فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
آثار التقوى :
[ 29 ] بين العقل و الهوى يعيش قلب البشر ، بين الظلمات و الجهل و الفوضى ، و بين النور و الهدى و الالتزام ، و بقدر ما يحجب الهوى العقل فان مقاومة الهوى تزيد القلب نورا و هدى . انك حين تتحكم في علاقاتك و عواطفك و حساسياتك فهل تستطيع ان تميز الفرد الصالح عن الطالح ؟ ! و اذا كانت الشهوات و الحالات النفسية المتناقضة كالنشاط و الكسل و الامل و اليأس تحكم فيك ايضا ، فهل تتمكن من معرفة العمل الصالح ؟
بلى حين تتعهد بتطبيق برامج الله ، و مقاومة ضغوط العواطف و الشهوات و الحالات النفسية فان عقلك يكمل ، و تصبح قادرا على تمييز الحق عن الباطل ، و يحصل لديك فرقان و ميزان .
[ يا أيها الذين ءامنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ]التقوى هي الالتزام برسالة الله ، و تحسس المسؤولية تجاهها و هي تعطينا الفرقان الذي يميز لنا الصواب عن الخطأ ، و الصالح عن المفسد ، و الهدى عن الشبهات ، و الجادة عن المزالق .
كما وان للتقوى اثرا رجعيا فيما مضى من عمل البشر حيث يكفر الله السيئات ، و يـسترها حتى لا تظهر اثارها السلبية ، بل و يغفر الذنوب و يمحي آثارها عن النفس ، ذلك لان للذنب اثرا سلبيا على الحياة ، واثرا سلبيا على نفسية مرتكبه في شكل عادة سيئة و موقف خاطىء .
[ و يكفر عنكم سيائتكم و يغفر لكم و الله ذو الفضل العظيم ]و بفضله العظيم يسبغ النعم الكبيرة و الالاء العظيمة على المتقين في الحياة الدنيا وفي الاخرة .
السبيل الى تأييد الله :
[ 30] ان تقوى الله ، و الاستجابة للرسول ، و تجنب الفتن الاجتماعية كل ذلك شروط تمهيدية للنصر على الاعداء ، وان ربنا يتفضل على المؤمنين بالتأييد بعد ان يوجدوا في واقعهم هذه الشروط ، و دليل تأييد الله نصره المؤمنين في بدر الذي سبق الحديث عنه ، وهذا دليل آخر يبينه الله حين خطط الكفار لألقاء القبض على الرسول (ص) أو اعدامه أو لا اقل نفيه ، و لكن مكر الله و خططه الحكيمة سبقتهم و افشل خططهم الماكرة ، حيث امر الله رسوله بالهجرة الى المدينة . فلما جاء الكفار و جدوا عليا (ع) قد افتداه بنفسه و بات مكان قائده الرسول (ص) .
[ واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك او يقتلوك او يخرجوك و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين ]اذا نفذ المؤمنون خطط ربهم الرشيدة فهم الاعلون لان أهم بنود الخطة الرشيدة في الصراعات الاجتماعية هو النشاط و التعاون و الاستعداد للتضحية ، و الذوبان في بوتقة الخطة بعيدا عن الذاتيات و المحاور الخلافية . و كل هذه البنود توفرها التربية الايمانية ، كماان الايمان يعطيك الفرقان و الرؤية الصافية الى الاحداث ، و يزكي قلبك عن الاهواء و الشهوات و ردود الفعل التي تغشي رؤية المرء و تدفعه الى اتخاذ مواقف خاطئة و هكذا ، و بفضل الله يصبح مكر المؤمنين انفذ من مكر اعدائهم .
[ 31] و كان من مكر الكفار الفاشل و خطتهم الغيبية ، انهم بثوا اشاعات ساذجة فقالوا : ان آيات القرآن ليست بتلك الدرجة من البلاغة و العلم ، فلقد سمعناها و وعيناها ولو شئنا لقلنا مثلها . ولكننا أناس تقدميون ، وهذه افكار رجعية يتشبثبها الأولون المعتقدون بالخرافات .
[ واذا تتلى عليهم آياتنا قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا ان هذا الا اساطير الاولين ][ 32] وكان من خطط حربهم الاعلامية تظاهرهم بالتحدي و المباهلة فقالوا : يا رب لو كان كلام الرسول حقا فعجل بالعذاب علينا كان تمطر السماء حجارة .
[ واذ قالوا اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء او ائتنا بعذاب اليم ]موعد العذاب :
[ 33] ولكن هل الله يبعث العذاب حسب طلب الناس ، ام وفق الحكمة البالغة التي عنده ؟ انه لا يعذب قوما حتى يستنفذوا كل فرص الهداية عندهم ، و حتى لا يبقى فيهم اثر من الايمان . و دليل ذلك انه ما دام الفرد يشعر بالندامة بعد الذنب و يستغفر الله ، فانه لا يعذب حتى ولو طلبه من ربه . و عدم نزول العذاب عليه ليس دليلا على صحة كل اعماله او مجمل طريقته كلا بل هو دليل على وجود جوانب ايمانية في واقعه ، هي التي تمنع العذاب عنه .
[ وما كان الله ليعذبهم وانت فيهم ]
تدعوهم الى الهدى و ربما يستمعون اليك ، و وجود نبي الرحمة و سيد الخلق كما وجود الصالحين في الامة سوف يمنع عنها العذاب لحين خروج اولئك عنهم .
[ وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ]
وفي آيات قرآنية آخرى دلالة على ان عذاب الله انما يهبط من السماء بعد فراغقلوب المجتمع تماما عن الايمان ، وبعد خروج او انعدام الصالحين فيه تماما .
لقد كان هذا جانبا من مكر الكفار الذي انتهى الى انتشار الرسالة اكثر فأكثــر و الحمد لله رب العالمين .
|