فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
سنة العذاب :
[ 34] ربنا الحكيــم لا يعذب احدا حين يشتهي العذاب او يتحدى قدرة الله او رسالته ، بل عندما يستوجب العقاب بعمل قبيح مثل صد الناس عن المسجد الحرام . وما هو المســجد الحــرام ؟ انه بقعة خصها الله لنفسه لتكون دار سلام و أمن و حرية ، يقيم الناس فيها شعائرهم الدينية ، و يعبرون عن مشاعرهم الحقيقية ولكن حين يأتي فريق من المتجبرين و يفرضون قيادتهم على المسجد الحرام و يمنعون المؤمنين عن إقامة الشعائر فيه فسوف يستحقون العذاب لانهم ليسوا بقيادة المسجد و ولاته .. ان اولياء المسجد هم اولياء الله . لان المساجدلله ولا يجوز ان يرفع عليها الا راية الله و الحق و الذين بيدهم راية الحق هم المتقون ، و حين تطهر مساجد الله عن الدعوة لغير الله وعن الاصنام الحجدرية و عن تبليغ رسالة الشيطان و الدعاية لسلطان متجبرا او حزب ملحد او سلطة قاهرة ، فان الناس سيجدون مصابيحيهتدون بها ، و محاور قوة يلتفون حولها ، و بالتالي مراكز قدرة يلتجؤون اليها في مقاومة شياطن الجن و الانس .
[ وما لهم الا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا اولياءه ان اولياءه الا المتقون ولكن اكثرهم لا يعلمون ]ولا يعرفون فلسفة المساجد و دورها الحاسم في هداية الجماهير و تأييدهم ضد الظالمين .
[ 35] اما هؤلاء الذين اتخذوا من المساجد مراكز لهو و استهزاء بالقيم فكانت صلاتهم عند البيت الحرام ( وهو اقدس مكان على وجه الارض ) التصفيرو التصفيق .
[ وما كان صلاتهم عند البيت الا مكاء و تصدية ]
اي صفيــرا و تصفيقا و عذاب الله الذي انزل عليهم بيد المؤمنين كان بهذا الســبب .
[ فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ]
و جاء في الحديث عن ابن عباس : كانت قريش يطوفون بالبيت عراة يصفرون و يصفقون ، و روي ان النبي (ص) كان اذا صلى في المسجد الحرام قام رجلان من بني عبد الدار عن يمينه فيصفران ورجلان عن يساره يصفقان بأيديهم فيخلطان عليه صلاته ، فقتلهم الله جميعا ببدر . ولهم يقول و لبقية بني عبد الدار " فذوقوا العذاب " .
و كلمة اخيرة : ان هذه الاية و التي قبلها تدلان بوضوح ان على السلطات التي تصد عن المساجد ، و تعتدي على حرية الناس فيها ، و تتجاوز على حرماتها ، و تريد تحويل المساجد الى مراكز للفساد و المنكر يقام فيها الشعائر دون لبابها انها سلطات جائرة يجب مقاومتهاحتى يعذبها الله بأيدي المؤمنين .
[ 36] كان ذلك صورة عن الممارسة السياسية لهذه الفئة . اما الممارسة الاقتصادية فانها خاطئة ايضا ، اذ انها تخدم اهداف الطغاة و تصد عن سبيل الله ، و عن اقامة العدل و اشاعة الرفاه .
[ ان الذين كفروا ينفقون اموالهم ليصدوا عن سبيل الله ]ينفقونها من اجل طبع الكتب الضالة ، و تمويل الصحف المسبحة للطاغوت ، و اشباع ادعياء العلم و الدين من خدم السلطات المتجبرة ، او ينفقونها لتمويلالحروب و تدعيم كيان اجهزة المخابرات .
بيد ان هذا الانفاق سيكون حسرة عليهم اذ لا ينفعهم شيئا ، بل يضرهم كثيرا و سينتهون الى جهنم جميعا .
[ فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون و الذين كفروا الى جهنم يحشرون ][ 37] ولكن كيف يسبب انفاق هؤلاء للصـــد عن سبيل الله غلبة المؤمنين عليهم ؟
يجيب القرآن على هذا السؤال :
اولا : لأن هذا المال يفصل الطيب عن الخبيث في واقع المجتمع ، فالطيب لا تخدعه الثروة فيزداد طيبا . بينمــا الخبــيث الذي كان يتظاهر بالايمان يظهر امره و يكتشف عند المجتمع .
ثانيا : ان العناصر الخبيثة يجد بعضها بعضا فيتكتلون ، فحين تثور الجماهير ضدهم لا ينقذون انفسهم منهم جميعا .
[ ليميز الله الخبيث من الطيب و يجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم اولئك هم الخاسرون ]
|