فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الآيات
في رحاب الحقائق :
[ 53] و يتسائل الكفار هل يؤمن الرسول بما يقول و يقولون له : أحق هو ؟ فيجيب الرسول بحسم و بالضرورة : انه لحق[ و يستنبؤنك احق هو قل اي و ربي انه لحق ]
وبين السؤال و الجواب نستنبط عدة حقائق :
اولا : بالرغم من ان الحقائق الفلسفية العامة ليست قابلة للتقليد و الطاعة العمياء الا ان السؤال عنها مفيد ، اذ قد تحمل الاجابة اشارات هادية لك لو فكرت فيها لعرفت الحقيقة مباشرة ، فيكون السؤال مثل ان يسأل احد عن مكان الماء ، فحين يشير الآخر اليه و يلتفت السائل يرى الماء مباشرة .
ثانيا : ان احدى المشاكل الرئيسية التي تعترض طريق الناس عن الايمان هو تهيب الايمان ، و الاعتقاد بأن المؤمنين ليسوا في الواقع مؤمنين بصدق ، ولذلك اذا عرفوا صدق ايمان المؤمنين بالرسالة ، زال حاجز الهيبة و تشجعوا على الايمان ، ومن هنا كان تأكيد المؤمنين ايمانهم قوليا و عمليا أو بسبب تضحياتهم الرسالية كان ذلك ذا اثر فعال في روحية المترددين و الشاكين .
ثالثا : ان الرسول أجابهم بصورة مؤكدة ، و حلف بربه حلفا يؤثر في وجدان السامعين ، لأنه يتصل بمن رباه و انعم عليه ، وعموما القسم بالرب قسم وجدانيعميق الأثر .
و بعد الحوار أكد الرسول على ان حاجز الغرور هو الذي يفصلهم عن الايمان ، فيــزعمــون أنهم قادرون على مقاومة نفوذ الرسالة ، أو الأتيان بافضل منها حتى يسبقوها !! كلا .
[ وما انتم بمعجزين ]
التذكير بالاخرة نفطة الانطلاق :
[ 54] الانسان بفطرته مؤمن ، ولكن دواعي الشهوة و الطيش و الغرور ، و الجهل تمنعه عادة عن الارتفاع الى مستوى الايمان ، و يهدم القرآن جدار الغرور بتذكير البشر بيوم فاقته ، حين يحين ميعاد جزائه على ظلمه لنفسه ، عندما يتمنى لو كان يملك ما في الارض جميعاليفتدي بها عن نفسه ، فيخلصها من العذاب ، ولكن هيهات !!
وهنا لابد ان يتذكر الانسان بان المهم ليس ما يملك لأنه يزول عنه ، ولكن نفسه و عمله هما الباقيان .
[ ولو ان لكل نفس ظلمت ]
ظلما ذاتيا بارتكاب المعاصي ، او ظلما اجتماعيا باغتصاب حقوق الاخرين ، لو انها كانت تملك[ مافي الارض لافتدت به و اسروا الندامة لما راوا العذاب ]وربما كان معنى اسرار الندامة الشعور بها عميقا في سرهم ، و ليس بمعنى اخفائها ، لأنه لا احد يقدر على كتمان حالته يوم القيامة ، ولكن من المسؤول عن ندامتهم أوليست انفسهم !!
[ وقضى بينهم بالقسط ]
أي بالدقة التامة دون أي زيادة او نقيصة .
[ وهم لا يظلمون ]
الوعد الحق :
[ 55] ولو زعم الكفار أن اعادة بعث الناس مستحيل ، أو زعموا ان جزاءهم في الدنيا غير وارد ، فليعلموا ان الله هو مالك ما في السموات و الارض وان وعده حق .
[ الا ان لله ما فــي السمــوات و الارض الا ان وعد الله حق ولكن اكثرهم لا يعلمون ]ولو كان لهؤلاء العلم بالكون بقوانينه و سنن الله الحاكمة فيه لعرفوا ان كل عمل يتحول الى جزاء عاجلا او آجلا . خيرا او شرا ، تلك هي أبسط قاعدة حياتية ، فكيف لا تنتهي حياة الناس بالجزاء الشامل يوم القيامة ؟
[ 56] و الله يحي و يميت ، فهو قادر على احياء الناس بعد موتهم ، ولذلك فنحن نرجع اليه للحساب .
[ هو يحيي و يميت واليه ترجعون ]
[ 57] و الله الذي يذكرنا بنفسه ينزل القرآن الذي يتفجر من خلاله التذكرةبالله ، وهو موعظة من رب العالمين ، فالذي وفر للعاملين أسباب معيشتهم ، و هداهم اليها بالغريزة و العقل ، هو الذي أنزل القرآن ليكون جسرا بين الحقيقة و السلوك ، و يوجه البشر الى الاصلاح و يحذرهم من الفساد ، و السبيل الذي يتبعه الذكر لبلوغ هذا الهدف هو :
تزكية النفوس و تهيئتها لقبول الحقائق فهو شفاء لما في الصدور ، و النتيجة التي يحصل عليها الناس بعدئذ هي :
اولا : الهداية و معرفة ما ينبغي عمله وما يجب تركه .
ثانيا : الرحمة التي هي الرخاء و الرفاه و السعادة ، وهي خاصة بالمؤمنين المنفذين لتعاليم القرآن .
[ يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم و شفاء لما في الصدور و هدى و رحمة للمؤمنين ]السعادة الحقيقية :
[ 58] وعلى الناس ان يفرحوا عندما يطبقون مناهج الله ، و يحصلون من ورائها على السعادة و الفلاح ، لأنها سعادة حقيقية لكل الناس وفي كل زمان ، وحتى في الآخرة .
[ قل بفضل الله و برحمته فبذلك فليفرحوا ]
ربما يكون فضل الله هو القرآن و العترة و ائمة الهدى ، بينما رحمة الله ما ينتهي اليه العمل بالرسالة .
[ هو خير مما يجمعون ]
من حطام الدنيا الذي أمده قصير ، وخيره محدود في طائفة دون طائفة ، وهو بالتالي يختص بالدنيا فقط .
|