فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس


بينات من الآيات
فقاتلوا أئمة الكفر :

[ 12] الناكثة هي الفرقة الضالة ، التي تقاوم الرسالة بعد التعهد بالتسليم لها ، و عدم الاعتداء عليها ، وقد تكون هذه الفرقة من المشركين أو من المسلمين ظاهرا ، و القرآن يأمرنا بقتالهم بصراحة بالغة .

[ وان نكثوا ايمانهم من بعد عهدهم ]

اليمين الذي يعطيه فريق من ٍأنفسهم لفريق آخر يعتبر نوعا من العهد الاجتماعي ، أو بالاحرى يعتبر تأكيدا دينيا على عهد اجتماعي لذلك نجد القرآن يمزج بين اليمين و العهد .

[ و طعنوا في دينكم ]

لكي يبرر هذا الفريق نقضهم للعهد يطعنون في الدين و تعاليمه و بنوده ، و يعتبرون تلك التعاليم مخالفة لمصالحهم أو لحريتهم و كرامتهم .

[ فقاتلوا ائمة الكفر ]

عادة يكون الفريق الناكث ملتفا حول قيادة شيطانية . ذات خطط ماكرة . لا تكشف عن نفسها . لذلك يجب على الأمة البحث عن تلك القيادات و محاربتها والافان اراقة دماء اتباعهم تزيد تلك القيادات قوة اجتماعية ، و يكرس سيطرتهم الباطلة على ااتباعهم المضللين .

و الواقع ان تلك القيادات لا يمكن انتضار الوفاء منها لانها بنت حركتها على ضرب القيم السائدة و مقاومة المقاييس الاجتماعية ، و لذلك تجدها تكثر من الحلف و اعطاء العهد مع عزم مسبق على مخالفتها .

[ أنهم لا ايمان لهم ]

ولكن يجب الا يتحول قتال الناكثين من أجل اشباع شهوة الانتقام ، فيصبح اعتداء محرما على كرامتهم البشرية . بل يكون فقط بهدف ايقافهم عند حدهم ، و اعادتهم الى شرعية القيم الاسلامية حتى يصبحوا كما غيرهم من الناس لهم حريتهم و كرامتهم و حقوقهم . لذلك اكد ربنا سبحانه على هذه الحقيقة قائلا :

[ لعلهم ينتهون ]

أي يمسكون أيديهم عن نقض العهد و الطعن في الدين .

[ 13] واما العوامل التي تدفعنا الى قتال الناكثين فتتجسد في :

اولا : نكثهم لليمين ، و نقضهم لعهدهم السياسي مع المجتمع المسلم ، و بالتالي مخالفتهم للنظام الاجتماعي ، ذلك العهد الذي يقدمه المواطن المسلم عن طريق البيعة و يقدمه الذمي ( كاليهود في المدينة ) في صيغة معاهدات ثنائية بينهم و بين القيادة ، واذا نكث فريق عهدهم فان المجتمع المسلم يفقد حصانته ، و بالتالي يخشى ان يتحلل الاخرون من عهودهم و التزاماتهم فينهار المجتمع تماما لذلك قال ربنا :

[ الا تقاتلوا قوما نكثوا ايمانهم ]


ثانيا : مقاومتهم للنظام السياسي و محاولتهم اسقاط حكومة الاسلام عن طريق محاربتهم للقيادة الشرعية المتمثلة في الرسول او الامام .

[ وهموا باخراج الرسول ]

ثالثا : انهم المعتدون اولا ، و البادي بالظلم أظلم .

[ وهم بدأوكم اول مرة ]

وعادة يتوجس الناس الخوف من الناكثين ، ولكن الله يحرض عليهم و يقول :

[ اتخشونهم فالله احق ان تخشوه ان كنتم مؤمنين ]

اذا ترك الانسان مبادءه و قيمه ، و تساهل في عهوده مع الناس ، فأي شيء يبقى له بعدئذ حتى يحسب مؤمنا ؟ !

[ 14] ان نتيجة القتال معروفة عند الله سلفا ، وهي :

اولا : ان الله سوف يعذب الكفار بايدي المؤمنين .

[ قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم ]

و هذا يعني ان بعضا من اقدار الله يجريها عن طريق المسلمين ، فعليهم ان يسعوا ، و الله يسدد خطاهم و يوفقهم ، ولا يجوز لهم التواكل و الكسل بأسم التوكل على الله .

ثانيا : ان عزتهم بالاثم و غرورهم و كبرياءهم سوف تتحطم على صخرة الاستقامة الاسلامية .


[ و يخزهم ]

و بالنسبة الى الناكثين يعتبر كسر شوكتهم الاجتماعية ضربة قاضية لهم ، و انهاء لمشكلتهم .

ثالثا : ان الله ينصر المؤمنين عليهم و يثلج قلوبهم بالنصر .

[ و ينصركم عليهم و يشف صدور قوم مؤمنين ]

و هم الاكثر حماسا للقيم ، او الاكثر تضررا من خروج الناكثين على الدولة .

[ 15] رابعا : ان القتال يحل العقد النفسية التي تتراكم في قلوب المؤمنين بسبب خروج الناكثين عن الدولة .

[ و يذهب غيظ قلوبهم ]

فيستعدون للبناء و التقدم الحضاري ، و محاربة اعدائهم التقليديين .

خامسا : ان بعض المسلمين يتأثرون بدعايات الناكثين ، او يتكاسلون في البدء عن مقاومتهم ، فيصلحون بالقتال و النصر ، كما ان البعض منهم قد احتملوا ذنوبا كبيرة و صغيرة و بسبب الجهاد في سبيل الله يغفر الله لهم ذنوبهم .

[ و يتوب الله على من يشاء و الله عليم حكيم ]

ولذلك لا يمكن ان يتكل احد على الجهاد في سبيل الله فقط و يقول لنفسه انني اذنب ثم اجاهد فيغفر الله لي ، كلا فالله عليم حكيم ، لا يغفر لكل مذنب انما الذين يعملون الذنب بجهالة ثم يستغفرون .


فصل: الاول | قبل | بعد | الاخير | الفهرس