فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
مسؤولية الامة عند الخلافات :
[ 25] الخلافات الاجتماعية هي من الذنوب التي يلقي كل فريق مسؤوليتها على الاخـرين ، لان كل جانب يرى ان عمله انما هو رد فعل للآخرين ، لذلك يكون على الجميع تجنب هذه الذنوب دون انتضار ترك الجانب الاخر لها . ذلك لان بليتها اذا جاءت عمت .. و عموما المعاصيلا يمكن حصر آثارها السلبية في اولئك الذين يرتكبونها ، وهي كالنار اذا اشتعلت في الهشيم تنتشر الى كل مكان و لذلك يقول تعالى :
[ و اتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ]
أي لا تصيب الذين هم في الجهة المباشرة للظلم ، بل تعم الجميع هم و الساكتين عن الظلم ، وكذلك الذين قابلوا الظلم برد فعل غير مناسب ، فمثلا ، اذا تجاوز فريق من المجتمع على فريق آخر فان واجب الفريق المظلوم هو انتضار امر القيادة دون المبادرة بالاعتداء عليهم قصاصا لان ذلك يضعف القيادة و ينشر الفوضى ، و يعم اثرها السلبي بالنتيجة كلا الفريقين ، و ربما تدل الفتنة على الخلافات الاجتماعية اكثر من الامتحانات الفردية لذلك جاء في الحديث المروي عن الزبير بن العوام :
" لقد قرأنا هذه الاية زمانا و ما ارانا من اهلها فاذا نحن المعنيون بها نخالفهاحتى اصابتنا خاصة " (1)
(1) تفسير مجمع البيان - الشيخ الطوسي / ج 4 / ص 534[ و اعلموا ان الله شديد العقاب ]
و انه يعاقب بشدة اولئك الذين ينفذون الفتنة ، او الذين يقفون ضد انتشارها في الحياة الدنيا بالتخلف و الهزيمة و الفوضى و الاقتتال وفي الاخرة يجزى الساكت الذي لم يأمر بالمعروف و لم ينه عن المنكر و الذي تمرد على القيادة الرشيدة .
العبرة بالماضي ضمان للمستقبل :
[ 26] من المهم جدا ان يتذكر الانسان بعد الانتصار ايام ضعفه لكي لا ينسى عوامل النصر ، فيتعهدها و يحافظ عليها ليبقى النصر و مكاسبه ، و لينتقل من نصر الى نصر ، ولا يقف في مسيرة الزمان الصاعدة .
[ واذكروا إذ انتم قليل مستضعفون في الارض تخافون ان يتخطفكم الناس ]انهم كانوا قليلا من الناحية الكمية . مستضعفين من الناحية الاجتماعية و ليست هناك قوة تحميهم من الناحية الامنية حتى انهم كانوا يخشون من اخذهم بسرعة ، ولكن الله بدل كل هذه النواحي .
[ فاواكم ]
و منح لكم محلا آمنا .. وهو ابرز شروط الرفاه .
[ و ايدكم بنصره ]
فبدل الضعف قوة .
[ و رزقكم من الطيبات ]
فبدل الفقر و الاستضعاف الى غنى و رفاه .
[ لعلكم تشكرون ]
ربكم على هذه النعم ، و معنى الشكر هو المحافظة على تلك العوامل التي غيرت واقعكم الفاسد ومن ابرزها الوحدة و تجنب الفتنة عن طريق طاعة القيادة الرسالية التي تدعوكم ابدا الى ما فيه حياتكم ، كما ذكرت في الآية السابقة .
التجسس لصاح العدو خيانة :
[ 27] ان التهاون في طاعة الرسول (ص) يعتبر خيانة بعهدهم مع الرسول و بأمانة البيعة التي في اعناقهم .
[ يا ايها الذين ءامنوا لا تخونوا الله و الرسول و تخونوا اماناتكم وانتم تعلمون ]ومن ابرز مظاهر الخيانة التجسس لصالح العدو ، و نقل المعلومات الهامة الى مناهضي الرسالة كما فعل ابو لبابة في عصر الرسول حيث بعثه الرسول الى يهود بني قـريضة و قد كانوا خانوا عهدهم مع رسول الله ، فأمرهم الرسول بالنزول على حكم سعد بن معاذ ، فقالوا : أرسل الينا ابا لبابة و كان مناصحا لهم لان عياله و ماله و ولده كانت عندهم ، فبعثه رسول الله فأتاهم فقالوا له : يا ابا لبابة اتنزل على حكم سعد بن معاذ ؟ فأشار ابو لبابة الى حلقه ( انه الذبح فلا تفعلوا ) ، فأتاه جبرئيل يعني رسول الله فأخبره بذلك . قال ابولبابة فوالله ما زالت قدماي من مكانهما حتى عرفت اني خنت الله و رسوله ، فنزلت الآية فيه . فلما نزلت شد نفسه على سارية من سواري المسجد و قال و الله لا اذوق طعـاما ولا شرابا حتى اموت او يتوب الله علي ، و هكذا بقي على ذلك سبعة ايام حتى تاب الله عليه فحللهرسول الله . (1)
(1) المصدر
[ 28] ان ابرز اسباب الخيانة بالدولة الاسلامية و بالقيادة الرشيدة هو حسب المال و الولد كما حدث لابي لبابة في القصة الانفة الذكر ، و لذلك يحذر ربنا من عاملي الفساد عند البشر المال و البنون و يقول :
[ و اعلموا انما اموالكم و اولادكم فتنة وان الله عنده اجر عظيم ]و الفتنة هي كل ظاهرة يمتحن بها البشر ، ولكن اذا تجاوز الفرد عقبة الفتنة ، فان الله يعوضه عما خسره في لحظات الفتنة و يزيده عليه كثيرا .
|