لا يريد مصلحة لنفسه ، فاي تهمة يمكن الصاقها به غير الجنون - طبعا - حسب ثقافتهم المتوغلة في المادية ، و حسب تفسيرهم للعقل و هو الحصول على اكثر ما يمكن من المكاسب ينبغي ان يكون المضحي من أجل الهدف و من دون أية مصلحة ذاتية ان يكون مجنونا .

أما الجنون بمعنـــى انعدام العقل فانه ينعكس على تصرفات الفرد - في أكله و شربـــه - في سلمه و حربه - في إرادته لأصدقائه - و مقاومته لأعداءه - و هل كان الرسول مجنونا بهذا المقياس ، و هل الرساليون السائرون على نهجه مجانين بهذا المقياس ؟ أم بمقياس الماديين السائرين في متع الدنيا الرخيصة ؟!

[7] و لكي يبرروا كفرهم طالبوا الرسول بأمر تصوروه محالا و قالوا :

[ لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ]

و هكذا كل فرد لا يريد ان يؤمن بفكرة أو يقوم بعمل يتعلل ببعض العلل .

[8] و لكن الا يعلمون ان نزول الملائكة ، يعني كشف الغيب امام عين البشر ، و الله جعل الدنيا دار اختبار لعقل البشر و ارادته ، و هل يختار الحق على الشهوات ، و يكتشف الحق بين الشبهات أم يخضع لشهواته و يستسلم لها ، وحين يشاء بعث الملائكة و كشف الغيب فانه ينهي فترة الأختيار ، و بعدها لا تعطي فرصة أخرى للأمة .

[ ما ننزل الملائكة إلا بالحق و ما كانوا إذا منظرين ]فعند هبوط الملائكة لا يهمل الناس ، و كل من يموت قد يشاهد الملائكة و يؤمن بها و لكن من دون فائدة .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس