فصل:
الاول |
قبل |
بعد
| الاخير
| الفهرس
بينات من الايات
حكمة الارث :
[ 11] انطلاقا من طبيعة الدور الذي يكلف الذكر به في الحياة العامة وفي الحياة الزوجية وهو دور الانفاق و التوجيه الاشد صعوبة والاكثر جهدا ، فقد حدد القرآن للذكر ضعفي نصيب الانثى من الارث ، و عبر عن ذلك بقوله تعالى :
[ يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين ]
ويبدو هذا التعبير رؤية حياتية أكثر من ان يكون قاعدة قانونية .
فالذكر في طبيعته و دوره الفطري الذي خلق له ، هو ان يصبح له مثل حظ الانثيين في المجال الاقتصادي ، كما ان الانثى تملك مثل حظ الذكرين في المجالات الاخرى العاطفية و الجاذبية ، و القدرة على التربية .
و استعاض الله ( بالوصية ) عن صيغة الامر فقال ( يوصيكم ) للدلالة على ان في ذلك فائدة كبيرة لكم قبل ان تكون امرا عليكم .
هذا إذا كانوا اولادا مختلطين من ذكور و اناث ، اما لو كن اناثا فقط فإنهن يقتسمن ثلثي التركة بينهن بالسوية .
[ فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وان كانت واحدة فلها النصف ]أما بقيــة المـال : فان كان للميــت أبوان فإنهما يرثان الثلث فيما إذا كانتا اثنين و أكثر ، و ترث الام السدس ويرث الاب البقية فيما إذا كانت واحدة فلها النصف ، وكذلك يشاركهما الزوجان حسب التفصيل القادم .
اما إذا لم يكن للميت أبوان ولا زوج فإن بقية المال يرد على البنات أو الــبنت بطــريقة الرد .
[ ولأ بويه لكل واحد منهما السدس مما ترك ان كان له ولد فإن لم يكن له ولد و ورثه أبواه فلأمه الثلث ]اما الاب فنصيبه غير محدود فهو يأخذ البقية الباقية أنى كانت قلت أم كثرت ، فمثلا . إذا ماتت البنت فللأم الثلث أن كان للميت أم دون اولاد و للأب الثلثان الباقيان ، أما لو كان الميت إمرأة فلزوجها النصف مما تركت . و لأمها الثلث ، و يبقى لأبيها السدس فقط.
[ فإن كان له أخوة فلأمه السدس ]
لأن أخوة الميت يحجبون الأم عن سدس ارثها ، كل هذه التفاصــيل و الفــروضــات تحسب ...
[ من بعد وصية يوصي بها ]
الميت يتصرف في حدود ثلث المبلغ الذي خلفه لا أكثر ، الا إذا رضي الورثة بالزيادة فتعطى لمن وصى به حقه ، ثم تقسم التركة كذلك بعد الدين .
[ أو دين ]
فالديــن المتعلق بالميت مقدم على الوصية ، و على الورثة حتى ولو غطى التركة كلها .
ان الانسان يجب ان يرث أبناؤه كل ثروته دون أبويه ، و هما على شفا الموت بينما أبناؤه يستقبلون الحياة الحافلة بالمشاكل و الصعوبات ، من هنا يتساءل لماذا وضع الله نصيبا مفروضا للأبوين ؟ و يجيب القرآن الكريم على ذلك :
[ آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا ]
فربما يكون الآباء هم أقرب الى نفعكم من الابناء ، فلولا جهود أولئك و مساعيهم ، و لولا رعايتهم و لولا خبرتهم لكانت حياتكم جحيما ، فلابد ان تكون لهم مكافأة رمزية .
[ فريضة من الله ان الله كان عليما حكيما ]
موارد الارث :
[ 12] بعــد الحديــث عــن القــرابــة " الرحميــة " جـــاء دور القرابة الزوجية " السببية " ، و بين القرآن ان الزوج يرث نصف تركة الزوجة ان لم يكن لها ولد ، والا فالربع ، اما الزوجة فترث الربع ان لم يكن له ولد ، والا فالثمن .
و أكدت الآية أكثر من مرة ضرورة اداء دين الميت و أحترام وصيته ، و أكدتها هنا أكثر من الآية السابقة بأعتبار ان العلاقة الزوجية لا تكون قوية فيستأثر الوارث منها بالمال دون ان يعير وصية الميت انتباها .
[ ولكم نصف ما ترك أزواجكم ان لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكمالربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين و لهن الربع مما تركتم أن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين ]اما ارث الاخوة الذين يسميهم القرآن كلالة ، لانهم في طبقته يشكلون زينته كالا كاليل فإن اخوة الانسان من الام يرثون هكذا : إذا كان أخ الميت واحدا فإنه يورث سدس التركة ، اما إذا كان له أخوان أو ثلاثة فإن ثلث المال يخصص لهم فيتقاسمونه بينهم بالسوية ، لافرق بين الذكر و الانثى ( أي بين الاخت و الاخ ) .
لذلك قال ربنا :
[ وان كان رجل يورث كلالة أو امرأة ]
أي ان كان ميت يرثه أقاربه على طريقة الكلالة سواء كان الميت رجلا [ أو إمرأة ] .
وهناك مثل لارث الكلالة هو ان يكون للميت وارث واحد .
[ وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس ]
اما إذا كان له أكثر من ذلك أي اثنان فزائد فالحكم يختلف :
[ فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار ]إنما قدمت الوصية على الدين لان أكثر الناس يوصون بينما قد لا يكون الأمر كذلك بالنسبة الى الدين .
والا فإن الدين مقدم على الوصية لان الدين يتعلق بحقوق الناس .
ولكن الوصية يجب ان لا تكون بقصد الاضرار بالورثة ، وفي هذه الحالة تلغىالوصية بسبب قانون " الضرار " .
كما ان من كتب على نفسه دينا كاذبا بهدف الاضرار بورثته فإن أعتــرافــه هذا لا يؤخذ به ، ويتحقق القاضي في الامر ليرى هل هو مديون فعلا أم لا ؟ ...
[ وصية من الله والله عليم حليم ]
علــيم بما يفعله العباد ببعضهم من الظلم ، لكنه يحلم عنهم لفترة دون ان ينساهم ، إذ سيأتي يوم يؤخذ فيه المسيء بأشد الجزاء .
[ 13] يسمي القرآن أحكام الدين بـ ( الحدود ) تعبيرا عن الدقة المتناهية التي تتميز بها هذه الاحكام ، والتي من الضروري ان يراعيها المؤمن فليس من الصحيح الزيادة او النقيصة فيها باجتهادات خاصة أو حسب مصالح مؤقتة ، لأن أية زيادة أو نقيصة تحمل في طياتها عقوبة تجاوزها .
[ تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم ][ 14 ] [ ومن يعص الله و رسوله و يتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين ]ان الاستخفاف بحدود الله ينتهي الى الهوان في الاخرة ، ولأنه في الواقع يصل الى درجة معصية الله و التهاون به .
|