فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
شروط الاستغفار :
[ 113] بعض الناس يذنب و يتمنى لو أن الرسول أو أحد الأولياء يشفع له ذنبه بمجرد انه ابن ذلك الولي او تابع للرسول .
وقد يكون ذلك التمني معقولا ولكن بشروط ثلاث :
اولا : - الا يكون مجرد تمني بل يشفع بعمل وسعي ، يقول القرآن الحكيم في آية كريمة : " ام للانسان ما تمنى فلله الاخرة و الاولى " ، الى قوله سبحانه : " وأن ليس للانسان الا ما سعى " مما يدل على ان التمني لا يجدي نفعا لو بقي في حدود التمني .
ثانيا : - ان تكون علاقته بالولي ، او بالرسول علاقة ايمان لا علاقة اعجاب عاطفي او انتماء نسبي ، فالرسول (ص) ليس ابا لأحد من الرجال بل هو قبل كل شيء رسول بعثه الله ليطاع باذنه ، فلو كانت العلاقة معه نابعة من الايمان بالله فانها تشفع له .
ثالثا : - الا يكون الذنب هو الشرك بالله العظيم لأن الله يغفر كل الذنوب دون الشرك بالله تعالى .
ضمن هذه الشروط يقدر النبي أو الولي ان يشفع للمذنبين ، ولكن لا تعني الشفاعة انه يفرض على الله غفران ذنوبهم ، بل أنه يدعو و الله يستجيب دعاءهبفضله ، وهكذا تكون الشفاعة و الاستغفار بمعنى واحد لان الاستغفار هو الدعاء بغفران ذنب المذنبين ، و الآية التالية تؤكد على الشرط الاخير الذي هو الأهم من هذه الشروط الثلاث للشفاعة فتقول :
[ ما كان للنبي و الذين ءامنوا ان يستغفروا للمشركين ولو كانوا اولي قربى من بعد ما تبين لهم انهم اصحاب الجحيم ]فمادام الشخص مشركا فهو من اصحاب النار لا محالة فلماذا طلب المغفرة له ، و لماذا أساسا الارتباط النفسي به . إنه من أمة ونحن من أمة ان صاحبه النار و صاحب المؤمنين الجنة .
[ 114] نعم ان الاستغفار يجوز للمشرك و ذلك بطلب الهداية له من الله سبحانه ، كما كان الرسول (ًص) يكرر هذه الكلمة في المواقف الحرجة من حياته الرسالية ( اللهم اهد قومي فانهم لا يعلمون ) وكما كان إبراهيم (ع) وعد أباه ان يستغفر له قال : " سلام عليكسأستغفر لك ربي انه كان بي حفيا و اعتزلكم وما تدعون من دون الله و أدعوا ربي عسى الا أكون بدعاء ربي شقيا ".
ذلك لانه كان يسعى انئذ نحو هداية قومه و اخراجهم من ضلالتهم ، اما بعدئذ حينما تبين له ان أباه و قومه اعداء لله ، وان شركهم ليس لجهلهم بل للعناد و التحدي . هجرهم و تبرأ منهم .
[ وما كان استغفار إبراهيم لابيه الا عن موعدة وعدها اياه فلما تبين له انه عدو لله تبرأ منه ان ابراهيم لاواه حليم ][ 115] والله كذلك لا يأمرنا بمقاطعة المشركين فورا ومن دون سابق تبشير وانذار ، انما علينا ان ندعوهم الى ا لهدى بكل وسيلة ، ومنها الدعاء لهم بالهداية ، فاذاعاندوا تركناهم و تبرأنا منهم ، كما أنه سبحانه لن يضل الناس بعد ان هداهم . وكشف لهم تفاصيل الشريعة .
[ وما كان الله ليضل قوما بعد اذ هداهم ]
ان هدايته اما تكون بالفطرة حيث خلق الله الناس وأركز في أنفسهم معرفته و زودهم بالعقل ليعرفوا الحق ، أو تكون بالرسالة حيث بعث أنبياء ليهدوهم ، فلما أهتدوا وأنعم الله عليهم بالرخاء طغوا و نسوا ما ذكروا به . هنالك يضلهم الله و يسلب منهم نعمة الهداية التي سبق و أنعم بها عليهم فلم يراعوها حق الرعاية ، و أهملوا السنن التي بينها لهم ، و أهملوا المحرمات التي امرهم الله تعالى باتقائها واجتنابها .
[ حتى يبين لهم ما يتقون ]
أي الذنوب التي يجب اجتنابها .
[ ان الله بكل شيء عليم ]
فهو عليهم بأسباب شقاء الانسان ، و كيف يجب اتقائها ، و عليم بواقع ذلك القوم الذي لم يجتنب الذنوب و أرتكب أسباب الشقاء ، لذلك فلما يضلهم ، يضلهم بعلم سبحانه .
[ 116] كذلك يجب الا ينتمي الانسان الى قرابته بل الى الله ، فلا يستغفر للمشركين من أقاربه ، لأن الله له ملك السموات و الارض و أسرة الفرد لا تغني شيئا عن الله .
[ ان الله له ملك السموات و الارض يحي و يميت وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير ]
|