فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
شروط الانتصار :
[ 45] اول شروط الانتصار ، هو عقد العزم على الاستقامة و الثبات مهما كلــف الامر . . كما قال الامام علي (ع) لابنه محمد إبن الحنفيه لما اعطاه الراية يوم الجمل : " تزول الجبال ولا تزل . عض على ناجذك . اعر الله جمجمتك . تد في الارضقدمك . ارم ببصرك اقصى القوم و غض بصرك ، واعلم ان النصر من عند اللهسبحانه " (1)
ولكن العزم على الثبات بحاجة الى تنمية الارادة و شحذ العزم و ذلك عن طريق تحقيق الشرط الثاني للانتصار .. وهو ذكر الله ذكرا كثيرا . لان ذكر الله يوجه المرء الى اوامره الرشيده ، والى وعده و وعيده بالثواب او بالعقاب ، والى الائه التي تشكر ، و رضوانه الذي يرجى و حبه الذي يتطلع المؤمن الى الشهادة من اجله .
[ يا ايها الذين ءامنوا اذا لقيتم فئة فاثبتوا و اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون ]الفلاح يأتي بالنتيجة بعد شرطي الثبات عند اللقاء ، و ذكر الله كثيرا .
[ 46] اما ثالث شروط النصر . فهو الطاعة لله بتنفيذ برامجه و الطاعة للرسول و للقيادة الرسالية التي تحكم بأسم الله من اجل تنفيذ اوامره اليومية .
[ و اطيعوا الله و رسوله ]
ومن ابرز فوائد الطاعة الوحدة ، ونبذ الخلافات ، ورد كل الخلافات الى حكم الله و رسوله .
[ ولا تنازعوا ]
ولكن لماذا يجب تجنب النزاع ؟
اولا : لانه يضعف الارادة و يبعث الوهن في النفس .
(1) نهج البلاغة / ص 55 خطبة 11
ثانيا : لانه يذهب بالكرامة و العزة و التطلع ، و بالتالي يدمر كل فريق شخصية الفريق الثاني ، ومن تحطمت شخصيته و هانت نفسه عليه فانه لا يحارب عدوه ، ولا يرى نفسه كفوءا للصراع مع منافسيه .
[ فتفشلوا و تذهب ريحكم ]
من هنا نعرف ان القيادة التي يعيش المجتمع تحت ضلالها الصراعات ليست بقيادة حقيقية كما عرفنا ان من عوامل النصر غير المنظورة هي اعطاء الثقة و الكرامــة للمحاربين ، و عدم الاستهانة بهم ابدا .
اما الشرط الاخر للنصر بعد الطاعة فهو الصبر ، و تحمل الصعاب بانتظار المستقبل المشرق .
[ و اصبروا ان الله مع الصابرين ]
يؤيد و يسدد خطاهم . و حيث يكون الصبر تكون الاستراتيجية الطويلة الامد ، و الاستمرار في تنفيذ الخطة ، و تحمل الجراح و الجد و النشاط في العمل ، املا في المستقبل ، و ربما هذه المنافع و غيرها بعض ما يعنيه ان يكون الله مع الصابرين .
[ 47] حين يكون هدف القتال مقدسا ، تخدم الطبيعة و الصدفة المحاربين و يسدد الله خطاهم اما اذا فسدت نية المحارب فقاتل من اجل الفخر و الرغبة في ذكر اسمه في الاندية ، او حارب لاجل اعتقاده بانه اسمى من غيره لما رزقه الله من نعم الحياة .
[ ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ]حين يشعر الفرد بالاستغناء و اكتمال حياته المادية ، يأخذه الغرور فيخرج منبيته لاستغلال الاخرين و التسلط عليهم و اثبات قوته و سطوته .
" وجاء في التفاسير عن ابن عباس : لما رأى ابو سفيان انه أحرز عيره ارسل الى قريش ان ارجعوا فقال ابو جهل : و الله لا نرجع حتى نرد بدرا ( و كانت بدر موسما من مواسم العرب يجتمع لهم بها سوق كل عام ) فنقيم بها ثلاثا وتفرق علينا القيان و تسمع بنا العرب فلا يزالون يهابوننا ابدا ، فوافوها فسقوا كؤوس المنايا وناحت عليهم النوائح .
ان هذه الواقعة التاريخية واحدة من مصاديق الحرب التي تشعلها نزوة شخص واحد يريد ان يصبح من ورائها بطلا معروفا كما اراد هتلر ذلك ، وكما سعى وراءها صدام في العراق فمن اجل ان يصبح بطل القادسية الجديدة ، اشعل نار الحرب فكان هو و نظامه اول المحترقين فيها.
وهناك حرب قذرة اخرى تشعلها مجموعة منظمة تهدف ايقاف توسع الرسالة كالحرب الامبريالية ضد الثورات التحررية . وكما الحروب المنظمة التي قادتها الجاهلية ضد رسالة الاسلام .
[ و يصدون عن سبيل الله و الله بما يعملون محيط ]
دوافع القتال عند الكفار :
[ 48] ثلاثة عوامل نفسية تدفع الكفار الى خوض غمار الحرب الطاحنة لهم :
الاول : بسبب سلبيات اعمالهم . فمع كل عمل سيء تنمو شاذه في النفس ، فالظلم البسيط يبسط ضبابا قاتما على القلب وكلما يكبر الظلم يتكثف الضباب فيصبح سحابا ، فسحابا داكنا فمتراكما فحجابا من الظلمات ، يرين على القلب ، و هكذا تتكرس عادة الظلم عند مرتكبه حتىيرى الظلم اصلا ثابتا من الحياة بينما
العدالة شذوذا و جريمة . ان العنصريين و الرأسماليين و الشوفينيين يرون المتمردين و الثوار عليهم ، يرونهم خارجين عن العرف و العقل و الصواب ، ذلك لان تراكم سلبيات العمل السيء على قلبهم جعلت الاعمال حسنة في اعينهم .
[ واذ زين لهم الشيطان اعمالهم ]
الثاني : الغرور ، و الاعتقاد بان قوتهم اكبر من القوى الاخرى ، وربما تنشأ هذه الحالة النفسية من الاعتقاد المضخم بالذات .. لذلك حكي ربنا سبحانه عنهم وقال :
[ وقال لا غالب لكم اليوم من الناس ]
الثالث : يخيل الى قلب الكفار ان هناك بعض الناس يؤيدونهم و ذلك بسبب بعض المواعيد الفارغة لذلك قال الشيطان :
[ واني جار لكم ]
ساعة المواجهة !
اما هذه الدوافع النفسية ما هي الا سراب سرعان ما تتكشف حقيقته .
[ فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه و قال اني بريء منكم انى ارى ما لا ترون اني اخاف الله و الله شديد العقاب ]في ساعة المواجهة الحقيقية يعرف الكفار ان اعمالهم خبيثة و باطلة ، وان كيدهم ضعيف ، وان انصارهم المزعومين قد تبخروا و تلاشوا .
الشيطان تولى يوم المواجهة ، وتبرأ حتى من اقواله و مزاعمه السابقة ، وخشي من الله ، و خاف العاقبة السوء التي تنتظر فريقه .
واذا حدث هذا في بدر بصورة مجسدة كما جاء في حديث مأثور ، فان ذلك انما هو مثل ظاهر لواقع الكفار مع من يخدعهم من شياطين الجن و الانس ، والنكوس على العقب هو العودة قهقري .
وقد يكون الشيطان الغاوي اولئك الضعفاء المنهزمون نفسيا ، الذين يتزلفون الى قادة العدو للحصول على المكاسب ، وعادة ما يكون هؤلاء اشد تطرفا من غيرهم في طرح الشعارات و التهديدات ، ولكنهم اول المنهزمين الذين يبررون هزيمتهم بمعرفتهم بامور لا يراها الاخرون.
[ 49] في الجانب الاسلامي توجد ايضا عناصر ضعيفة مثل المنافقين الذين يرون مبادرة المؤمنين بالقتال نوعا من الغرور الذي يدفعهم اليه دينهم الجديد ، و ايمانهم بفكرة الرسالة .
[ اذ يقول المنافقون و الذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم ]و المرض قد يكون النفاق و قد يكون الخوف و الرهبة من العدو .
ونسي هؤلاء ان الكفار يفقدون قدرة التوكل على الله ومدى ما في التوكل من بعث الروح الرسالية المندفعة .
[ ومن يتوكل على الله فان الله عزيز حكيم ]
|